قلعة تبنين
إذا وقف الإنسان على أحد الأبراج الجنوبية لقلعة تبنين اللبنانية، يشاهد الوادي الممتد من شمالي شرق بلدة حاريص إلى محلة بِركة الصوان، مفرق بلدتي شقرا - برعشيت، والبالغ طوله قرابة سبعة كيلومترات، هذا الوادي كان وما يزال يسمى ويعتبر «خط الدفاع الأول» لما خلفه من الناحية الشمالية للأراضي اللبنانية، وهو لا يبعد عن الحدود الفلسطينية سوى قرابة ثمانية كيلومترات.كما إن الناحية الشرقية لجهة بلدة شقرا كانت في السابق ممرا للقوافل القادمة من فلسطين من طريق الحولة والمتجهة إليها من طريق سهل الخان الكائن في أسفل قلعة تبنين للناحية الجنوبية الشرقية. يؤكّد ذلك ابن جبير في رحلته. لذلك اعتنى الأقدمون ببناء القلعة في موقعها الحالي. ويقال إنها فينيقية ومن ثم جدد بناءها الرومان. يذكر أنه أعيد ترميمها في العصر اليوناني الروماني ووضعت فيها حامية عسكرية لحماية القوافل المتجهة إلى المُدُن التجارية.القلعة مستديرة الشكل ويبلغ قطرها 180م ومساحتها التقريبية 25500متر مربعٍ وعدد أبراجها عشرة، والظاهر أنها من أوسع القلاع اللبنانية مساحة، أوسع أبراجها هو البرج الغربي المطل على وادي السلطانية والمعروف باسم برج أبي حمد، يقابلها من الناحية الجنوبية الغربية ربض (مسكن) يبعد عنها قرابة المئتي متر، مساحته لا تزيد على الستمائة مترٍ، له أربعة أبراج يعرف بالحصن، بنِيَ للمراقبة على تلةٍ صغيرةٍ يوازي علوها علو القلعة. ويقال إنّ بينه وبين القلعة نفقًا.ينفتح مدخل القلعة القائم في ناحيتها الجنوبية على درج مرصوف بالأحجار الصخرية الملساء. وبقُرب المدخل مباشرة بناء صغير بشكل قنطرة، يقال إنه المدخل السري للقلعة، عرض المدخل 2.62 مترا وعلوه خمسة أمتار وفي أعلى الرتاج نقشان في حجرين لصورة أسدين متقابلين خلفهما بعض الزخرفات المنحوتة في وسط الرتاج. وقد أقيمت القلعة على أنقاض قلعة قديمة في العهد الصليبي، إما فينيقية وإما رومانية، لأنه من الصعب جدا أن ينهض بناء على مساحة 25500 مترمربع في فترة زمنية قصيرة تقل عن ثلاث سنوات أو تزيد نظرا لمستلزمات البناء الضخمة والتي يحتاجها هذا البناء من مواد وفنيين وعمال، سيما أن ذلك قبل تسعة قرون والأدوات جميعها بدائية للغاية.