وطني الذي يتعذب و تمزقه ظلال الثورة يسقط يومياً من سُـلم التاريخ ، و يكاد عذابنا المتواصل من شؤون الحياة القهرية المجحفة يبلور قناعات الوعي المنحرف نحو اللاعودة و الصراع و التقاسم القادم لأشطار اليمن التي حذرنا الرئيس : صالح في مئات الأحاديث و لم تلق منا سوى السخرية و الفلسفة المتهافتة على قنوات التلفاز المدفوعة سلفاً .* من يدق رأس فلاسفة “الجزيرة” و منظري الربيع العربي بقوة و يسألهم : هل ترون نتائج “دروب التغيير” ، و عواقب “التغطية مستمرة” ؟ .. من يقنع : أحمد الحبيشي و سمير اليوسفي أن جرائم الصحافة الحقيقية تتمثل يومياً في إصداراتهما المؤلمة .. 14 أكتوبر ترفع علم الجنوب الشطري .. هكذا بكل جرأة بعد غياب 21 عاماً هي ثلثي عُمري .. و كل حياة شقيقي الذي يدرس الطب ..!! “الجمهورية” صارت ثورة ، و “الثورة” تاهت في خيام الساحات التي تراها فتبكي لمستقبل اليمن المعروض بكل تناقضاته المتأهبة للانقضاض على بعضها بكل الحقد المتراكم .. و بغضبة جائع لا يملك وطناً سوى برميل النفايات .* لو كانوا يعقلون .. يفكرون بتجرد .. يستشرفون المستقبل المنتحر بعيني زرقاء اليمامة لما جنوا على أنفسهم اليوم و غداً .. ولا على لغتهم المستفزة .. و مهنيتهم القابضة على جمر الغرابة و الصراع .* يرفعون صور أعلام الشطر الجنوبي السابق .. يعززون روح الفيدرالية .. و ما الفيدرالية سوى سودان يتمزق .. و لحظة حاضرة تـبقي فواصل النزاع على منطقة حدودية .. بعد أن كان الكل حدودك .. و منطقة النزاع جزءاً لا يعرف اللهيب و الإنقسام .* من “تعز” تنتشر “جمهورية اليوسفي” التي قذف في رحمها أبغض الحلال و ألوان العذاب اللفظي .. فهو جلاد النظام المشتكى منه على معارضين صار أولهم رئيساً لوزراء حكومة الوفاق الوطني .. و آخرهم يدنو من حقيبة المال المدنس فيرميه إلى سلة الإنتقام و ينتفض فيدك ألف منزل يجاوره .. و يوجه بكرم السخاء ليطلق الرصاص وتتفجر الأجساد .. و تتراكم الأموات .. و لا يبكي : سمير .!!* من “عدن” يأتي أحمد الحبيشي صاحب الإبهار الدقيق في فن الصحافة التي لا تتجاوز حدود الكتابة و تتعداها إلى أروقة المونتاج و نقاء أفلام النسخ و الفرز و ألوان الطباعة .. دقته تلك أخرجت من كثبان الفوضى عملاً يفيض بالأناقة و الموجة المتزاحمة من خطوط المتن .. و سطور العناوين . إلا أنه يُـربكنا .. فجأة تتحول صحيفته الأنيقة إلى أعمدة تتلاعب خلف الحراك .. و تدعم شلال الزعامات والأوصاف و ينتقي من تصريحات الفيدرالية ما يلائم مناطق الحكم الذاتي لفئة لا يقودها زخم شعبي .. و لا تعترف بقدسية الوحدة .. ولا تريد شيئاً أو إستثناءً يخفف حدة : فك الإرتباط .* لا يحق لأحد أن يلغي 21 عاماً من حياتي قضيتها تحت ظلال الوحدة .. و مثلي ملايين لا يفكرون كما يفكر الإقصائيون .!. و لا يحق لأحد أن يرفض نشر ما أكتبه .. فحين كانت صحف المشترك تمقت قسوة الإعلام الرسمي و موانعه الكثيرة و نفاقه السلطوي وعدم إنفتاحه على الرأي الآخر .. جاءت اليوم في ظل الوزير الذي ينفذ برنامجه الشخصي فقط .. لتحتضن الآخر .. و تترك الرأي .!!* منهج المهنية المفتوح على عولمة المستقبل يحفزنا القبول بأي رأي مهما كان غبياً أو أحمقاً .. لكنه لا يكممنا و يلتقي مع نقائضنا الفكرية في سلة واحدة لا تقبل التعدد .. و البحث عن تطرف انفصالي لحماية الجنوب من إرهاب القاعدة و لعاب الإنقلابيين .. ليس مبرراً لقلب سياسة الجريدة .* كيف لا .. و الوعي يتشكل الآن .. و ما ستتمخض عنه الأزمة سيفضي إلى قناعات سائدة و شكل جديد لخارطة اليمن في ظل كل ما نراه من أن لا أحد يهتم لأمر الوطن .. أو يفكر بتفكيره .. ويتعدى المنطقة و الحزب و الساحة و الرئيس و النظام .. فيتجرد .. ثم يقص علينا أحسن القصص ، و أبلغ الحلول ، و أنجع المبادرات التوافقية التي تـحسن وجه البلاد .. فتذهب بالجميع إلى مواطن الهدوء .. ومنابع التنمية .* الإصلاحيون و الحوثيون .. يقتتلون في حجة .. و يسحلون بعضهم في منصات التغيير .. و لكنهم يتفقون على رفض الانتخابات الرئاسية المبكرة .. و ليس لهم بديل إلا ما فشلوا فيه : نرفضها فقط .. و قبلها كانوا يقولون : إرحل فقط . !!* موروث الإيديولوجيا المتطرفة لا ينبغي له أن يؤثر على مستقبل اليمن .. أو يوجه الوعي الشعبي نحو المقاطعة .. لأن خسائر الممانعة ليس لها معالم غير الفوضى الكاملة .. و أرباح القناعة و المشاركة ستمهد في العامين المقبلين مستقبل اليمن وفق الحوار الوطني ودستورنا الجديد .* إنما يعرف الإصلاحيون أنهم لن ينالوا شيئاً .. و لن يحصلوا على شيء .. و كذلك الحوثي الذي يواجه مئات الآلاف بلافتات خضراء لن يستمر في الكذب على الفقراء .. و ادعاء الدولة المدنية و هو الغاصب لصعدة بكل تناقضاتها .* يجب أن يكون سمير و أحمد في واجهة من يدعم الوعي المنصف .. الوعي الذي يتشكل الآن ..* و إلى لقاء يتجدد .[email protected]
أخبار متعلقة