غضون
* قيل إن حكومة الوفاق الوطني لا تعتزم تبني مشروع قانون المصالحة والعدالة الانتقالية الذي وضعه وزير الشؤون القانونية الدكتور محمد المخلافي، رغم أنه يواصل الترويج لمشروعه، ويعرضه للمناقشة على أكثر من مستوى.. وفي الوقت ذاته ليس لدى الحكومة مشروع قانون ولم نسمع أنها شكلت لجنة لهذا الغرض، ويبدو أنها سوف تنتظر مشروعاً يأتيها جاهزاً لكي تقره، وهذا المشروع هو ما تنتظره من أطراف التسوية السياسية.. وقد يطول الانتظار، لكن مثل هذا القانون سوف يأتي في النهاية لأنه ذكر في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وقانون الحصانة.ورغم ضرورة هذا القانون فإن أطراف الأزمة ينبغي أن تراعي عند وضعه خصوصية الحالة اليمنية، وأن يتم التركيز على المصالحة والعدالة الانتقالية في إطار التعويض عن الأضرار وإنهاء الثارات.. وقصر الفترة الزمنية على فترة الأزمة والمستقبل، لأن العودة إلى الماضي سوف تفتح أبواباً كثيرة يصعب إغلاقها.نقول ذلك لأن التاريخ اليمني مثقل بسجلات سوداء وحمراء بفعل الأخطاء الثورية وكثرة نوبات الصراع السياسي.* في مشروع الدكتور محمد المخلافي حدد فعالية المصالحة والعدالة الانتقالية بداية من حرب صيف 1994م، وهذا غير مفيد، إذ سيأتي من يقول ولماذا لا تكون البداية من الانقلاب الناصري عام 1978م؟، وسيقول آخر بل الحرب الشطرية عام 1979م، وسيطلب آخر العودة إلى أحداث يناير 1986م، وهناك من سيقترح العودة إلى أحداث 1968م الطائفية في صنعاء وحرب القومية والتحرير عام 1967م بعدن وسيكون من حق أسرة حميد الدين العودة إلى عام 1962م وهكذا.. إلى الخلف حتى نرجع إلى ما حدث في سقيفة بني ساعدة، حسب سخرية الأستاذ حسن اللوزي.لقد كانت هناك جولات صراع دموية في الماضي، اشترك فيها من لا يزالون أحياء، وبعض تلك الأحداث جرت دفاعاً عن ثورة أو مشروع أو لإخمادهما.* وفتح هذه الأبواب بقدر ما هو مفيد للعبرة إلا أنه سيفتح بالقدر نفسه مجالاً لإدانة الثورة والمشاريع التي كانت بنت يومها وطنية.. ولا قيمة لمحاكمة الماضي.. فالأفضل أن ندع ذلك خلفنا ونهتم بالحاضر والمستقبل.وإني لأستغرب عدم صدور أي نقد للمشروع الذي حدد فيه الوزير الاشتراكي عام 1994م بداية لفعالية القانون المقترح، رغم أن مثل هذا التحديد سيجر إلى ما قبله من أحداث دموية وقعت في السنوات المشار إليها سابقاً، وسنوات أخرى.. وكثير من الشخصيات الاعتبارية والأفراد شاركوا فيها ولا يزالون أحياء.. فهل سنحول المصالحة والعدالة الانتقالية إلى نقمة جديدة ونفتح ملفات لا نهاية لها؟.