إدمان الإنترنت بين شغل الفراغ والتسلية وبين الكذب والخداع والخيانات الإلكترونية
استطلاع/ دنيا هاني:هناك الكثير من الأشخاص الذين يدخلون إلى شبكة الإنترنت ويتعمقون فيها لدرجة أنهم لا يستطيعون الاستغناء عنها كونها عالماً آخر غير الواقع الذي يعيشونه فمنهم من يلقون بأنفسهم في ظلال هاوية الرغبة الجامحة دون التفكير بالعواقب التي ستؤول عليهم في النهاية ومنهم من يستخدمون حيلاً وألاعيباً لاقتناص ضحاياهم ويستغلون سذاجة عقولهم في إحساسهم بالفراغ على أمل حصولهم على ما يملأ وقتهم. فهل يصنف الإدمان على الإنترنت على أنه بداية للخيانة الإلكترونية وفشل العلاقات بين الأفراد أم أن الإنترنت بريء من هذه الإدعاءات ، ومثل ما له من عيوب فإن له فوائد وإيجابيات. وللتعرف أكثر على المجهول وراء استخدام الإنترنت والإدمان عليه والخيانات التي قد تحصل فيه قمنا بهذا الاستطلاع لمعرفة آراء بعض مستخدمي الشبكة العنكبوتية فإلى النتيجة التي خرجنا بها:الشعور بالذنبالأخت (أ.ح) - متزوجة - دار بيننا حديث عن كيفية استخدامها للإنترنت وبماذا تستفيد منه وكيف تستغل وقتها فيه؟ فألمحت بنظرة يائسة: السبب في الأول والآخر لدخولي المستمر إلى عالم الإنترنت هو الفراغ الدائم والساعات الطوال التي أحس بها والتي لا تنقضي بسرعة لهذا أجد الإنترنت والتصفح هو الوسيلة الوحيدة الذي يشغلنا عن نهار طويل وليل أطول فأنا متزوجة ولكن ليس لدي أولاد وزوجي دائم السفر للعمل خارج البلد والملل يجعل الإنسان يبحث عن شيء يلهو فيه ولهذا أعتبر الإنترنت وسيلة تخرج الإنسان عن وحدته وتسليه وتفيده في كثير من الأشياء.وقبل أن أكمل سؤالي لها أسترسلت في حديثها وقالت: طبعاً سوف تقولين لي هل أدخل إلى غرف الدردشة والشات كنوع من التسلية والتعرف على الآخرين، صراحة في بادئ الأمر لا أخفيك سراً إن قلت لك كنت أدخل وأرى ماذا يدور خلف هذه الغرف كنوع من الفضول والملل لا أكثر ولكن بعدها لم يرقني هذا الشيء لأني وجدته عملاً غير صحيح ويجعلك تشعرين بالذنب وكأنك عاملة عملة، فأصبحت أتصفح وادخل مواقع أستفيد منها وتلهيني كثيراً منها مواقع لمجلات عربية أجد فيها كل شيء أحتاجه ومواقع لتحميل الأغاني والأفلام وهذا ما أقوم به عادة، فالإنترنت في غالب الأحيان يكون الشيء الوحيد الذي تجدينه أمامك إذا أحتجتي للترفيه أو التسلية وهناك أنواع كثيرة من التسلية ولكن أغلبها تسلية خاطئة ولا تنفع بشيء لهذا من الجميل أن يستفيد الإنسان من الإنترنت بما يحتاجه لا بما يخرب عليه حياته.واختتمت كلامها قائلة: لي صديقة كنت أعرفها تدخل الإنترنت كثيراً وهي مرتبطة ولكن عندما عرف خطيبها ذلك شك بها وظن أنها تستخدمه لأمور أخرى كالتعرف على غيره، وعانت بسببه من المشاكل حتى خيرها بينه وبين الإنترنت فأنهت ارتباطها به وقالت إن لم يثق بي الآن فكيف إذا تزوجنا ورآني أستخدم الإنترنت؟ فسوف يخيرني بين الطلاق وبين الإنترنت. تغيرت حياتناأما (ح.م) - ربة بيت - تكلمت ووجهها شاحب يكشف معاناتها من الإنترنت وفي بداية كلامها قالت: أنا لست متعلمة ولا أفهم كيف استخدم الكمبيوتر أو ما يسمى الإنترنت ولكني لم أعد قادرة على إهمال زوجي لي ولأولاده واهتمامه الزائد بالإنترنت الذي صرت أعتبره بمثابة زوجة ثانية وضرتي الحقيقية، والمشكلة أن زوجي تغير وأصبح يمنعني من معرفة ماذا يفعل أمام جهاز الكمبيوتر؟ وإذا سألته عما يفعل يتوتر ويعصب علي وينهرني بشدة، ما أثار غيرتي وشكي من جلوسه الطويل أمام الإنترنت وفشلت كل محاولاتي لإعادته إلى حياته الطبيعية معنا والتي تغيرت كلياً، كما أن مستقبلنا أصبح محفوفاً بالمخاطر إلى جانب أن الشك دخل إلى قلبي في خيانته لي وأن تكون لديه امرأة أخرى لهذا السبب تغير والحياة بيننا أصبحت فاترة ودائماً ما يمنعني من معرفة ماذا يفعل أثناء جلوسه المستمر على جهازه، وأنا لا أملك سوى الصبر والدعاء له عله يرجع إلى طبيعته معنا أو يكون شكي في غير محله وأكون قد ظلمته في خيانته لي عبر شاشة الكمبيوتر وتكون لديه أسباب أخرى، لكن هذا لا يمنع أن أقول إن حياتنا بالفعل تغيرت بسبب الإنترنت. استخدامه بما يرضي اللهأما الأخت (ش.ج) متزوجة فقالت: الإنترنت لا يخلو من السلبيات وعلينا ألا نركز على هذا الجانب فقط فالإنسان عنده سمع وبصر وعليه أن يعرف كيف يستخدم هذه التقنية بما يرضي الله ويرضي نفسه وألا يقوم بالدخول إلى المواقع المشبوهة ويتحمل فيها إثماً وأن يستخدمه للفائدة والتعلم والتواصل مع أهله واصدقائه والترفيه فهناك طرق عديدة حتى يقوم الشخص بالترفيه عن نفسه وتنمية مداركه ومعارفه ويكسب ثقافات عديدة ويكتشف بنفسه الجانب الآخر والسلبي للإستخدام المفرط للإنترنت والتجنب منه.وأضافت بالنسبة لي أستخدم الإنترنت في أوقات معينة وساعات معينة ولا أعتبر نفسي مدمنة إنترنت لأني أعرف متى أستخدمه ومتى أتوقف عنه وأستفيد من وقتي بأمور أخرى. خيانة إلكترونيةبينما الأخت (ن.س) - طالبة جامعية - تقول إن الإنترنت يؤدي إلى الخيانة الإلكترونية، فقد اكتشفت أن خطيبها مدمن إنترنت وأنه يقضي وقته كله أمام الكمبيوتر، ودخل الشك إلى قلبها وحتى تطمئن على سلوكه وأفعاله قررت أن تعرف كلمة السر الخاصة به، ودخلت إلى بريده الإلكتروني وكانت المفاجأة والصدمة أنها وجدت الكثير من الرسائل الغرامية والصور التي يتبادلها خطيبها مع فتيات أخريات من دول عربية وأجنبية، وعندما واجهته بذلك لم ينكر، ولكنه قام بوعدها بعدم العودة إلى ذلك مرة أخرى وأنه سوف يتخلص منهن وسوف يخلص لها وحدها ولكنها فقدت الثقة به لأنه لم يصارحها من البداية وشعرت بالخيانة وتحولت علاقتهما إلى الأسوأ..ولأسباب خاصة لم تكمل كلامها معي هل استمرت بارتباطها مع خطيبها أم أن شبح الإنفصال قد دخل بينهما. ولكني أكاد أجزم أنها قد تكون تركته. نصب واحتيالوروت الأخت (ع.م) موقفاً حصل لها في السابق جعلها تصبح أكثر حرصاً وحذراً في استخدامها للإنترنت والأختيار المناسب في التعرف على الآخرين وتحدثت من غير أن أقاطعها: قبل أن يصبح هناك شبكات اجتماعية و(فيسبوك) كنت أدخل الإنترنت كثيراً وتعرفت من خلال بعض المواقع الخاصة بالتعارف والدردشة على صديقات من عدة دول عربية وقد كانت هناك صديقة دائماً ما أن ادخل إلى الإنترنت وأكون في حالة (أون لاين) ألقاها موجودة ونتحدث عن أمور كثيرة فكانت مرحة بكلامها ولها أسلوب مميز في اجتذاب الآخرين إلى أن طلبت مني في يوم من الأيام أن أريها صورة لي ونتعرف أكثر في بادئ الأمر كنت موافقة على هذا الشيء لأنها قامت وأرتني صورتها ولكن ترددت قليلاً وشعرت بالخوف فكنت أتهرب منها بمجرد أن تفتح لي موضوع الصورة وبعد فترة أقنعتني وأظهرت صورتي على شاشة المحادثة وإذا بكلامها معي يتغير وأسلوبها أصبح مختلفاً وأتفاجئ في الآخر أنها ليست فتاة بل ولداً وبدأ يستفزني بالكلام ويطلب مني أن أرسل الصورة له وإلا فسوف يتحصل عليها بأسلوبه الخاص وخفت كثيراً من طريقة كلامه وأقفلت المحادثة وبقيت بمكاني متسمرة لم أستطع التحرك ولم أحس إلا ودموعي تنزل مني وعاهدت نفسي بعدها ألا أدخل أبداً على غرف التعارف أو أن أضيف أشخاصاً لا أعرفهم لأنه بالفعل يحصل أن يتعرض الواحد منا للنصب والاحتيال وشكرت ربي أني لم أستعجل وأرسل صورتي وأنا نيتي كانت صافية على أساس أنها صديقة وبنت لأن العواقب ستكون وخيمة ويكفي أني ندمت كثيراً وتعلمت من الدرس وأصبحت أكثر حرصاً وأكتشفت أن الانترنت عالم واسع فيه من الطيبين وفيه من الخبيثين والحذر واجب ويجب ألا نثق بأحد لا نعرفه. الإنترنت عدو الجهلاءوهناك تعليق على الخيانة الزوجية أو ما تسمى بالخيانة الإلكترونية من خلال الإنترنت تقول الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس بمصر: لا يزال الإنترنت شيئاً جديداً على عالمنا العربي، لذا فهو موجود معنا بصورة منتشرة، لأنه وكما يقال عليه لغة العصر. ولا نستطيع أن نقول على الإنترنت إنه شيء ضار، فهو مثل كل شيء في الدنيا له إيجابياته وله سلبياته، مثل التليفون قد يستخدم في إخبار شيء مهم، وعلى العكس قد يستخدم في المعاكسات. فالإنترنت له جانب إيجابي مثل تناقل المعلومات والتسلية، وله جانب سلبي وهو ما يتعلق بالخيانة الزوجية.والمشكلة تتلخص في أننا في مجتمعنا نستخدم الشيء بصورة سطحية، ونعتقد فقط في الجانب السلبي منه، وهذا مثل الخيانة على النت والشات في مثل هذه الموضوعات، والسبب في ذلك أننا سنأخذ وقتاً حتى نستوعب كل شيء جديد علينا، ربما تكون عشرات السنين، فنحن لا نتعلم بشكل صحيح.صراحة ووقاحةأحببت أن أسرد هذه الحكاية البسيطة لما سمعته من بعض النساء اللاتي ارتبطن في حياتهن الخاصة ولكنهن في الحقيقة لا يمانعن من الدخول إلى الإنترنت عبر هواتفهن النقالة ويتعرفن عبر برامج المحادثة على أشخاص آخرين باسم الصداقة ويقلن بكل صراحة ما المانع من ذلك بالأول والآخر من هم مرتبطون بهن لا يعلمون ذلك وثانياً هن يقمن بتضيع وقتهن بالتسلية والمحادثة والتعارف وتبادل الأرقام. عجبت على هذه الأفعال وكيف أن الخيانة الإلكترونية عند البعض تعتبر ليس لها أي اهمية على أساس مجرد تسلية وتضييع وقت.لا أستطيع أن أقول على مثل هؤلاء النماذج إلا أن كلامهن عن الصراحة إنما هو وقاحة وعدم إحترام الطرف الآخر وهناك فرق بين الفراغ والتسلية وبين الكذب والخداع والخيانة الإلكترونية.