كتبت/ دنيا هانيلا يزال البعض ضميره غائباً ويستغل الآخرين للإيقاع بهم عبر شبكات التعارف الاجتماعي أو مدونات خاصة به ينسجها من حياته المزيفة واختياره لاسم مزيف وصورة مزيفة وحياة مزيفة يجذب بها مشاعر وعقول الباحثين عن المزيد من الكذب واللهو والخداع ويستغل جانب العاطفة لديهم.. ولا يزال الكثيرون نائمين بل هائمين ينتظرون المزيد من الأقنعة المزيفة التي تخدعهم ولا يتعلمون من الدروس السابقة. خلص باحثون يدرسون العلاقات الإنسانية عبر شبكة الإنترنت إلى أن احتمالات كذب بعض الأشخاص على الانترنت أكبر من احتمالات كذبهم إذا ما واجهوا غيرهم وجهاً لوجه كما وجدوا أن احتمالات تغيير أي مستخدم للانترنت لهويته الحقيقية مثيرة للدهشة فالانترنت يوفر الغموض، الذي يكون ضرورياً في بعض الأحيان مثل مناقشة القضايا السياسية والثقافية أو بعض القضايا الحساسة، لكن هذا الغموض يمكن استغلاله أيضاً لتحقيق مكاسب عاطفية، شخصية أو مادية أو حتى سياسية.وهناك نموذج واضح لإيصال مفهوم الكذب والخداع عبر الانترنت وهو قصة أثارت جدلاً كبيراً فيما يتعلق باستغلال الانترنت. فقد كانت هناك فتاة مراهقة تدعى كيسي نيكول مصابة بمرض السرطان ولها موقع على الانترنت بعنوان اللون المتجدد، وكانت تكتب يومياتها على هذا الموقع ولعدة سنوات أصبح الكثيرون من زوار الموقع أصدقاء لكيسي يشاركونها آلامها وصراعها مع السرطان، وعلى الرغم من أن أحداً لم يقابلها وجهاً لوجه أبداً، فإن الكثيرين أصيبوا بحزن شديد عندما خسرت كيسي معركتها مع المرض لكن الصدمة الأكبر لهؤلاء المتعاطفين معها جاءت عندما عرفوا بعد إعلان وفاتها بوقت قصير أن كيسي ليس لها وجود من الأساس فبعد أن بدأ عدد متزايد من الناس الإعراب عن تعاطفهم مع محنة الفتاة الصغيرة، وجدت كاتبة المذكرات، ديبي سوينسون، أنه لا مفر من الاعتراف بالحقيقة واعترفت بأن الصور التي كانت تزين الموقع هي لفتاة مراهقة بطلة في كرة السلة لا تعرف أن صورها تستغل في أمر مثل هذا، وأنها هي التي كانت تكتب المذكرات ودفعت الصدمة زوار الموقع لمناقشة حقيقة الانترنت بعد عامين من الاعتقاد بوجود كيسي نيكول والتعاطف معها وكتب أحد المتعاطفين مع مريضة السرطان المزيفة رسالة تلخص المشاعر قال فيها: كانت تلك قصة مزورة مزقت قلبي، كيف يجرؤ أحد على تحميل قلوب وعقول جميع هؤلاء المتعاطفين والمهتمين مثل هذا الألم.وتوضح القصة سهولة خداع الآخرين على شبكة الانترنت، لكن إلى أي مدى يجب أن يحتاط مستخدمو الانترنت ممن يلتقون بهم على الشبكة العالمية وتقول جوديث دوناث مديرة جماعة أبحاث وسائل الإعلام إن توخي الحذر ضروري، لكنه ليس سهلاً على شبكة الانترنت كما هو في الواقع وتضيف أنه في الواقع كل شخص له هوية واحدة . واضحة، لكن على الانترنت لا يوجد ما يلزم المستخدمين بأن تكون لهم هوية واحدة وتتابع قائلة إنه في المستقبل ربما تشتد الحاجة للجوء لتوقيعات أصلية معترف بها للدخول على الشبكة ويعتقد المدافعون عن علاقات شبكة الانترنت أن التعرف على شخص آخر عن طريق تبادل الأفكار والمشاعر قبل رؤيته وجهاً لوجه أمر إيجابي، لكنه متاح أمام كل من تسول له نفسه استغلاله ففي غرف الدردشة مثلاً يمكن للمستخدم تغيير اسمه ونوعه وجنسيته وحالته الاجتماعية بضغطة زر ، وقصص من خدعوا في علاقات غرامية بدؤوها على الانترنت تملأ صفحات الجرائد، كما أن قصة مثل قصة كيسي نيكول يمكن أن تتسبب في مشاكل عاطفية لمن يصدقونها .في حين بيل توماس مستشار الانترنت يقول إن الخط الفاصل بين هوية الشخص الحقيقية وهويته على الانترنت غامضة، لكن إذا بدأ الإنسان في الاهتمام بشخص ما فعليه التحري عنه بدقة أكثر لتجنب الألم والوقوع في المشاكل..أذكر قصة حصلت مع صديقة كنت أعرفها وهي أنها كانت تدخل إلى الإنترنت وشاركت في عدة منتديات وتعرفت على أعضاء واكتسبت صداقات ومن ضمن هؤلاء الأعضاء شاب دخل وتعرف عليها بأسلوب راق ينم عن أخلاقه العالية وروحه المرحة, ومن بين الأحاديث الكثيرة التي كانا يتحدثان بها هو أسئلته الدائمة عن حياتها الشخصية وماذا تحب ومع أنها كانت حريصة وتعرف جيداً ماذا يحدث وراء شاشة الكمبيوتر إلا أنها أخذت المسألة تسلية وتضييع وقت وجارته بالحديث عن أمور اعتيادية تحصل لها في حياتها وفي يوم كانت تتحدث مع صديقتها الأخرى التي تعرفت عليها من المنتدى نفسه أخبرتها أنها تتحدث بالجهة الأخرى مع الشاب فإذا بها تضحك وتتعجب في الوقت نفسه وتخبرها بأنه هو أيضاً يتحدث معها ويقول لها لا تخبري فلانة بأني أتحدث معك ونسخت المحادثة لصديقتها لتلقاها نسخة مطابقة من محادثتها معه ليكتشفا معاً أنه ليس إلا مخادع ومحتال يبحث عن فريسة ليصطادها ودخل عليها بالأسلوب الراقي والذوق بالكلام لتنهي صديقتي حكايتها مع المنتدى الذي كانت فيه وتغادره نهائياً لاكتشافها بأن الزيف والخداع لا مفر منه وأن الآخرين يلبسون أقنعة مزيفة يخدعون بها من يتعاملون معهم.وهذا هو الحال لواقع الكذب والخداع عبر الانترنت بأقنعة مزيفة تجعل المستخدم يتقن الدور الذي سوف يمارسه على الآخر جيداً ولا يوجد من يحاسب مثل هؤلاء إذ أنك لا تستطيع أن تعرف حقيقته أو لماذا اختارك وخدعك وكذب عليك فقانون الإنترنت لا يحمي المستخدمين من المخادعين والمحتالين فيجب عليك أنت أيها المستخدم أن تحمي نفسك من أن تفشي بسرك لأي أحد خلف هذه الشاشة فتصبح يوماً ما نادماً على دخولك إليها وتصبح الشبكة العنكبوتية شبحاً ينسج خيوطه على معالم وتفاصيل حياتك الشخصية.
الخداع والكذب عبر الإنترنت بأقنعة مزيفة
أخبار متعلقة