نحيي في هذه الأيام ذكرى (6) أكتوبر الحرب العربية المجيدة ضد الكيان الصهيوني، هكذا نفهمها نحن في الثورة الفلسطينية حيث خرجت الجيوش العربية لمقاتلة الكيان الصهيوني بعد فترة صمت قاتل وغير قصير، بغض النظر عن حدود القرار الذي وجه تحركها، وبعد حالة اللاسلم واللاحرب على الأوضاع العربية في مصر وسوريا، وعلى جيشها، وقوتها التي كانت أشد قسوة ومرارة على وضع الثورة الفلسطينية التي كانت تعيش في مأزق كبير على أثر الأحداث التي لحقت بها منذ عام 1970م. لقد كان اشتعال جبهات القتال العربية في وجه العدو مناسبة تاريخية وعاملاً أساسياً من عوامل الخروج من المأزق الذي عشناه. لقد كان اشتعال القتال إذكاء لروح المجابهة وإنعاشاً لآمال الجماهير، ودفعاً لحالة الظلم والقهر المهيمنة عليها. لقد وجدت الثورة الفلسطينية نفسها في تلاحم مصيري لا مثيل له مع الانطلاقة المقاتلة، وسوف تظل أيام القتال وساحاته وأعماق فلسطين شاهداً بارزاً على دور المقاتل الفلسطيني وعلى بطولاته.لقد كان انتصار حرب أكتوبر نتاجاً لخطة مدروسة تم الإعداد والتحضير لها عقب هزيمة 1967م، وفي عهد الرئيس الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، الذي عمل على ترتيب الأوضاع في المؤسسة العسكرية التي تحملت إلى حد كبير مسؤولية نكسة 1967م، وإعادة بناء الجيش المصري لخوض حرب التحرير. لقد كانت حرب الاستنزاف التي بدأها عبدالناصر تدريباً ميدانياً لتحقيق عدد من الأهداف، لعل أهمها استعادة الثقة في المقاتل واكتسابه مهارات قتالية وإرهاق المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بحرب مكلفة طويلة الأمد. ولقد اعترف الكيان الصهيوني بأن حرب الاستنزاف كانت شديدة الوطأة باهظة الثمن في تكاليفها وخسائرها على الجيش الإسرائيلي. ومما ليس فيه مجال للشك أن حرب أكتوبر أكدت أهمية النظرة الشاملة لمواجهة متطلبات المعركة على الجبهة العربية الواحدة، وضرورة تنسيق الجهد السياسي والعسكري العربي والارتقاء به إلى درجة وحدة التخطيط والتكامل في الجهد الميداني والسياسي والدبلوماسي. هذا ما جعل حكام إسرائيل يشعرون بأن حرب أكتوبر تفوق كل المراحل للصراع العربي الصهيوني، هذا ما دفع بالسيدة جولدمائير إلى مخاطبة الحكومة الإسرائيلية قائلة أنقذوا إسرائيل من دمار حتمي وهزيمة تتخطى حدود الأرض لتمس وجود الدولة وتنذر بزوالها. هذا ما فعلته وحدة الصف العربي، هذا ما فعلته حرب أكتوبر بالكيان الصهيوني. أين نحن اليوم نحن العرب من وحدة الصف في مواجهة الكيان الصهيوني المستمر في عدوانه على أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، المستمر في بناء المستوطنات، المستمر في تهويد القدس، المستمر في احتلاله الأراضي العربية. متى سنعيد بناء مؤسساتنا التي هدمت ودمرت في أكثر من بلد عربي لنتفرغ لمواجهة هذا السرطان الصهيوني الذي يبتلع الأرض الفلسطينية كل يوم؟. متى سيتوحد الموقف الفلسطيني وتنتهي الفرقة والقطيعة حتى تتم المصالح الفلسطينية - الفلسطينية؟. وفاؤنا لشهداء أكتوبر أن نحقق وحدة الصف العربي ووحدة الصف الفلسطيني ونصون حقوقنا الوطنية العربية والفلسطينية.
في ذكرى حرب أكتوبر المجيدة
أخبار متعلقة