الافتتاحية
إذا كانت السياسة إدارة لتفريق الشعوب والأمم فحب الوطن لا يعني فقط التغني العاطفي به: وإنما الالتزام العميق بقضاياه ومصالحه العليا .. لأن الحب الصادق للأوطان هو الذي يغرس لدى الإنسان أن وطنه يستحق أن يكون في مقدمة الشعوب والأوطان.القضية الجنوبية هي انتماء راسخ وعميق وقد تم التعبير عن هذا الانتماء بطرق ووسائل مختلفة .. ولكنها جميعاً تشترك في إبراز أولوية الوطن وهمومه وأن الجهود ينبغي أن تبذل من أجل تطوير أحواله وإصلاح أوضاعه.هذه القضية استمرت طويلاً وكثيراً حتى بدأنا نحس بالحاجة الملحة للحوار مع القضية الجنوبية مثلما نحن في أمس الحاجة للحوار مع أنفسنا ومن حولنا .. ولكننا الآن نستطيع أن نقول إن هناك تحولاً قد حدث وتغيراً في الفكر قد صار فالجميع رفع شعارات العزة للوطن.. والجميع نزل وطالب بالإصلاح والتغيير من أجل أن يرى شعبه ووطنه في حال أفضل مما هو عليه.الآن ونحن نعيش مرحلة جديدة في القضية الجنوبية يجب أن نواكب التغيير في وعينا ولن يتم ذلك إلا بتغيير مناهج التفكير ومناهج الدراسة وأولويات الحياة.يجب أن نتحول مهما كانت المعوقات من مجتمع قائم على رفض الآخر إلى مجتمع متصالح مع نفسه وقيمه نحو الأمام ونحو ثقافة الإبداع وثقافة الحوار وثقافة الإنتاج المستمر .. ونحن في مرحلة لا تقبل أنصاف الحلول، يجب أن لا نتقدم خطوة ونعود إلى الوراء خطوتين .. بل يجب أن نتجه إلى الأمام مهما حدث فالمستقبل ينتظرنا بل نحن الذين يجب أن نرسم ملامحه ونعيد تكوينه .إننا جميعاً ومن مختلف مواقعنا نعيش في سفينة وطنية واحدة .. وهذه السفينة تتطلب منا التعاون والتضامن وإصلاح علاقاتنا على أساس متساوية واحترام متبادل .. فهذا هو خيارنا لحماية سفينة الوطن من كل المخاطر والتحديات.