كان لكلمة الأخ رئيس الجمهورية التي ألقاها أمام خريجي الدورات الجديدة من الأكاديمية العسكرية وقعها في النفوس وأثرها الكبير في الضمائر الحية حين تضمنت جملة من الرسائل الموجهة للمجتمع اليمني بكل مكوناته وبالذات للأطراف المعنية بسلامة الوطن ورفعته ،مخاطباً إياهم بضرورة تجاوز الماضي بآلامه وعذاباته من خلال التصدي لأية أفكار أو ممارسات تعيد إنتاج ذلك الوضع المأساوي..ذلك الخطاب وجد ضالته في نفوس جميع أبناء اليمن الناشدين للأمن والاستقرار والطموحين للتغيير الذي لم يجد مكاناً له منذ خمسين عاماً من قيام ثورة 26 سبتمبر،وهو ما ألمح إليه الرئيس هادي حين قال:”نحن بصدد الاحتفال بالعيد الذهبي لثورة 26 سبتمبر بعد أربعة أشهر ما نزال في نفس الوضع نتقاتل من شارع إلى شارع وهذا لا يليق بنا وعلى جيلنا الذي صنع ثورة سبتمبر وأكتوبر”.. نعم لا يليق بشعبٍ حضاري أن يغدو بمثل هذه الصورة غير المرضية لأي كائن عاقل.!إذا نحن أمام فرصة ذهبية جاد بها الزمن ودعمها الواقع المتغير في المنطقة، فلا يجب إلاّ أن نستوعبها ونسير في هداها علنا نصل إلى ما يرضي أنفسنا وقبل ذلك رضا الله تعالى, الذي لن يتحقق إلاّ بالعدل والبناء.هذه الفرصة تتمثل في المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية المزمنة لها والتي ارتضيناها حلاً ومخرجاً توافقياً من أزمة كادت أن تعصف بالوطن أرض وإنسان وأوشكت أن تخلف الدمار والخراب والحرب الأهلية والانقسام في أوساط المجتمع خاصةً في ظل قوى منكفئة عن نفسها لم تبارح ماضيها مستمرئة في دعوات إشعال المناطقية والطائفية والمذهبية، كانت بوادر تلك الدعوات تكاد أن تكون واقعاً ملموساً في عمق الأزمة وحالة التشظي الذي ساد المجتمع في الفترة الماضية. إن الحاصل في بقية بلدان ثورات الربيع العربي والتي ما فتئت حتى الآن في عنق الزجاجة لم تستطع الخروج إلى واقع تحقيق أهداف الثورة،ولم تزل عناوين النهوض السوي مبهمة لدى الكثير، مما خلق حالة صراع معقدة لم تستبن معالمها حتى الآن،الأمر الذي يجعل منا كيمنيين أكثر إدراكاً لتلك الإرهاصات المهيأة لإنجاز الوعود الثورية بعيداً عن الدسائس والمؤامرات التي لا تصب في صالح أحد ،وهذا ما أشار إليه الرئيس هادي في كلمته:” أن المبادرة الخليجية قد نجحت بإبعاد الأصابع عن زناد البنادق وإعادة الأطراف إلى مربع الحوار الذي اخرج حكومة الوفاق الوطني إلى النور وهو ما كان يجب أن ينعكس إيجابا على أطراف العمل السياسي خصوصاًَ الموقعين على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية من خلال تغيير خطابها التحريضي كل ضد الأخر والبدء بانتهاج سياسة تقوم على احترام حق الاختلاف وتوجيه كل القدرات لترسيخ قيم السلم الاجتماعي وبلسمة ما تشقق في النفوس وإزالة ما علق في الأذهان جراء الخصومة والذي أدى إلى تصدع خطير طال الوحدة والشعب اليمني وقيمه المتقدمة إلا إن أياً من ذلك لم يحدث”. حقيقةً ما تطرق إليه رئيس الجمهورية يجب أن يستقبله الجميع كما هو، بكونه جاء من رحم المعاناة والاختلاف الذي كاد يبعثر مجمل الخطوات المنجزة حتى الآن في سياق تنفيذ المبادرة الخليجية، وما لم فإن الآتي سيكون مدمراً ،وينحدر بالبلاد إلى هاوية سحيقة يعلم الله كيف ومتى نخرج منها، كما ينبغي علينا جميعاً الالتزام بما اتفقنا عليه وعدم الانجرار وراء المماحكات العقيمة والساذجة ,وصنع الأزمات والمكايدات لبعضنا البعض..عيب علينا أن نظل متمسكين بسلبيات الماضي ومصرين على عدم الخروج منها.طالما نادينا بدولة مدينة حديثة وقدمنا من أجل ذلك ألاف الشهداء علنا نعبر باليمن إلى مستقبل أفضل لكل اليمنيين ،وطن يتسع للجميع ،دولة وطنية قوية يحكمها القانون والنظام، وهذا مطلب لا يمكن تحقيقه في ظل هكذا وضع تزداد فيه التباينات غير العقلانية،وتستشري فيه ممارسات فوضوية تلقي بظلالها يوماً عن يوم على حياة المواطن ومستقبل الوطن برمته،عيب علينا الانجرار إلى العبث بأنفسنا، يجب أن نعي وبالذات أن بعد هؤلاء المشدودون إلى الماضي أن زمانهم قد ذهب بدون رجعة وعليهم أن يدركوا جيداً أن الواقع اليمني صار يعيش المتغيرات الايجابية بقوة الإرادة الشعبية مهما كلف الأمر من تضحيات وبدعم ومساندة نظام جديد ورئيس جديد ارتضاه الشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه الوطنية الحزبية والشبابية ومنظمات مجتمع مدني وقوات مسلحة وأمن وبنسبة عالية جداً ،وإلى جانبهم العالم أجمع يدعمهم ويساندهم بكل قوة ,لذا على أولئك النفر أن يدركوا جيداً أن التاريخ سوف يلفظهم إلى مزبلته ,وأن التغيير لن يتوقف عند محطة يصنعونها سواءً قاعدية أو قبلية أو أي فتنة يزرعونها في طريق تحقيق المستقبل.فخامة الرئيس هادي لقد قلت وأوجزت لعلهم يعون كلمتك ويفهمون الرسائل التي وجهتها إليهم جيداً، ونحن بدورنا نذكرهم - لعل الذكرى تنفع المؤمنين - أن لا ينسوا أن الشعب اليمني التواق للحرية والسلام مازال في الساحات يراقب عن كثب سوءات ما يفعلون ويصنعون.!اللهم إني بلغت ..اللهم فاشهد.!!
أخبار متعلقة