رغم إنتاجه الغزير والمتميز لم يحتل عبدالله عبدالكريم المكانة الخاصة به، فهو كاتب عزوف ومتفرد، ويميل إلى العزلة، وقد ظهرت هذه الخصائص في تفاصيل شعره الغنائي الراقي.ومثلت أعماله الشعرية بعداً مهماً في كتابة الأغنية اليمنية المعاصرة، التي قدمها العديد من الفنانين اليمنيين.. وهب جل شعره لقضايا أمته، ولقضايا القلب والروح بالمتاح والممكن من الأدوات الفنية التي توافرت لديه.الشاعر عبدالله عبدالكريم من مواليد مدينة الشيخ عثمان عدن في 15 ديسمبر 1944م، تلقى تعليمه في مدارس عدن، وأنهى الدراسة الثانوية العامة عام 1963م في كلية عدن، عمل مدرساً في حقل التربية والتعليم خلال الفترة من أكتوبر عام 1963م حتى نوفمبر 1978م، وانتقل بعد ذلك في خدمة متواصلة إلى مصنع الإسفنج والأثاث المعدني في عدن حتى مارس 1989م.وفي 1989/4/1م لجأ إلى المحافظات الشمالية هرباً من الحكم الشمولي في المحافظات الجنوبية، ليحصل على عمل في محافظة الحديدة مصنع (أثاثكو) الذي استمر موظفاً فيه حتى مارس 1995م ثم عاد إلى عدن في 1995/4/1م.كتب الكثير من الأغنيات الوجدانية والأناشيد الوطنية وتغنى بكلماته كبار الفنانين في عدن، بصورة خاصة وأشهر أناشيده الوطنية (الوحدة اليمنية) إنشاد الموسيقار أحمد بن أحمد قاسم وأمل كعدل، وأغنية (عالي فوق السحب يا يمني السعيد) إنشاد الفنان عمر غلاب.وللشاعر الغنائي عبدالله عبدالكريم ديوان شعر يحمل عنوان غنائيات “يا سلام عليك يا حب” ومن هذا الديوان نقدم أغنيته بعنوان “طبع الحبايب” لحن وغناء الموسيقار الراحل أحمد بن أحمد قاسم والغنائية اليمنية فتحية الصغيرة.[c1]الحبايب حيرونا حرنا في أمر الحبايبيجرحونا يسعدونا.. يا ما ورونا عجايبالحبيب لو بس يزعل.. عمره ما يفكر يعاتبنشتكي للناس يقولوا.. هكذا طبع الحبايبفين با تهرب من هواهم.. فين نروح ما دام رضينابالذي يحصل ويجري.. منهم واللي يجينابعد ذا أيش عاد نسوي حبهم واجب عليناالوداد في القرب منهم في القلوب يكبر ويكبروالعيون في البعد عنهم تشتكي لليل وتسهروالسعادة في هواهم كلها قسمة ومقدروالذي يعشق يضحي بالحياة لجل الحبايببس لو كانوا الحبايب يعرفوا معنى المحبةعمرهم ما يجرحونا باتعيش العمر أحبهبالتفاهم والتسامح يكبر الحب حبة حبةنحنا بانصبر ويمكن ربنا يهدي الحبايب هكذا طبع الحبايبعزلة وإبداع[/c]أما قلة الدراسات التي عنيت بهذا الشاعر الغنائي عبدالله عبدالكريم، فهي لم تكن إهمالاً من جانب النقاد، بقدر ما كانت حرصاً من الفنان على أن يبدع في غيابه عن أضواء وسائل الإعلام، مع أنه كان شاعراً غنائياً مبدعاً، ومن تجمعات الأدباء والمثقفين، وكل جلساته المنفردة، كانت العزلة في تقديره، شرطاً مهماً من شروط الإبداع الفني، فهي تهبه القدرة على الرصد والمراقبة والتأمل واجترار الخبرات وإفراز ذلك كله في إبداعات تتخلق من داخلها من دون أن يحاول المبدع أن يقحم عليها فكرة، ربما لا يقبلها السياق وحين يتحدث عن صديقة الفنان فكأنه يتحدث عن نفسه، فهو الفنان الغنائي الذي صادق من الموسيقيين والفنانين الذين ساهموا في نشر الأغنية العدنية مثل الموسيقار الراحل أحمد بن أحمد قاسم والفنانة فتحية الصغيرة والفنان المعروف فرسان خليفة الذي قدم أغنية “صدقيني” من شعر عبدالله عبدالكريم ولحن وغناء فرسان خليفة:[c1]صدقيني صدقيني لما أقولك أننا أحبك كثيروباضحي لك بقلبي والذي بايصير يصير[/c]وأغنية “يا سلام عليك يا حب” شعر عبدالله عبدالكريم، لحن وغناء أحمد بن أحمد قاسم والفنانة فتحية الصغيرة [c1]يا سلام عليك يا حب يا سلام عليك يا سلامخلونا أمشي وراك أيام وراء أيامفي دنيتك هايم أرويها بالأنغاموأنا ولا اتهنيت غير بس في الأحلاميا سلام عليك يا حب يا سلام عليك يا سلامذكرتنا يا حب أيام ما كنا زمانعايشين سوا قلبين نتهنى بالألحانكان جنبي يتودد يظهر لي حب وحنانوعيونه فيها أشوف الكذب والنكرانوأقول لأجل الحب باتحمل الآلامحبيته أيوه صحيح وما كان على باليإنه بغمضة عين با يهد آمالي [/c][c1]البحث عن الخلاص في عالم أعمى[/c]لا يكف الشاعر الغنائي عبدالله عبدالكريم عن تجديد أسئلة متعلقة بالهوية والوطن والقومية العربية والثقافة والفن في كل عمل غنائي من أشعاره الغنائية وهي تأصيل متكرر لمعنى العلاقة بين الأغنية العاطفية من جهة وبين مشاعره الصادقة تجاه وطنه اليمن الذي كتب عنه العديد من القصائد الوطنية، وهذا لم يكن من قبيل الصدفة، بل هي صرخة يتنازعها التراب الصافي والتوق إلى البحث عن بناء مجتمع جديد خالٍ من الأمراض والجهل والبطالة.لقد باتت هذه الفكرة بالذات هي السمة الغالبة على أشعاره الغنائية وعوالمه الفنية، كشاعر غنائي ومتذوق للموسيقى وعالم الفن الجميل، هكذا تتخذ عند الشاعر الغنائي عبدالله عبدالكريم صفة المشروع الفني الكامل الذي يتعدى الشعر الغنائي العادي ليبحث عن عودة الفن في الزمن الجميل، عودة الفن العربي الأصيل الذي يدعو العالم بأسره إلى فتح عينه على حقيقة ما يدور حوله من صراع دموي يذهب ضحيته الأطفال والنساء والشيوخ دون وجه حق إنه شاعر غنائي يبحث عن الحرية والسلام والأمان.يقول الشاعر الغنائي عبدالله عبدالكريم في قصيدته الغنائية (زمن العجائب):[c1]زمن العجايب يا زمن ياللي أنت أغرب من خيال كلمة وفاء في دنيتك اليوم ولا تخطر ببال الدنيا فيك أتغيرت زي غابة مليانة وحوشحتى القلوب اتلونت والناس خلاص ما يرحموشلا في محبة أو حنان وكلمة توحي بالأمانأصبحنا نتمنى نعيش الود زي أيام زمانحتى الشفايف أصبحت تتمنى صدق الابتسامكم يرتسم فيها العذاب ونقول عليها يا سلامويا ناس عالم يا بشر ياللي انتوا طيبينفين القلوب الصادقة فين المحبة والحنينأنا قلت موالي خلاص وانتوا متى باتفهمواعلى شان تحبوا بعضكم وبدال ما تقسوا.. ترحمواوتعيشوا باقي عمركم في ود يجمع شملكممن غير ألم ولا أنين أو شي يفرق بينكم[/c]
|
فنون
عبدالله عبدالكريم.. أحد رواد الشعر الغنائي اليمني
أخبار متعلقة