طلب مني أحد جيراني الذين يعانون أحوالاً معيشية صعبة أن أكتب مقالاً حول الأحوال المعيشية خلال الأزمة التي مرت بها البلاد وتجاوزت أو قاربت السنة فلم أجد أصدق وأحسن في هذا الموضوع من بيان جمعية حماية المستهلك المبثوث على الشبكة العنكبوتية وقد أحلت جاري العزيز إلى هذه الشبكة فألح علي بأن يقرأها الناس في صحيفة رسمية وقد جاء في بيان تلك الجمعية:“إن الأزمة التي مرت بها البلاد خلال الأشهر الماضية المنصرمة قد عصفت بتأثيراتها الكارثية كافة مناحي الحياة وزادت من وطأة الضغوط على الاقتصاد الوطني الضعيف والمتهالك، والتدهور الأمني المريع في عموم مناطق البلاد والذي بات يقض مضاجع الآمنين والمواطن يتجرع انعكاسات هذه الأزمة الخانقة عليه ويعاني من ويلاتها بالمزيد من المعاناة في حياته المعيشية وعدم حصوله على أدنى مقومات الحياة الإنسانية الكريمة من خدمات وغذاء وصحة”.هذه الديباجة من مقدمة بيان الجمعية اليمنية لحماية المستهلك حول الأوضاع المعيشية في اليمن، التي لم تجد نداءاتها المتكررة آذاناً صاغية وكأنها تؤذن في مالطا ولا حياة لمن تنادي فقد أدت هذه الأزمة إلى زيادة أعداد الفقراء وتردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية والصحية والتعليمية وفقد الناس الشعور بالأمان والاستقرار وأضحى المواطنون يعيشون في خوف ورعب وقلق على حياتهم وعلى أوضاعهم المعيشية التي تزداد سوءاً كل يوم بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار السلع الغذائية الأساسية يوما بعد آخر، بحيث أصبحت رهينة أمزجة وأهواء التجار الذين استغلوا الظروف الحالية للتلاعب بقوت المواطن كما يحلو لهم دون رقيب أو حسيب، مع تقاعس الجهات المعنية عن القيام بدورها في ضبط الأسواق واستمرار ظاهرة الاحتكار لسلع غذائية أساسية والتلاعب بالأسعار والأحجام والأوزان وهو ما أدى إلى عدم قدرة السواد الأعظم من المستهلكين على توفير احتياجاتهم الغذائية الأساسية مع فقدان الكثير منهم لمصادر عيشهم، إضافة إلى تضاعف أسعار المواد والخدمات الطبية والدوائية، وتدهور قيمة الريال أمام العملات الأجنبية دون تدخل من البنك المركزي للحد من هذا التدهور المتزايد والملحوظ لتداول كثير من السلع والمنتجات المخالفة للمواصفات القياسية المعتمدة، ناهيك عن تفشي ظاهرة الغش التجاري والتقليد - والتدليس والتضليل على المستهلك من خلال السلع الرديئة التي تغرق السوق المحلية، بما في ذلك المخالفات في محلات إعداد وتحضير الأغذية من مطاعم وأفران، ما حول غالبيتها إلى بيئات خطيرة لانتقال الأمراض المعدية، فضلاً عن حرمان المواطن من حصوله على حقه في غذاء وخبز صحي وآمن بالإضافة إلى استمرار انقطاع التيار الكهربائي في أكثر من محافظة لفترات تزيد على عشرين ساعة في اليوم منذ بداية الأزمة دون إدراك للأضرار الكبيرة التي لحقت وتلحق بالمواطنين وبمصالحهم وبتعاملاتهم علاوة على الأضرار التي لحقت بالخدمات الصحية من تلف للأدوية التي تتطلب تبريداً ومخصصة لذوي الأمراض المستعصية فضلاً عن الأضرار التي لحقت بكافة القطاعات كقطاع الغذاء والدواء والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وأصحاب الورش والمعامل، مضافاً إليها المخاطر الناجمة عن الاستخدام واسع النطاق لمولدات الكهرباء الصغيرة، وما تخلفه من عوادم خطيرة على صحة المواطنين وليس هناك بدائل من قبل الجهة المسؤولة.أضف إلى ذلك عدم تعامل الحكومة بشكل جدي مع الاختناقات المتكررة في المشتقات النفطية والتي تدفع بدورها إلى تأزيم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة للمواطنين ولجوء الحكومة إلى زيادة سعر البترول ورفع سعر الديزل ما أدى إلى شلل شبه تام لحركة النقل وارتفاع الأسعار للمواد المستوردة أو المصنعة محلياً وضاعف أجور النقل للبضائع وكذلك نقل الركاب داخل المدن أو بينها والقرى المجاورة كما ساهم في انخفاض الإنتاج الزراعي من الخضروات والبقوليات والفواكه والحبوب المختلفة وفاقم من مشكلة الأمن الغذائي وزيادة شريحة الفقراء.ولا ننسى ارتفاع سعر الغاز المنزلي في الأسواق وعلى السيارات الكبيرة والمتوسطة وانعدامه في معارض المؤسسات، وكذلك انقطاع المياه عن المنازل وارتفاع أسعارها ثلاثة أضعاف في المدن والأرياف، وتداعيات ذلك في زيادة انتشار الأمراض والأوبئة لقلة النظافة وتخزين المياه بوسائل وأدوات غير صحيحة. أضف إلى ذلك تزايد معدلات سوء التغذية بين الأطفال اليمنيين بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية واستمرارها وتفشي أمراض خطيرة كشلل الأطفال والحصبة والكساح وحمى الضنك وهذا معناه تدني مستوى الرعاية الصحية وانهيارها وعدم اتخاذ تدابير فاعلة للسيطرة عليها، فضلاً عن تدفق الأدوية المهربة والمقلدة وتلفها في المناطق الحارة وعدم صلاحيتها. أضف إلى ذلك أن الأزمة أفرزت قوافل من العاطلين عن العمل بعد إغلاق كثير من المصانع والشركات والمعامل والورش وتسريح آلاف الموظفين والعمال ما ضاعف من نسبة البطالة المرتفعة أصلاً، ولا ننسى استمرار ظاهرة استيراد وتهريب مبيدات محظورة ومحرمة دولياً يرافقها الاستخدام العشوائي وغياب الدور الرسمي للحد من هذه الممارسات.
|
فكر
الأوضاع المعيشية بعد جائحة الأزمة!!
أخبار متعلقة