أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة عدن في حديث لصفحة الأمن والحوادث:
التقته/ ياسمين أحمد عليجرائم السرقة نص عليها الدستور والقانون اليمني للحماية الجنائية لحق الإنسان في المال، وتنص القوانين على فرض عقوبات رادعة على مرتكبيها، وفعل السرقة سلوك مضاد للمجتمع ويتعارض مع القيم الدينية. صفحة الأمن والحوادث التقت بالدكتور نجيب سيف الجميل أستاذ القانون الجنائي المشارك والمحاضر في علم الإجرام وعلم العقاب بكلية الحقوق ووضعت على طاولته عدة أسئلة وإليكم الحصيلة:[c1]جريمة السرقة من المنظور القانوني والاجتماعي[/c]استهل الأستاذ الجميل حديثة قائلاً: يعد المال من حقوق الإنسان سواء كان هذا المال نقدياً أم عينياً، أي امتلاكه والانتفاع به والتصرف فيه واستعماله كيفما يشاء ووفقاً للقانون، وهذا ما تؤكده المادة (121) من القانون المدني اليمني رقم (14) لسنة (2002م)، وقد كفل الدستور اليمني حماية هذا الحق واحترامه في أخذ المبادئ التي نصت عليها المادة (7) وهو مبدأ حماية واحترام الملكية الخاصة كما كفل القانون اليمني الحماية الجنائية لحق الإنسان في المال من خلال تجريم أي فعل يقع على هذا الحق بما فيه فعل السرقة وفرض عقوبات رادعة على مرتكبه.[c1]تعريف جريمة السرقة وأحكامها القانونية[/c]وقال إن جريمة السرقة من المنظور الاجتماعي ظاهرة اجتماعية خطيرة كونها تعد سلوكاً لا اجتماعياً، أي سلوكاً مضاداً للمجتمع، ويتناقض مع قيمه ومبادئه فهي أفعال تتعارض مع القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية وتمس مصالح أفراد المجتمع بحيث تحدث اضطراباً اجتماعياً وتخل بميزان العدالة الاجتماعية.. أما من المنظور القانوني فالسرقة هي أخذ مال منقول مملوك للغير عمداً ومن دون رضاه وبنية تملكه سواء كان ذلك خفية أم بإكراه، إلا إن المشرع اليمني عرف السرقة في نص المادة (294) من قانون الجرائم والعقوبات بأنها (أخذ مال منقول مملوك للغير خفية مما يصح تملكه) فإذا وقعت على نصاب من المال في غير شبهة ومن حرز مثله بقصد تملكه دون رضا صاحبه وكان المال المسروق تحت يد صحيحة وبلغ قيمته النصاب المحدد أوجبت الحد الشرعي للحرابة، وإن كانت غير ذلك من الاختلاس أو النهب أو السلب عزر الجاني عليها طبقاً للقانون.ويتضح من خلال هذا النص أن المشرع اليمني أخذ بأحكام الشريعة الإسلامية عملاً بنص المادة (3) من الدستور التي اعتبرت الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات، لذا أورد ثلاثة أنواع من السرقة هي: السرقة الحدية، والسرقة التعزيرية، والحرابة على النحو التالي:السرقة الحدية: عرف المشرع اليمني السرقة الحدية في نص المادة (294) من قانون الجرائم والعقوبات بأنها: أخذ مال منقول مملوك للغير خفية مما يصح تملكه، وفي غير شبهة ومن حرز مثله بقصد تملكه دون رضا صاحبه، وبلغ قيمته النصاب المحدد ويتبين من هذا التعريف القانوني أنه لقيام السرقة الحدية يجب أن تتوافر عدة شروط هي :أن يكون أخذ المال خفية 2 - أن يكون المال منقولاً مملوكاً للغير 3 - أن يكون المال موضوعاً في حرز أي في المكان الحصين المعد لحفظ المال عادة بحيث لا يعد صاحبه مضيعاً له بوضعه فيه 4 - أن يكون المال نصاباً، أي أن تكون قيمته مثقالاً من الذهب يساوي نصف جنيه ذهب أبو ولد وتقدر قيمته بالريالات اليمنية حسب نص المادة (295) من القانون نفسه، وهذه القيمة تقدر في الوقت الذي يسبق تنفيذ حد السرقة، أي تنفيذ العقوبة الحدية بقطع اليد اليمنى للسارق من الرسغ. 5 - أن لا توجد شبهة في أخذ المال المنقول المملوك للغير، فإذا اختل واحد من هذه الشروط انتفى قيام السرقة الحدية، كما أنها لا تعتبر سرقة حدية وفقاً لنص المادة (299) من قانون الجرائم والعقوبات في الأحوال الآتية:إذا حصلت السرقة من الأماكن العامة أثناء العمل فيها أو من أي مكان مأذون للفاعل الدخول إليها ما لم يكن المسروق محرزاً. 2 - إذا حصلت السرقة بين الأصول والفروع أو بين الزوجين أو بين المحارم. 3 - إذا كان مالك المسروق مجهولاً. 4 - إذا كان المسروق ثماراً على الشجر أو ما يشابهها وأكلها أخذها من غير أن ينقلها إلى مكان آخر. 5 - إذا كان الفاعل دائناً لمالك المال بدين حال ثابت بحكم نهائي وكان المالك مماطلاً وما استولى عليه الفاعل يساوي حقه أو أكثر من حقه بما لا يصل إلى النصاب. 7 - إذا تعدد الفاعلون ولم يبلغ ما أصاب الواحد منهم نصاباً.والسرقة الحدية عقوبتها وفقاً لنص المادة (928) من القانون نفسه قطع اليد اليمنى للسارق من الرسغ حداً، فإذا كرر نفس الفعل تقطع رجله اليسرى من الكعب، فإذا عاد مرة ثالثة إلى ارتكاب ذات الجريمة يستبدل القطع بالحبس مدة لا تتجاوز خمس عشرة سنة، وإذا تعدد الفاعلون للسرقة أقيم الحد على كل واحد منهم بصرف النظر عما ساهم به في السرقة.إلا إن حد السرقة، أي القطع على النحو المبين أعلاه يسقط حسب نص المادة (299) القفزة الأولى إذا ثبت أمام المحكمة توفر حالة من الآتي: 1 - تملك الشيء المسروق بعد السرقة وقبل المرافعة أمام المحكمة. 2 - دعوى الملك المحتملة. 3 - نقص قيمة المال المسروق عن النصاب قبل تنفيذ الحد. 4 - عفو أصحاب المال المسروق قبل المرافعة أمام المحكمة. 5 - إذا لم يبلغ الجاني الثامنة عشر من العمر لحظة ارتكابه السرقة (هذه الحالة لم ينص عليه القانون). 6 - إذا أمر رئيس الجمهورية بإسقاط الحد متى اقتضت المصلحة ذلك (نصت عليه المادة (48) من قانون الجرائم والعقوبات) وعلى القاضي وفقاً لنص المادة (46) من نفس القانون عند نظر دعاوى جرائم الحدود استفصال المتهم عن جميع مسقطات الحد ويبطل حكم الإدانة إذا ثبت أن القاضي لم يقم بذلك. ويمكن إثبات جريمة السرقة وفقاً لنص المادة (297) من قانون الجرائم والعقوبات بالطرق الآتية: 1 - الاعتراف أمام القضاء ما لم يعدل عنه قبل تنفيذ العقوبة، أي قبل تطبيق الحد. 2 - شهادة رجلين عدلين. 3 - شهادة رجل وامرأتين عدول.أي أن تخلف هذه الطرق الثلاث لإثبات جريمة السرقة الحدية يسقط تطبيق الحد.ويلاحظ مما سبق اهتمام المشرع اليمني بجريمة السرقة الحدية، إذ خصص لها عدة مواد قانونية (294 إلى 299) تضمنها قانون الجرائم والعقوبات بينما أفرد للسرقة التعزيرية بنوعيها (خفية وبالإكراه) مادتين قانونيتين فقط، ويرجع ذلك إلى أخذه بأحكام الشريعة الإسلامية في ذلك بخلاف الكثير من التشريعات العقابية العربية، إلا إن تلك النصوص القانونية العديدة المتعلقة بجريمة السرقة الحدية لا تطبق في الواقع العملي لاسيما من قبل القضاء وخاصة عقوبة هذه الجريمة المتمثلة بتطبيق الحد وهو قطع اليد اليمنى للسارق من الرسغ، وفي حالة تكراره لنفس الفعل تقطع رجله اليسرى من الكعب وربما يرجع ذلك إلى عدم توافر أي شرط من شروط تطبيق الحد التي أوردتها سابقاً وسقوط الحد لأي سبب من الأسباب التي نص عليها القانون وسبق ذكرها أو لتوافر شبهة معينة تسقط الحد (فالحدود تدرأ بالشبهات) أو قد يعود ذلك إلى السياسة الجنائية التي تتبعها الجمهورية اليمنية، والتي تمنع تطبيق مثل هذا النوع من العقوبات البدنية التزاماً بما صادقت عليه من اتفاقيات أو مواثيق دولية تتعلق بحقوق الإنسان، وعملاً بالأخذ بالإصلاح والتأهيل كغرض أساسي للعقوبة بدلاً عن الردع والزجر، فالمشرع اليمني يهدف من النص على تلك العقوبة الحدية الشرعية إلى ردع وزجر عامة الناس وتخويفهم وترهيبهم بها حتى لا يقوموا بسرقة أموال وممتلكات الغير.السرقة التعزيرية: تعد هذه الجريمة من جرائم التعازير التي لم تحدد لها عقوبة في القرآن الكريم أو في السنة النبوية الشريفة، فالنص عليها وتحديد عقوبتها متروك لولي الأمر وتقديره أي السلطة التشريعية الممثلة بمجلس النواب في اليمن وتكون عقوبتها تعزيرية أي تأديبية.والمشرع اليمني في نص المادة (300) من قانون الجرائم والعقوبات اعتبر السرقة تعزيرية وليست حدية في حالة عدم توافر شروط الحد في فعل الجاني أو سقط الحد لأي سبب من أسباب السقوط التي نص عليها القانون والتي سبق ذكرها، وقد قسمها إلى نوعين: سرقة خفية من دون إكراه أو تهديد، وسرقة بإكراه أو تهديد كان من شأنه تعريض حياة المجني عليه أو صحته للخطر، إلا إن المشرع اليمني لم يخصص نصوصاً كافية في قانون الجرائم والعقوبات يبين فيها أركان السرقة التعزيرية، وأحكامها أسوة بالسرقة الحدية كما أنه لم يبين المقصود بجرائم الاختلاس والنهب والسلب التي أوردها في نص المادة (294) من نفس القانون، ولم يبين أركانها أو ينظم أحكامها، لاسيما النهب والسلب. وقد عاقب القانون اليمني على السرقة التعزيرية العادية بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، وفي حالة الشروع في الجريمة تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة أو الغرامة. أما السرقة التعزيرية التي يصاحبها إكراه أو تهديد كان من شأنه تعريض حياة المجني عليه أو صحته للخطر أو وقعت الجريمة من شخصين فأكثر باستعمال أسلحة أو أشياء أخرى تستعمل كأسلحة، ونتج عند استعمال القوة حدوث جراح بالغة فقد عاقب عليها القانون بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات دون الإخلال بالقصاص أو الدية أو الأرش حسب الأحوال، وفي حالة الشروع في هذه الجريمة تكون العقوبة الحبس الذي لا يتجاوز مدته خمس سنوات، وإذا كان المشرع اليمني في هذا النص القانوني الوارد في المادة (301) من قانون الجرائم والعقوبات شدد عقوبة السرقة التعزيرية بتوافر ظرفين مشددين للعقوبة هما: 1 - الإكراه أو التهديد الذي من شأنه تعريض حياة المجني عليه أو صحته للخطر. 2 - وقوع السرقة من شخصين فأكثر استعمال أسلحة أو أشياء أخرى تستعمل كأسلحة، ونتج عن استخدام القوة حدوث جراح بالغة، إلا إن ذلك في نظري ليس كافياً فالقانون ربط ظرف تعدد الجناة باستعمال الأسلحة، ليس هذا فحسب، بل أيضاً يجب أن يتسبب عن استخدام القوة حدوث جراح بالغة لكي يتم تشديد العقوبة بحق الجناة مع أنه كان يتعين على المشرع أن يجزئ الظرف الثاني إلى عدة ظروف مشددة للعقوبة هي: 1 - تعدد الجناة في السرقة. 2 - حمل الأسلحة أثناء السرقة سواء كانت أسلحة نارية أو بيضاء. 3 - استعمال الأسلحة لارتكاب السرقة. 4 - حدوث جراح بسيطة أو بالغة.إضافة إلى هذه الظروف المشددة لعقوبة السرقة التعزيرية هناك ظروف أخرى لم ينص عليها القانون لا تقل خطورة عن تلك الظروف المنصوص عليها، وتستدعي تشديد العقوبة في حالة توافرها، مما يتطلب في رأيي النص عليها في القانون، وهذه الظروف هي: 1 - أن يكون زمن ارتكاب السرقة ليلاً. 2 - أن يكون المكان الذي تحدث فيه السرقة مأهولاُ كالمنازل ودور العلم والمساجد....الخ. 3 - أن يكون المجني عليه طفلاً أو امرأة. 4 - أن تكون صفة الجاني حارساً أو من الخدم أو غيرهم من الأشخاص المؤتمن عليهم. 5 - أن يكون للجاني سوابق إجرامية في السرقة.وأوضح الأستاذ الجميل أن المشرع اليمني جرم في المادة (303) من قانون الجرائم والعقوبات تحريض الصغار على السرقة وإن لم تقع الجريمة بناءً على ذلك التحريض، وعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز ألفي ريال، وجريمة السرقة سواء الحدية أو التعزيرية ترتكب عمداً، أي بتوافر قصد جنائي عام بعنصريه: العلم، الإرادة، فالسارق يعلم أنه يرتكب فعلاً جرمه الشرع والقانون وهو السرقة، وتتجه إرادته إلى إتمامه وتحقيق النتيجة الإجرامية التي أرادها، إضافة إلى ذلك تتطلب جريمة السرقة توافر القصد الجنائي الخاص لدى الجاني، والمتمثل بنية تملك المال المسروق.[c1]العوامل المسببة لجريمة السرقة[/c]وفي سياق حديثه أفاد الأستاذ الجميل أن الجريمة بما فيها جريمة السرقة حصيلة تفاعل عدة عوامل مرتبطة بشخص الجاني، وبالبيئة التي يعيش فيها، ولذا فإن العوامل المسببة لجريمة السرقة يمكن تقسيمها إلى قسمين:أ - عوامل بيولوجية ونفسية: وهي عوامل مرتبطة بالتكوين العضوي والنفسي والعقلي للجاني ومن أمثلة هذه العوامل المسببة لجريمة السرقة ما يلي:وجود ميل أو استعداد إجرامي معين لدى الجاني لارتكاب جريمة السرقة.توافر أمراض نفسية أو عقلية معينة لدى البعض من مرتكبي جرائم السرقة.إدمان الخمور والمخدرات لاسيما حبوب الهلوسة أو الحبوب المخدرة، مما يؤثر سلباً على القدرات الذهنية والعقلية بحيث قد يدفع ذلك إلى ارتكاب جرائم السرقة.وجود شذوذ أو اضطراب في غريزة التملك، ما ينتج عنه وجود حب شديد أو مفرط للمال أو لأشياء معينة أو الطمع في الاستيلاء على المال أو تملك أشياء معينة، وقد يدفع ذلك لارتكاب جرائم السرقة.ب - عوامل اجتماعية واقتصادية: وهي عوامل متعلقة بالبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الجاني.. وأهم هذه العوامل المسببة للسرقة ما يلي:1 - التربية غير السليمة، وعدم وجود اهتمام أو رعاية أسرية على الأبناء، وانعدام الرقابة على سلوكهم. 2 - تقصير المدرسة في واجباتها في التربية والتهذيب والتعليم والتوعية، وتوفير ظروف مدرسية ملائمة للتلاميذ، وتقصيرها في دورها الرقابي على سلوكهم. 3 - الاختلاط برفقاء السوء لاسيما في الشارع، وتعلم السلوك الإجرامي، لاسيما أساليب وطرق السرقة. 4 - ضعف القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية لدى بعض أفراد المجتمع. 5 - انعدام أو ضعف الوازع الديني. 6 - الفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لكثير من الأسر اليمنية وأفرادها. 7 - زيادة متطلبات الحياة لاسيما في المدن. 8 - زيادة الأسعار، لاسيما أسعار المواد الاستهلاكية، وهبوط سعر العملة المحلية، وتأثير ذلك على دخل الفرد، ومستوى معيشة أفراد المجتمع اليمني. 9 - انتشار البطالة، لاسيما في أوساط الشباب، وصعوبة الحصول على الأعمال والوظائف مما يؤثر سلباً على أوضاعهم المعيشية، وأوضاع أسرهم. 10 - انتشار الجهل (الأمية) بين أفراد المجتمع اليمني فالشخص الجاهل أو الأمي يكون إدراكه بالأمور المحيطة وعواقبها ضعيفاً، ويكون سريع التأثير بالظروف المحيطة والاستجابة لها، وسهل الخضوع لتعريض أو إغراء معين يقع عليه ويدفعه إلى السلوك الإجرامي بما فيه ارتكاب جرائم السرقة، كما ان إمكانياته ومؤهلاته وخبراته تكون ضعيفة أو منعدمة، وبالتالي يكون أقل حظاً في الحصول على عمل أو وظيفة مما قد يدفعه إلى ارتكاب جرائم السرقة. 11 - تعاطي وإدمان الخمور والمخدرات، وكذلك تعاطي القات بشكل منتظم أو مستمر قد يدفع إلى الحصول على المال لشراء تلك المواد بارتكاب جرائم السرقة. 12 - الكثافة السكانية والازدحام في الأسواق والأماكن العامة والطرق قد يدفع البعض إلى ارتكاب السرقة “النشل”. 13 - انتشار ظاهرة التسول والتشرد، لاسيما في المدن. 14 - تأثير الوسائل الإعلامية، لاسيما المقروءة والمرئية وما تعرضه من قصص وأفلام تتعلق بجريمة السرقة من حيث كيفية ارتكابها، والوسائل والأساليب المستخدمة فيها، وطرق تظليل أجهزة العدالة في القبض على مرتكبيها...الخ. 15 - عدم تطبيق العقوبة الشرعية لجريمة السرقة الحدية في إقامة الحد على الجاني، وأيضاً عدم النص في القانون على عقوبات رادعة لجريمة السرقة التعزيرية في حالة سقوط الحد لأي سبب من الأسباب التي نص عليها القانون، وكذلك عدم النص على العديد من الظروف التي من شأنها تشديد العقوبة في حالة توافرها في جريمة السرقة التعزيرية. 16 - انعدام أو ضعف برامج الإصلاح والتأهيل داخل السجون مما يؤثر سلباً في إمكانية إصلاح وتأهيل المسجونين بعد قضاء عقوباتهم في السجون بمن فيهم مرتكبو جرائم السرقة، وهذا من شأنه عرقلة إندماجهم في المجتمع، وتكيفهم فيه، ويقف مانعاً أمام شق طريقهم نحو الحياة الكريمة والشريفة، ما يؤدي إلى عودتهم مرة أخرى إلى السلوك الإجرامي، لاسيما بارتكاب جرائم السرقة، وبالتالي انتشار ظاهرة العودة إلى الجريمة. 18 - غياب أو ضعف التوعية الدينية والاجتماعية والقانونية بمخاطر جرائم السرقة والعواقب المترتبة عنها، لاسيما من قبل وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة، وكذلك من قبل الجهات المختصة بمكافحة الجريمة، وخاصة وزارة الداخلية وإداراتها في المحافظات اليمنية.وتطرق الأستاذ الجميل إلى وسائل مكافحة جريمة السرقة بقوله: هناك جملة من الوسائل الوقائية والعلاجية التي من شأنها الوقاية من جريمة السرقة ومكافحتها في المجتمع اليمني، وهذه الوسائل مختلفة ومتنوعة منها وسائل قانونية، ووسائل اجتماعية، ووسائل اقتصادية، ووسائل ثقافية ووسائل أمنية، وسوف أورد أهمها في الآتي:أ - الوسائل القانونية: وهي وسائل وقائية وعلاجية تهدف إلى تحقيق المنع من ارتكاب جرائم السرقة أو العودة إليها، بردع وزجر أفراد المجتمع من القيام بذلك، وأهم هذه الوسائل ما يلي: 1 - تفعيل نصوص قانون الجرائم والعقوبات المتعلقة بجريمة السرقة الحدية، وتطبيق العقوبة الشرعية بإقامة الحد على مرتكبيها إذا توافرت شروط قيام هذه الجريمة، وشروط تطبيق الحد، ولم توجد شبهة ما تمنع ذلك، وكذلك تفعيل نصوص القانون المتعلقة بسرقة المال العام أو بالاختلاس. 2 - اعتبار سرقة أو اختلاس المال العام من قبل الموظف العام جريمة سرقة حدية إذا توافرت شروط قيامها، وتطبيق الحد الشرعي عليه إذا توافرت شروط تطبيقه، إذ من غير المعقول أن يتم إقامة الحد بقطع اليد اليمنى لسارق المال الخاص الذي يبلغ النصاب الشرعي أكان عشرة ألف ريال أو حتى خمسة آلاف ريال (إذا كان هذا المبلغ يساوي نصف جنيه ذهب أو ولد) ويترك لصوص المال العام المسروق المقدر بملايين الريالات دون تطبيق الحد الشرعي بحقهم أو حتى تطبيق العقوبة التعزيرية وهي الحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات المقدرة بجريمة اختلاس المال العام. 3 - النص في القانون على الظروف المشددة للعقوبة في حالة سقوط الحد الشرعي للسرقة، والتي ذكرتها في سياق الموضوع. 4 - تشديد عقوبة السرقة التعزيرية، أي في حالة سقوط الحد لأي سبب من الأسباب المنصوص عليها في القانون سواء كانت سرقة عادية أو توافرت فيها ظروف مشددة للعقوبة. 5 - تشديد عقوبة جريمة تحريض صغار السن على السرقة وإن لم تقع الجريمة بناءً على ذلك التحريض بحيث يكون الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات بدلاً من سنة وإلغاء عقوبة الغرامة التي لا تتجاوز ألفي ريال لعدم جدواها في تحقيق الردع أو الزجر وكذلك النص على عقوبة الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات ولا تقل عن سنتين في حالة أن ترتب عن ذلك التحريض قيام صغير السن بارتكاب السرقة. 6 - تفعيل نظام “مراقبة الشرطة” كعقوبة تكميلية أو تدبير احترازي المنصوص عليه في المادتين (102،107) من قانون الجرائم والعقوبات من قبل القضاء، وتطبيقه على معتادي جرائم السرقة. 7 - تفعيل نصوص قانون تنظيم السجون النافذ بتطبيق أساليب المعاملة العقابية التي تهدف إلى إصلاح وتأهيل المسجونين بما فيهم مرتكبي جرائم السرقة، وبالتالي الحيلولة دون عودتهم مرة أخرى إلى ارتكاب جرائم السرقة.ب الوسائل الاقتصادية: وهي وسائل تهدف إلى تحسين المستوى الاقتصادي والمعيشي لأفراد المجتمع، والقضاء أو الحد من أهم العوامل الدافعة إلى ارتكاب جرائم السرقة وهي الفقر والبطالة، وأهم الوسائل ما يلي: 1 - مكافحة ظاهرة الفقر في المجتمع اليمني من خلال قيام الدولة والحكومة بوضع البرامج والإستراتيجيات الاقتصادية وتنفيذها على أرض الواقع. 2 - تفعيل نصوص قانون الرعاية الاجتماعية بتقديم الدعم المادي للأسر الفقيرة، وأسر المسجونين الفقراء والمفرج عنهم من المسجونين بعد قضاء عقوباتهم. 3 - مكافحة البطالة بتوفير فرص عمل ووظائف للعاطلين عن العمل. 4 - زيادة الأجور في كل المرافق والمؤسسات والهيئات الحكومية ومرافق القطاع المختلط والخاص. 5 - الحفاظ على استقرار الأسعار لاسيما أسعار المواد الاستهلاكية، وفرض رقابة عليها، وكذلك استقرار العملة الوطنية. 6 - تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي، وتوفير المناخات المناسبة له.ج - الوسائل الاجتماعية والثقافية: وهي وسائل وقائية من شأنها بناء الشخصية الإنسانية السوية وتعزيز وترسيخ قوة المنع من الجريمة لدى الفرد، كما من ِشأنها القضاء أو الحد من العوامل الاجتماعية المسببة للجريمة، لاسيما جريمة كالسرقة، وأهم هذه العوامل ما يلي: 1 - التربية السليمة والاهتمام والرعاية بالأبناء من قبل أسرهم، والرقابة على سلوكهم وتصرفاتهم. 2 - الدور التربوي والتعليمي الفعال الذي تقوم به المدرسة تجاه التلاميذ، والرقابة على سلوكهم، وتوفير البيئة المدرسية المناسبة لهم. 3 - زرع القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية وترسيخها لدى أفراد المجتمع من قبل الأسرة، والمدرسة والمسجد، ووسائل الإعلام المختلفة وغيرها من الجهات . 4 - مكافحة الجهل “الأمة” في أوساط أفراد المجتمع اليمني باعتباره من العوامل المسببة للسلوك الإجرامي بما فيه ارتكاب جرائم السرقة. 5 - مكافحة ظاهرتي التسول والتشرد بتوفير الحلول والمعالجات لظروف الصعبة التي يعيشها المتسولون والمتشردون. 6 - مكافحة ظاهرة تعاطي وإدمان الخمور والمخدرات، لاسيما الحبوب المخدرة، وإنشاء المستشفيات المتخصصة لعلاج الأشخاص المدمنين على تلك المواد، وبالتالي القضاء أو الحد من جرائم السرقة التي يكون دافعها الحصول على المال لشراء تلك المواد المسكرة أو المخدرة. 7 - نشر الوعي الديني والاجتماعي والقانوني بمخاطر جريمة السرقة وعواقبها، لاسيما عبر وسائل الإعلام المختلفة والمدارس، والمعاهد والجامعات والمساجد....الخ. 8 - توفير الرعاية الاجتماعية اللاحقة للمخرج عنهم من المسجونين، لاسيما من مرتكبي جرائم، وذلك بإرشادهم وتوجيههم إلى الطريق الصحيح والحياة الصالحة، ومساعدتهم في الحصول على الطعام والمأوى والملبس، وتوفير أعمال لهم تساعدهم على العيش الكريم والتكيف الاجتماعي ومن ثم عدم العودة إلى طريق الجريمة وهذا يقع على عاتق الدولة ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ومنظمات المجتمع المدن والجمعيات الخيرية ورجال الأعمال وغيرها من الجهات والأفراد.