صحيفة ( 14 أكتوبر ) تزور روضة صيرة وتتلمس أوضاع النازحين فيها
تحقيق وتصوير/ دنيا هانيتهدف رياض الأطفال إلى تنمية شخصية الطفل فالطفل هو رجل الغد وعماد المستقبل فإذا تم الاهتمام بهذا الطفل يخلق منه شخصية متوازنة من جميع الجوانب ويصبح لهذا الوطن أناس أكفاء يتحملون المسؤولية.صحيفة (14أكتوبر) كان لها وقفة التمست فيها أوضاع النازحين المتواجدين في روضة صيرة وأوضاع الروضة نفسها وما تحتاج إليه من إصلاحات خاصة أنها الروضة الأولى على مستوى الجنوب سابقاً.. فإلى التفاصيل:بداية حديثنا كانت مع الأخت أفراح جعفر محمد مديرة روضة صيرة التي تبلغ خدمتها 32 عاماً وكان الحديث معها مطولاً استهلته قائلة: دخل النازحون إلى الروضة في شهر يونيو وكان ذلك في الإجازة السنوية وعددهم (31) أسرة وما زالوا حتى الآن متواجدين ويوجد معهم أطفالهم وهناك امرأة دخلت وهي حامل ووضعت بالروضة بنتاً أسمتها أفراح تيمناً باسمي وأفراح الصغيرة منذ مولدها وهي بالروضة وهناك أيضاً امرأتان حاملان مازالتا في الروضة.وأضافت: الأسر المتواجدة كويسة وأغلبيتها من أسرة واحدة فهناك أم لديها (8) أولاد متزوجين وهي وأولادها وأولاد أولادها ساكنون هنا، وهناك أسر متفرقة ولكن المحبة والتعاون يسودان بينهم جميعاً والحمد لله لم تكن هناك مشاكل كثيرة وإن وجدت بعض المشاكل من قبل بعض الشباب فإن أسرهم تقوم بردعهم.ورداً على سؤالنا عن وجود طاقم إداري يباشر مهامه في الروضة وعن وجود أطفال يمارسون نشاطهم الاعتيادي قالت: بالنسبة لطاقم الروضة فهو متواجد يومياً ولكن لا يباشر عمله ومهامه على مدى الأسبوع كوننا أغلقنا الروضة فليس هناك أطفال يمارسون نشاطهم في الروضة فهم في إجازة من شهر يونيو من العام الماضي وحتى الآن وفي مديرية صيرة هناك روضتان فقط روضة صيرة وروضة الصهاريج وهي أيضاً مغلقة لتواجد النازحين فيها وذلك بسبب الضغط على مديرية صيرة بعد فتح المدارس على ثلاث نوبات واضطروا إلى إغلاق الروضتين.وأكملت حديثها: عدد الأطفال حوالي 400 طفل وإلى آخر يوم من شهر مايو والمواصلات متوفرة تأتي بهم ثم تعيدهم إلى منازلهم وهم ملتزمون وعندما تأزمت الأوضاع وكانت الطرقات مغلقة في بعض المناطق وهناك إعتصامات نحافظ على الأطفال بإبقائهم في الروضة حتى تنتهي أعمال الشغب وتفتح الطرق أو يأتي بعض الأهالي الذين تتوفر لديهم سياراتهم الخاصة لأخذ أطفالهم والذين لا تتوفر لديهم سيارات نعمل على طمأنة أهاليهم عبر الهاتف وبعدها يذهب الأطفال إلى أهاليهم سالمين.وتطرقت مديرة الروضة إلى معاناتهم عند بداية الأزمة حيث قالت: عانينا كثيراً ومازلنا وعندما تنتهي أزمة النازحين من محافظة أبين ويعودوا سالمين إلى ديارهم سوف يعود الأطفال إلى الروضة، ففي ظل هذه الأوضاع من الصعب أن نقبل أي أطفال، وفي الغالب نحن نقبل أطفالاً جدداً سنوياً حوالي 150 طفلاً بعد أن ينتقل الأطفال من الفئة الصغرى للوسطى ومن الوسطى للكبرى. وحقيقة نحن بحاجة إلى توسيع الروضة لأن الإقبال عليها كبير والشعب قليلة.[c1]أثر وسائل الإعلام[/c]وأشارت إلى أوضاع الأطفال وتأثير وسائل الإعلام المرئية والمسموعة عليهم خاصة وقت الأزمة قائلة: طبيعي أن يتأثر الأطفال بأوضاع البلاد ونحن بدورنا نحاول أن نقوم بتهدئتهم فعندما يسمعون ضوضاء مثلاً أو إزعاجاً يخافون ونحاول تهدئتهم وطمأنتهم فأحياناً يتأثر بعض الأطفال بالوسائل السمعية والمرئية والبعض منهم يأتون ويخبرونا بما شاهدوه بالأمس ودورنا هنا أن نسمع لهم ونبسط عليهم الأمور بطريقة جيدة ومقبولة. وفي بداية الأزمة وجدنا مشاكل من الأهل أنفسهم فبعض الأسر قلقة ومتعصبة عندما تسمع أن هناك إطلاق نار في مكان ما فيأتي البعض ويريد أن يأخذ أبنه ولكن بطريقة مقلقة للأطفال الآخرين ولهذا نحاول أن نفهم الأم أو الأب المسؤول أن من حقه أن أخذ أبنه ولكن ليس بهذه الطريقة حتى لا يخاف الأطفال الباقون.وتابعت حديثها قائلة: بسبب الأزمة أغلقت بعض المدارس وروضة الصهاريج بسبب بعض المشاكل والتهديدات ونحن والحمد لله إلى آخر يوم لم نتعرض لأي شيء.وألمحت مديرة الروضة في حديثها إلى كادر الروضة بقولها: لدينا مربيات قديرات ومؤهلات والقبول في الروضة للأطفال من سن 3 سنوات كفئة صغرى وهذا له تعامل خاص ونظام خاص ورعاية أخرى وجدول خاص يختلف عن الفئة الوسطى والكبرى ويوجد لدينا نشاطات مثل نشاط تربوي والعاب تعليمية ونشاط حر وأركان تعليمية وأركان الزوايا فهذه الجوانب تساعد على تنمية شخصية الطفل.وفي ختام حديثها طالبت الجهات المختصة بحل مشكلة النازحين متمنية لليمن عهداً جديداً ومستقبلاً واعداً وزاهراً.[c1]الطفل بحاجة إلى الحنان[/c]وخلال جولتنا التقينا المربية القديرة فتحية غالب عبده التي عملت 35 سنة في هذه الروضة وهي تدرس أطفال الفئة الصغرى ذوي الثلاث سنوات وقالت لنا: الطفل يحتاج إلى الحنان ونحن كمربيات ننزل إلى مستوى الطفل ونشعره بالحنان حتى يتعايش معنا ويشعر بالأمان وحتى لا ينفر من الروضة ونحاول أن نحبب الطفل فينا حتى يحب الروضة ويتعود عليها، فالطفل المستجد طبعه يختلف عن الآخرين ولا نعرف كيف نتعامل معه بالأول فهو يحتاج إلى الحنان والصبر وسعة البال فكلما صبرت عليه وتحملته فسوف يتأقلم مع الوضع بسرعة ويختلط بالأطفال الآخرين سريعاً.وأضافت: أطفال الفئة الصغرى نقدم لهم برامج تعليمية بطريقة اللعب وعندنا حكايات ونصائح وإرشادات يومية. وأطفال الوسطى الأحرف الأولى والألوان والأرقام. فمنهج رياض الأطفال يعتمد على اللعب والعمل والتعلم يفهم الطفل الأحرف والأعداد والكلمة من خلال تركيبها بالصلصال والألوان ومن خلال اللعب يعمل ويتعلم ويستفيد.وطالبت بتوسيع رياض الأطفال وأتمنى توسيع الرياض العامة والحكومية حتى ننزل لمستوى الأهالي لأن بعض الأسر لا تتوفر لديها المال حتى تلحق طفلها مع أن الرسوم لا تتجاوز الـ500 ريال في الشهر عكس الرياض الخاصة ربما تكون رسومها مرتفعة وبالدولار أحياناً. وأن يتم الاهتمام بروضة صيرة ويتم زيادة الألعاب وشعب للأطفال.[c1]للمشرفة الاجتماعية دور مهم[/c]- في روضة صيرة هناك مشرفة اجتماعية ومشرفة صحية وهما يد العون للإدارة والمربيات في متابعة الأطفال من الناحية الصحية والسلوك لكون الأطفال يأتون من مختلف البيئات والمستويات، فهناك أطفال يأتون من بيئة محافظة ومتعلمة أو من بيئة أمية أو من أسرة مفككة ومفتقدين جانب الحب والحنان وعلى المشرفة أن تكيف الطفل على الوضع هذا وتسعى إلى أن تخلق منه شخصية سوية فهو يأتي من بيته مفتقداً أشياء كثيرة, ويتحصل عليها من خلال التكرار والعمل والاستمرار ومساعدة أولياء الأمور والمحاضرات التي تقوم بها الروضة والتي تكون صحية وتوعوية وإرشادية ويبدأ الطفل بالاستجابة والتعامل مع أهله مثلما يتعامل بالروضة.- وخلال هذه الجولة التقينا ببعض النازحين المتواجدين داخل الروضة حيث تحدثت النازحة شيخة عوض قائلة: نحن جئنا إلى محافظة عدن عندما قصفت الطائرة مدينة جعار وفي البداية جلسنا في مدرسة بازرعة ومع بدء العام الدراسي نقلنا إلى الروضة وكل واحد مكث في فصل ونحن ثلاث أسر في فصل واحد ولدي خمسة أولاد أكبر أولادي 20 سنة وأصغرهم 11 سنة واستقبلونا ورحبوا بنا هنا ابتداء من المديرة الأستاذة أفراح والوكيلة والمربيات الفاضلات وأشكر المديرة التي لم تقصر معنا والتي اعانتنا في مرضنا ووفرت لنا ملابس المدرسة وإذا كانت هناك مشكلة تتدخل في حلها علماً بأن زوجي مريض بجلطة تقوم بإعطائي بعض المال بالسر فجزاها الله كل خير.وأضافت: في بداية الأمر واجهنا صعوبة في العيش ولكننا تأقلمنا مع الوضع ولم نتعرض لأي مشاكل ولكننا نريد أن نرجع إلى ديارنا اليوم قبل بكرة فالواحد لا يشعر بالراحة بعيداً عن دياره ونحن هنا مع بقية الأسر متفاهمون وهناك تعاون كبير بيننا.وعبر صحيفتكم أوجه مناشدة إلى حكومة الوفاق الوطني بحل مشكلة أبين وخنفر وبحل مشكلة النازحين وأن يعملوا على إخراج المسلحين من محافظة أبين والذين عاثوا فيها فساداً فضلاً عن وضع حل للسلاح الذي بيد الشباب والذي أصبح مشكلة حقيقية فقد دفعهم إلى القتل والهدم والقيام بأعمال سيئة فبدل ما يكون ابنك سند لك يصبح عدوك لقد أصبح أبناؤنا مشردين ضربوا المدارس ومراكز الشرطة وكل مكان.وفي الأخير أثنت على مديرة ورياض الأطفال التي استقبلتها بعد نزوحها من قريتها في محافظة أبين إلى محافظة عدن.وقال الأخ مطيع محمد مرحب نازح من نازحي أبين في روضة صيرة: كل الشكر لأبناء عدن على تعاونهم معنا وفتحوا لنا مدارسهم ورياضهم وفتحوا لنا الروضة وقاموا معنا بالواجب ونسأل الله أن لا يعانوا كما عانينا أو كما حصل في أبين فنحن لنا (9) أشهر منذ بداية الأزمة في البداية واجهتنا بعض المشاكل كانت كل 5 أسر أو 6 في غرفة واحدة ثم تم حل هذه المشكلة والبعض الذي لديه إمكانيات خرج بسكن مستقل وقريب من هنا.وأضاف: لكننا نريد العودة إلى بيوتنا لأنها غالية علينا ولأننا هنا لم نحصل على عمل.[c1]وضع غير مرض[/c]والوضع يختلف مع الأخ محمد عبده عبدالرحمن والد الطفلة أفراح الذي قال: الوضع هنا سيئ وأسوأ من اللاجئين الصومال وأي دعم يأتي من الصين أو عمان يقوم المجلس المحلي بتغييره بمواد تالفة حتى البهايم لا ترضى بها ولا توجد هنا أي رعاية صحية فنحن بإمكانياتنا الخاصة نتعالج، فزوجتي كانت حاملاً في الشهر الثالث تقريباً وولدت داخل الروضة وأنجبت بنتاً أسميناها أفراح على أسم الأستاذة أفراح التي لم تقصر معنا حقيقة ولكن الوضع سيئ صراحة حتى المحافظ لم يفكر أن يأتي لزيارة الروضة والإخوة في المجلس المحلي غير نظيفين.وبعد أن هدأ قليلاً أكمل وقال: أتمنى أن يتم الاهتمام بالعائلات النازحة داخل محافظة عدن وأن يولوها الرعاية الصحية ويوفروا المعيشة لها ويؤدوا مهامهم وواجبهم تجاهنا.[c1]روضة نموذج لم ترمم[/c]- وقبل الانتهاء من زيارة روضة صيرة التقينا بالأخ عبدالله صالح اليزيدي مدير إدارة التربية مديرية صيرة الذي تحدث معنا حول أوضاع الروضة ومشاكلها وأوضاع النازحين وقال: نحن لدينا في المديرية روضتان الأولى روضة صيرة وهي الروضة الأولى على مستوى الجنوب سابقاً وكانت أسمها روضة رقم (10) افتتحت بمناسبة الذكرى العاشرة للاستقلال الوطني عام 1977م وكانت محط زيارات لكل من زار اليمن سابقاً حتى من رؤساء الدول باعتبارها نموذجاً للعمل مع الأطفال ما قبل المدرسة وتبوأت إداراتها إدارات تربوية ناجحة ابتداء من الست جليلة رحمها الله ثم الست فريدة وأخيراً الست أفراح المديرة الحالية وحافظت على وضع الروضة. والإشكالية التي نعاني منها هي أن المبنى قديم فمنذ عام 1977م لم تمسسه اليد ولم يرمم.وهناك روضة الصهاريج التي تعتبر حديثة ولكننا لا نستطيع أن نستخدمها كروضة كون النازحين فيها واضطررنا لقلبها من روضة إلى مدرسة ونتمنى أن يكون هذا الوضع مؤقتاً وتعود الأمور إلى وضعها.وأضاف: لدينا (17) مبنى مدرسياً في المديرية ككل يعاني من مشكلة الإخوة النازحين و (12) مبنى يسكن فيها النازحون و(5) مباني فقط تستوعب طلاب (17) مبنى فهناك مشكلات عديدة في إطار العمل التربوي الرسمي فالرياض اضطررنا لإيقافها فقد قمنا بإيقاف روضة صيرة نتيجة لوجود النازحين وعدم القدرة على إيجاد حلول لهم سواء من قبلنا أو من قبل الدولة فهذه مشكلة عامة وروضة الصهاريج قلبناها إلى مدرسة فمتى يتم الحل لا نعرف فهذه مرتبطة بالمركز فمتى يتم حل مشكلة الإخوة النازحين؟ متى ما استطاعوا أن يعودوا إلى مساكنهم في أبين، فالنازحون ليسوا مرتاحين ويفضلون العودة إلى ديارهم ونحن نتعاطف معهم من جوانب إنسانية فهم مواطنون ومن حقهم أن يتحصلوا على السكن اللائق.وأضاف: لكن على الدولة ألا تحل مشكلة على حساب مشكلة وهي حل مشكلة النازحين على حساب طلاب محافظة عدن وعلى الدولة أن توجد المخارج السليمة لهؤلاء إما أن تعمل حلولاً للعودة إلى مناطقهم أو تعويضهم حتى لا يؤثر ذلك على التعليم. لقد مر فصل دراسي كامل ونحن استطعنا بجهد وبمساعدات من السلطة المحلية وأولياء الأمور ومعلمينا إنجاز جزء من المقررات ولكن ليس كل المطلوب وطالما انتهت الأزمة السياسية من البلد فعلى الدولة أن تنتبه أيضاً لمثل هذه الأمور فهي بمقام مشكلة الكهرباء والنفط والجوانب الأمنية إن لم تكن أهم فهذه مشكلة جيل كامل سينتهي إن لم يتلق التحصيل العلمي المناسب ولم يجد بيئة صحية مناسبة.وأختتم كلمته قائلاً: نحن نريد من الأعلام تسليط الضوء أكثر على هذه القضايا ونشكر أولاً صحيفة 14 أكتوبر على النقلة التي قامت بها وهي نقلة طيبة ونريدها أن تسلط مزيداً من الضوء على هموم ومشاكل المواطنين فكلما تم تسليط الضوء على مثل هذه المشكلات كان ذلك حافزاً للدولة لكي تنتبه إلى وجود هذه المشاكل وقد تكون هناك مسؤولية كبيرة على بعض المسؤولين ويتناسون هذه المشكلة أو لم تصلهم ولكن عندما يكرر الإعلام الإشارة للمشاكل فقد نلقى الحلول، فمشكلة الإعلام بشكل عام أن تأثيره يكون محدوداً فهو يطرح الضوء على المشكلة ولكن لا يقوم بتتبعها وإلى أين وصلت فهو بذلك يقتل الموضوع فيجب أن يكون الموضوع بأكثر من حلقة.