(قصة قصيرة)
نظر إلي و مد يده للسلام علي مودعا، فأحسست رغبة بالبكاء و أردت أن ارتمي بين أحضانه، و لكن مسكت نفسي و مددت يدي إليه و قلت له : في أمان الله تذهب و تعود بالسلامة.. فابتسم لي قائلا : أشكرك وداعاً سافر و عاد إلى وطنه و اخذ قلبي معه كنت أتمنى لو أنه بقي معي و لم يذهب ،أغمضت عيني و شهقت بألم و بدأت بالبكاء، سرت في الطريق عائدة إلى بيتي و ما زال الدمع كالفيضان ينساب على خدي، آه كم أحبه و كم غيابه سيعذبني، و لكن هل يعلم أنني أحبه و إني أهيم حبا به، ربما يعلم و لكنه يتجاهلني، و ربما لا يعلم . يا إلهي ماذا أفعل مع روحي الذي تعشق هواء روحه . عدت إلى بيتي و أغلقت علي باب غرفتي فتذكرته و أتذكر وقائعه معي و تصرفاته و كلامه و نبرة صوته و ملامحه وسكناته، كل شيء فيه اذكره و لكن هل يتذكرني أو اخطر على باله كما هو يشغل فكري . بدأت استرجع ماضي الجميل معه لحظة بلحظة، شعرت بإحساس غريب و أن قلبي سيطير إليه عندما رايته أول مرة في المعهد، تعرفت عليه بحكم الزمالة في الدراسة فشعرت باهتمامه بي من نظراته و استغلاله لأي فرصة للحديث معي حتى أحسست بان قلبي التقى معه قبل أن التقي به و اختصر المسافات الذي بيننا و عدى كل الحواجز حتى اجتمعنا معاً.كان زميلي فصار صديقي و من ثم أصبح حبيبي. فكلما أحتجت شيئًا أجده واقفا معي. يساندني و ينصحني و يهتم بي حتى لاحظ الجميع مدى رعايته لي حتى أنني صدقت نفسي بأنني محبوبته التي لا يمكنه الاستغناء عنها و أنني فتاة أحلامه. كنت ارجع إلى بيتي من المعهد و أنا أفكر به، أتناول الطعام وذكراه تأتي على مخيلتي. أشاهد البرامج والأفلام وكثيرا ما يخطر على بالي حتى ينسيني متابعة التلفاز. وكلما قرأت قصة أو رواية أتخيله البطل المغوار. وأغمض عيني قبل النوم فاحلم به شتى صنوف الأحلام. و أتخيله و هو يصارحني بحبه و يتقدم لخطبتي. و تارة أتخيل نفسي عروسا تزهو بثوبها الأبيض المطعم باللؤلؤ و الألماس و طرحتي الطويلة التي أتدلل بها و أنا أسير حاملة باقة من القرنفل بيدي اليمني و أتأبط ذراعه بيدي اليسرى في عرس كبيرا مزين بالورد و الزينة الجميلة، وتارة أخرى احلم به و أنا معه في منزلنا أشاركه كل أنواع الحب و العلاقة بين أي زوجين ذوبهما الحب والتفاهم، وأخيرا أرى نفسي أما لأولاده.كان أحيانا يتصل بي فنتبادل الحديث لدقائق و أحيانا يرسل لي رسائل حلوة التعبير و كان أقصى ما يقوله أنني إنسانة مميزة عنده. و لكن كنت أريد أن اسمع منه الكثير. أريده أن يصارحني بحبه و يتفنن بكلامه و شاعريته معي و لكن لم يفعل . كنت أريد الشعور بحبه اتجاهي كان مستعدا أن يفعل أي شيء لي. إلا أنه لم يصارحني أبدا بحبه.مرت الأشهر و انتهى الفصل الدراسي، و عاد إلى وطنه وغاب بضعة أشهر و ثم عاد ، التقيت به مجدداً و كان لقاؤنا أكثر صراحة من قبل، حتى بدأت مشاعره أكثر تفتحا ولكن على الرغم من ذلك لم يصارحني بحبه . كشفت له عن مشاعري كنت أقول له أنني أحبه في أكثر من مناسبة و أنه قريب مني مثل روحي التي تلازمني، و لكن ليس بشكل مباشر بل بجمل كنت اخترعها اختراعا لأعبر له فيها عن مشاعري ، كنت اشعر انه يحبني و لكن يحبني بصمت لا اعرف له سبباً، أو أنه يحبني بشكل مختلف لا اعرف له اسما، أو اشعر أحيانا انه لا يحبني فقط يعزني معزة خاصة في قلبه، و أحيانا أقول لنفسي أنني أتوهم كل ذلك فهو في الأصل لا يفكر بي، آه ماذا افعل مع نفسي. و هذا هو قد غادر إلى وطنه نهائيا بعدما انتهت فصول دراسته .حاولت أن أنساه و لكنه رفض أن يغادر فكري، حاولت أن اقبل بأي شاب يتقدم لخطبتي و لكن كنت اشعر بالخوف من الإقدام على تجربة الزواج و كنت اشعر بالهم ينزاح عن كاهلي كلما فسخت الخطوبة . لا اعرف ماذا افعل مع نفسي، ما زال حبه يسير في دمي، كثيراً ما اشعر بالاضطراب و كثيراً ما فقدت الثقة مع نفسي هل بي خطأ ما جعله لا يبادلني الحب. هل بي عيب ما حتى لم يتجرأ على التصريح بحبه لي. و اسأل نفسي مجددا هل هو فعلاً يحبني ؟.تواصلت معه بعد فترة من سفره على الشبكة ( الانترنت ) و دردشت معه كثيراً، فاسأله عن أحواله تطورات حياته ، كان يجيبني بالنفي أن لا جديد حصل معه في حياته. فتجرأت مرة وسألته أن كان يفكر بالزواج و صارحني انه بعد لم يجد الإنسانة المناسبة .كم هزتني هذه الجملة شعرت حقاً أن لا قيمة لي عنده، و أنني أضعت نفسي و وقتي بالتفكير به، حتى انه لم يراع مشاعري أبداً، و كأنه يقول لي بقوله هذا أن لا مكانة لك في حياتي و أني لست الفتاة اللائقة به. مع أنني اعلم جيدا بان أفضل منه يتمنى رضائي، و لكن ماذا افعل مع هذا القلب الذي احتاج للبحث عن مفتاحه لأطرده منه و أغلق بابه في وجهه. آه يا ليتني املك مفاتيح قلبي للأسف قد وهبتها له و أخذها معه و يا ليته اهتم أو احتفظ بها حتى يأتي الوقت المناسب له للتعبير عن مشاعره اتجاهي و لكنه للأسف ألقى بها في سلة المهملات .و لكن وجدت ذاتي التائهة قبل فوات الأوان بان الحياة تعلم الإنسان الكثير و الكثير، فإذا ضاع المفتاح يمكني أن أغير القفل نعم سأغير حياتي سأنساه سأعيش لنفسي و لمشاعري سأنظر إلى الأشخاص الذين يحيطون بي ومهتمين بمشاعري قد يكون هناك معجب ينتظرني لم انتبه له لأنه أعمى بصيرتي . نعم لابد أن اتخذ هذا القرار قبل أن يمضي بي الوقت و أن استرجع روحي التي خطفها مني.وداعا نعم سأقولها له هذه المرة وداعا إلى الأبد ودعته أول مرة راجية منه العودة مرة أخرى و لكن الآن أنا أودعه إلى الأبد فلو كان يحبني حقا سيعود لي و سيقدم لي حبه على طبق من الذهب.كفكفت دموعي و نظرت إلى نفسي في المرآة و بدأت ألملم نفسي مجدداً قاطعة عهدًا على نفسي أن أعود إنسانة جديدة خالية من الهم .