في بيان مشترك لمنظمات الأمم المتحدة المختصة بالغذاء
عرض / بشير الحزميأكدت وكالات الأمم المتحدة المختصة بالغذاء التي تتخذ من العاصمة الإيطالية مقراً لها، وهي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «FAO» والصندوق الدولي للتنمية الزراعية «IFAD» وبرنامج الأغذية العالمي «WFP» عبر بيان مشترك حول الأسعار الدولية للغذاء صدر مؤخرا إن التحدي - والفرصة - كلاهما ماثل في التقليل من هذا الخطر وتبديد تركزه.وأضافت أن الطريق الأكثر وضوحاً هو الترويج لإنتاج غذائي مستدام لدى البلدان المستوردة الفقيرة، حيث تتوافر إمكانيات ضخمة في أغلب الأحيان للنهوض بالإنتاج. ومن شأن ذلك أن يوفر غذاء أكثر في الأسواق المحلية ويتيح فرص عمل وموارد للدخل، خصوصاً في المناطق الريفية التي يقطنها 70 % من فقراء عالم اليوم. ولا بد من أن نعالج المشكلة العالمية الماثلة في أن ثلث الغذاء المنتج على النطاق الدولي يهدر أو يؤول إلى التلف الكلي أو الجزئي وغير ذلك من الخسائر.وأشار البيان المشترك حول الأسعار الدولية للغذاء إلى أن الوضع الراهن في أسواق الغذاء العالمية بما يغلب عليه من زيادات حادة في أسعار الذرة الصفراء والقمح وفول الصويا يثير مخاوف من أن تعاود أزمة الغذاء العالمية التي شوهدت إبان الفترة 2007 - 2008 ظهورها مجدداً. غير أن العمل الدولي السريع والمنسق بوسعه أن يحول دون ذلك، وينبغي لنا أن نتصرف على عجل لضمان ألاّ تتحول هذه الصدمات الناجمة عن الأسعار إلى كارثة تحيق بعشرات الملايين من الأشخاص على مدى الأشهر المقبلة.وذكر البيان أن ثمة مشكلتين مترابطتين ينبغي معالجتهما معاً، هما القضية ذات الطابع الفوري لارتفاع أسعار المواد الغذائية، بما يمكن أن يؤثر على البلدان المعتمدة على استيراد الغذاء وأشد الفئات السكانية فقراً؛ وقضية الأجل البعيد التي تتعلق بكيفيات إنتاج الغذاء وتجارته واستهلاكه في غضون عصر يتسم بتزايد السكان والطلب وتغير المناخ.ولفت البيان إلى أننا اليوم في غمار الاستجابة لتلك التحديات في وضع أفضل مما كنا عليه قبل خمس سنوات. حيث تم تطوير سياسات جديدة وآليات مستجدة، مثل فريق المهمات التنفيذي الرفيع المستوى للأمم المتحدة المختص بالأمن الغذائي العالمي، ونظام معلومات الأسواق الزراعية «AMIS» لدى البلدان العشرين الكبرى (G20)، بما يتيحه من تحسين شفافية الأسواق العالمية. بما في ذلك وجود منتدى الاستجابة السريعة في إطار نظام معلومات الأسواق الزراعية لتسهيل ردود السياسات المنسقة من قبل المنتجين الرئيسيين في العالم للحبوب وفول الصويا والأطراف التجارية الكبرى، في حالة وقوع اضطرابات حادة في الأسواق الدولية.وجاء في البيان المشترك لمنظمات الأمم المتحدة الثلاث « قد وقفنا على أن الآثار السلبية لا تسري على الجميع سواسية إذ أن فقراء الحضر والريف لدى البلدان المعتمدة على استيراد الغذاء هم الأشد عرضة قاطبة لأضرار ارتفاع أسعار السلع الدولية، حين تطول تلك الأسواق المحلية، لأن هؤلاء ينفقون القسط الأكبر من دخلهم على شراء الغذاء. وفي هذا السياق يمكن لمزارعي الحيازات الصغرى أيضاً، وكثيرون منهم يعانون الفقر وتزعزع الأمن الغذائي، الإفادة من أسعار المواد الغذائية الأعلى ليصبحوا جزءاً من الحلّ من خلال تخفيف حركة الزيادات المفاجئة في الأسعار والمشاركة في تحسين مستويات الأمن الغذائي عموماً. وعلى هذا الأساس تبنينا نهج المسار المزدوج لتدعيم الاستثمارات الطويلة الأجل في الزراعة، ولا سيما لفئة صغار المزارعين، في وقت نضمن فيه أن شبكات الأمان ستساعد المستهلكين ومنتجي الغذاء الفقراء على تجنب الوقوع في شراك الجوع وبراثن الفقر وخسارة الأصول والممتلكات على المدى القصير » .وأشار البيان إلى أن العديد من البلدان يمتلك نظماً للحماية الاجتماعية بما في ذلك شبكات الضمان الاجتماعي مثل مساعدة صغار المزارعين والدعم التغذوي للأمهات والأطفال، والوجبات الغذائية المدرسية وغيرها فيما يتيح لأفقر مواطنيهم الحصول على الحد الأدنى من الغذاء الكافي فلم تزل ثمة حاجة ماسة إلى التوسع في تلك الشبكات لدى البلدان الأشد فقراً. وذكر البيان أن توافر شبكات الضمان الاجتماعي على نحو ممكن مادياً وشفاف ويمكن التنبؤ به يظل مطلباً مطلقاً إذا كان لنا أن نوفر الحماية اللازمة إزاء الصدمات والأزمات السعرية المتكررة. ومن الضروري أن يصبح صغار منتجي الغذاء أيضاً في وضع أفضل لزيادة إنتاجيتهم، وتحسين وصولهم إلى الأسواق وتخفيف تعرضهم إلى الأخطار الاقتصادية. ولا حاجة إلى التأكيد على أن ثمة حاجة إلى فرص عمل لائقة ودخل كاف كي يتمكّن الناس من شراء الغذاء والنجاة من براثن الفقر.وأورد البيان انه في سياق الرد على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، تكتسب الاعتبارات التي يجب أن نتجنبها نفس الأهمية كتلك التي يتوجب علينا أن نعنى بتحقيقها. فلا بد أن تتجنب البلدان التهافت على الشراء وتمتنع عن فرض قيود التصدير كاجراءات قد تساعد بعض المستهلكين داخلياً وعلى نحو مؤقت، لكنها تظل عموما تدابير مفتقرة إلى الكفاءة كحل وتزيد صعوبة الأوضاع بالنسبة للآخرين.وشدد البيان على ما ينبغي تفهمه قبل أي اعتبار آخر هو أن أسعار المواد الغذائية المرتفعة هي بمثابة أعراض المرض وليست المرض ذاته. لذا بينما يتعين على المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات مبكّرة لمنع الزيادات المفرطة في الأسعار، يلزم عليه آيضاً أن يتحرك للتصرف ومعالجة الأسباب الأساسية الكامنة وراء حركة الزيادة السعرية المفاجئة تلك.وقال البيان المشترك انه في غضون السنوات الخمس الأخيرة شهدنا ثلاث قفزات مفاجئة في أسعار الغذاء الدولية، وكان المناخ من بين العوامل الدافعة لذلك. وعملياً أدى الجفاف في إجزاء من العالم إلى تقويض إنتاج الحبوب العالمي بين سنة وأخرى منذ عام 2007، في حين تمخضت الفيضانات الكبرى في مناطق أخرى عن إلحاق أضرار خطيرة حقاً بالإنتاج المحصولي. وفي موازاة ذلك، دفع التحويل المتزايد لمخزونات الغذاء في خدمة الأهداف غير الغذائية إلى جانب المضاربات المالية المتزايدة، من بين جملة أسباب متنوعة، بمستويات الأسعار إلى الارتفاع وعدم الثبات. وإلى أن نجد الطريق إلى كيفية مقاومة الصدمات والصمود أمام تغير المناخ بقدر ما يتعلق الأمر بنظامنا الغذائي سيبقى الخطر قائماً. وعلى المدى القريب أيضاً ينطوي ذلك على تكاليف ليس فقط للفئات المتضررة مباشرة، بل للمجتمع الدولي عموماً. فعلى سبيل المثال، قدر برنامج الأغذية العالمي أن كل زيادة في أسعار سلة غذائها بنسبة 10 بالمائة إنما تعني أن عليه أن يدبر 200 مليون دولار أمريكي إضافي في السنة الواحدة للمعونة الغذائية.ونوه البيان المشترك لمنظمات الأمم المتحدة بأن الجميع عرضة للتضرر، فحتى في سنة جيدة، لا يكاد يكفي إنتاج الحبوب العالمي لتلبية المطالب المتزايدة على الغذاء والعلف والوقود وفي عالم يضاف إليه كل سنة 80 مليون فم جديد فاغر طلباً للغذاء. إننا جميعاً في خطر لأن حفنة من الأمم فقط منتجون كبار للسلع الغذائية الرئيسية، ومتى تضرر هؤلاء يتأثر جميع الآخرين.وجاء في البيان إن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وبرنامج الأغذية العالمي تقوم على مساعدة الفقراء لتدبير غذاء اليوم مع بناء مرونتهم وقدراتهم لتغذية أنفسهم غداً. لكن ثمة الكثير الذي يتعين أن يبذل بعد، إذ علينا أن نستثمر أكثر بكثير في الزراعة والحماية الاجتماعية، بما في ذلك البرامج التي تساعد الفقراء على تحصيل الغذاء الذي أضحى لا قبل لهم بشرائه في أسواقهم المحلية.واختتم البيان بالدعوة لننظر في السياسات موضع التطبيق حالياً وتعديلها حيثما يلزم ذلك لتشجيع الاستخدامات البديلة للحبوب. فعلى سبيل المثال، صدرت توصيات لتعديل الكميات الإجبارية المقتطعة لإنتاج الوقود الحيوي حين تقع الأسواق العالمية تحت وطأة الضغوط وتتعرض الإمدادات الغذائية للخطر... من قبل مجموعة منظمات دولية تتضمن المنظمة «فاو»، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «UNCTAD»، وبرنامج الأغذية العالمي، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية. وهذه التوصيات التي صدرت في غضون مؤتمر قمة مجموعة البلدان العشرين الكبرى في باريس عام 2011، لم تزل قائمة.وقال إن التحرّك للحيلولة دون مزيد من التدهور الممكن في الأوضاع الراهنة،يتطلب مواصلة أن نحاذر ونستعدّ للأسوأ على المدى القريب، بينما نعمل على إتاحة الحلول المستدامة للأجل البعيد. فما يعنيه الإخفاق في ذلك أن الفئات الأضعف والأشد فقراً في العالم سوف تدفع أفدح ثمن حتماً. بينما ينطوي نجاحنا في ذلك على أن نستجيب لتحدي «تقليص الجوع إلى الصفر»، وهي المبادرة التي طرحها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لاستئصال شأفة الجوع من وجه الأرض.