المشهد السياسي في عدن مختلف تماماً عن بقية المحافظات الأخرى في الشمال .. ثمة قضية مختلفة هنا .. حتى عندما توقف أنصار الحراك الجنوبي عن ترديد شعاراتهم وهتافاتهم مطلع العام الماضي تماشيا مع ثورة الشباب في الشمال ، لم يكن أحد قادراً على رفع علم دولة الوحدة المغدورة سوى في ساحة كريتر .وأنا أطالع وسائل الإعلام أجد بكثرة عبارة (شباب الثورة) في العديد من الصحف والمواقع .. تنسب لناشطي الاحتجاجات عادة ، لكن هذه العبارة لا مكان لها على أرض الواقع في عدن.ثمة قوتان رئيسيتان لا ثالثة لهما تسيطران على المشهد السياسي في عدن ، وهما: الحراك الجنوبي وحزب الإصلاح في عدن ، وكلا الاحتجاجات ينظمها ناشطون من الطرفين ، أما عبارة ( شباب الثورة ) فلا تعدو أكثر من مغالطة سياسية يراد بها تسمية الأمور بغير مسمياتها .تحرص وسائل إعلام (حزب الإصلاح) في عدن والوسائل المقربة منها على تسمية ناشطيه ومحتجيه بـ ( شباب الثورة) ، ربما لأن الحزب يريد أن يضفي صبغة ثورية على نشاطاته الحزبية التي قد لا يتقبلها الناس خصوصا في عدن نتيجة حساسية مفرطة ومعروفة تجاه الحزب لا داعي لشرح أسبابها وواقعها ، بينما تحرص هذه الوسائل على وصف شباب الحراك الجنوبي بالانفصاليين وقلة من الوسائل الإعلامية قد تكون لطيفة إلى حد ما وتسميهم (شباب الحراك) بل قد تقرأ في عدد من الصحف والمواقع عن خلافات بين شباب الثورة والحراك وكأن الحراك وحركته السلمية ليسوا ثورة وإنما مجموعة مشاغبين. إن كان أحد يستحق ان يوصف بشباب الثورة فهم شباب الحراك السلمي الذين يناضلون منذ 2007 لا شباب حزب الإصلاح الذين يطالبون بالتغيير ، وإن كان مشروع يستحق أن يوصف بـ (الثوري) فهو مشروع إنشاء دولة واستعادتها وبناء مؤسساتها وليس مشروعاً يكتفي بتغيير رأس النظام ويبقي نصف وزرائه في الحكومة ويشفع بحصانة وضمانات ثم بعد ذلك يسخر كل جهده لدعوة الناس إلى انتخاب الرجل الثاني في النظام الذي يزعم أنهم ثاروا عليه . أعلم أن حديثي هذا سيغضب العديد من زملائي وأصدقائي في حزب (الإصلاح) بعدن الذين أكن لهم كل احترام وتقدير، لكنها الحقيقة التي يوقنون بها أكثر مني وهي أن لا وجود لشباب ثورة بمعنى المشروع الذي تحمله ساحة التغيير في صنعاء ، بل الموجود في عدن إصلاح وحراك فقط ، وما تسمية (شباب الثورة) إلا محاولة لتمرير سياسات ومشاريع حزب الإصلاح في عدن تحت غطاء ثوري مكشوف بقيادة اللجنة التنظيمية في عدن والتي يرأسها اثنان من ناشطي الإصلاح أعرفهما من سنوات وقبل أن تقرع الثورة طبولها . يدرك حزب الإصلاح في عدن هذه الحقيقة جيدا ويدرك أنه لم يستطع أن يخرج في تسمية احتجاجاته كل جمعة عن تقليد الاسم الذي تطلقه ساحة التغيير بصنعاء ، ويدرك أنه لا يستطيع أن يرفع علمه أو ينظم مسيرة في معظم مديريات عدن كالمنصورة والمعلا وخورمكسر والشيخ عثمان ودار سعد والبريقة باسثناءمديرية كريتر التي يسيطر شباب الحراك على الكثير من ساحاتها وأحيائها ، بل انهم تمددوا حتى وصلوا إلى مقربة ساحة البنوك التي يسيطر عليها حزب الاصلاح.. ويدرك هذا الحزب أنه يسبح ضد التيار وضد إرادة الشارع في الجنوب .. فهل تدرك وسائل الإعلام هذا وتسمي الامور بمسمياتها خصوصاً في عدن .. أم أن الخوف من انفصال الجنوب قد زرع قيما سيئة في وسائل الإعلام وجعلها تتغاضى في أحايين كثيرة عن المهنية الصحفية خصوصا في تغطية أحداث الجنوب .
حوار مع (الإصلاحيين) حول مفردتي (الثورة) و(الثوار)
أخبار متعلقة