بحمد الله وتوفيقه تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني المنوط بها قيادة المرحلة القادمة وبدأ إنجاز الخطوات الأولى في مسار تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. ومما لاشك فيه أن أمام هذه الحكومة الكثير من المهام والتحديات الجسام وليس من السهل إنجازها في فترة وجيزة، بسبب تراكمات وتعقيدات المشهد اليمني مع شحة الموارد، ولن تكلل بالنجاح إلا إذا تضافرت كل جهود القوى الفاعلة وحشدت لها كل الطاقات المسبوقة بصدق النوايا، وحتى تستقيم الأمور والسير بالتسوية السياسية وتحقيق أهدافها الملبية لما يطمح إليه الشعب والوصول باليمن إلى بر الأمان، لابد أن تتوفر كل مقومات النجاح ونعتقد أن تحقيق كل ذلك مرتبط بما يجب اتخاذه وما يلزم توفيره من الإمكانات المطلوبة سواء من قبل الدولة أو من الخارج، وقد أجملنا ذلك كما يلي: [c1]توفير الإرادة السياسية وصدق النوايا: [/c]يجب على كل الأطراف الموقعة على (المبادرة ) والتي شاركت في الحكومة أن تتوفر لديها الإرادة القوية، والنوايا الحسنة، والمصداقية والشفافية في التوجه والعمل، والشعور بحجم وعظمة المسؤولية، والإيمان المطلق بأن لا سبيل لإنقاذ الوطن والحفاظ على وحدته إلا بالمضي قدماً في تنفيذ ( المبادرة ) والإخلاص والوفاء للقسم الذي أقسموه، والاستعداد لتجاوز العقبات التي قد يضعها أو يختلقها أي طرف معرقل، وتقديم التنازلات والتضحيات في سبيل ذلك، فالسياسي الحصيف هو من يكون لديه إلمام ولو يسير بـ ( فقه الواقع والتوقع) السياسي، والعمل بروح الفريق الواحد وأن تكون كل خطوة تخطوها الحكومة مدروسة النتائج بعناية فائقة سلفاً مع تفعيل جدي وحقيقي للقوانين والمنظومة الرقابية وتقييم الأداء وتحقيق مبدأ الحكم الرشيد وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب. [c1]خطاب سياسي وإعلامي وديني عقلاني:[/c]تقويم والتزام الخطاب السياسي والإعلامي والديني بالتهدئة كضرورة ملحة لما تقتضيه المرحلة وتلتزم به جميع الأطياف السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وإيجاد سياسة واضحة وأسلوب واحد في التعامل مع كل وسائل الإعلام المختلفة، وضبط كل ما من شأنه أن يفضي إلى الإثارة وتأجيج الأحقاد وإعادة إنتاج الفتنة وإغراق الوطن في فوضى لا تتوقف ولا تحمد عقباها. فمن المعيب أن تكون بعض العناصر الحزبية والمستقلة مشاركة في السلطة وفي الوقت نفسه لاتزال عناصر من تلك الأحزاب تعمل على تأزيم الوضع. فلا تستطيع أي حكومة مهما توفر لها من إمكانات أن تنجح في مهامها في ظل خطاب ينتهج خطاً معاكساً ومناهضاً لتوجهات ومشروع هذه الحكومة أو في ظل استمرار الفوضى، فأين التهدئة والحكمة من التوافق، ومازال البعض يعزف على وتر الإثارة..؟ فالمطلوب إعلام وطني مسؤول ومفتوح لكل الآراء، إعلام يصلح ولايفسد، يوفق ولا يفرق على النحو الذي بدأت به صحيفة (14 أكتوبر) وقناة ( السعيدة ) على سبيل المثال. بقاء بعض الأشخاص في الخارج (يغردون خارج السرب ) مدعاة للاستغراب والريبة، والبعض لم يستوعب بعد مجريات المشهد اليمني، ينطبق عليهم المثل الشعبي ( الناس خراجا من السوق وزعكمة داخليه) ننصحهم بأخذ إجازة. الخطاب المطلوب توجيهه لشباب الاحتجاجات والأعتصامات ينبغي أن يكون محوره توضيح: أهمية ما توصل إليه الفرقاء من تسوية سياسية، وأن ما تضمنته ( المبادرة ) وما شرعت الدولة باتخاذه من خطوات وإجراءات حتى الآن، كل ذلك يتناغم وينسجم مع مطالبهم وأهدافهم باتجاه التحول والتغيير المنشود، وما بلوغ الغاية إلا مسألة وقت تحتاج من الجميع الصبر. التأكيد على أن ثورتهم قد حققت الكثير ولولاها لما وجدت ( مبادرة ). أن الاستمرار في رفع سقف المطالب باضطراد وإصدار الأحكام المسبقة لن يحقق شيئاً يذكر، فكل مطالب الناس يستحيل تلبيتها دفعة واحدة، ولكن كما يقال: ( مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ). أن المجتمع الإقليمي والدولي أيدوا هذه المبادرة ورأوا أنها الحل الأمثل للوضع اليمني، فلا يعقل أن يكون العالم كله على خطأ والبعض منا على صواب. ومن لايزال يحاول إشعال الحرائق وإيغار الصدور بالحقد والتصعيد ساعياً لشق الصف نقول له: ( لا تثقل نفسك بالكراهية فهي أكبر مما تتصور ) وأتق الله. [c1]مطلوب حكومة إنقاذ وطني .. لا حكومة انتقام ! [/c] تصريحات رئيس الحكومة الأستاذ محمد سالم باسندوة وبعض وزرائه وماجاء في بيان مشروع الحكومة كلها كانت تؤكد أنها حكومة إنقاذ وطني ولم تشكل على أساس التقاسم والمحاصصة، ذلك ما جعل الناس في الداخل والخارج يستبشرون خيراً وقد عول الكثير عليها، مع الأمل بأن تترجم تلك الأقوال والوعود إلى أفعال، لكن ما يؤسف له ما سمعناه بعد ذلك وما سربته بعض وسائل الإعلام من معلومات عما حصل ومازال يحصل من الأحداث والتصرفات السلبية ومنها: استمرار التقطعات في الطرق للمشتقات النفطية وقطع الكهرباء وغيرها. استمرار الانتهاكات لحقوق الإنسان خصوصاً التي تمارس في ساحة الجامعة والمعتقلات الخاصة للميليشيات المسلحة ( للإخوان والفرقة ) وضحاياها بعض الناشطين والشباب الثائر والخصوم لمجرد الاختلاف في الرأي، مع استمرار توجيه الاتهامات والاستفزازات المتبادلة بين جميع الأطراف السياسية. ظهور بعض المماحكات بين أعضاء الحكومة منها محاولة السيطرة والنفوذ على بعض الايرادات السيادية، وبروز نزعة إقصاء الآخر وفرض التغيير بقوة الفوضى والشاهد ما يحدث في أغلب مؤسسات الدولة بدعوى تصفية تلك المؤسسات من الفاسدين، حيث ذهب البعض إلى القول إن هنالك أيادي عبثية تقف وراء تلك التصرفات غير الحضارية وغير المنطقية لا تتناسب مع التوجهات التي تتطلبها مرحلة التحول نحو الاستقرار والإصلاح الحقيقي، وإخراج الوطن من النفق المظلم.افتعال تلك الظواهر يأتي من رغبة حزبية ترفض التعايش مع الآخر وبدافع الانتقام من قبل كوادر ممن ارتكبوا مخالفات وأخطاء سبق لقيادات مؤسساتهم ان اتخذت اجراءات عقابية ضدهم ولا يستبعد ضلوع اشخاص ممن يعتقدون بأن التسوية قد همشتهم فخرجوا من (المولد بلا حمص) وكذا بعض الانتهازيين والوصوليين، والظاهر انه (تكتيك جديد للتصعيد)، الأمر الذي كون انطباعات مخيبة للآمال وبدأت الشكوك وعلامات الاستفهام تحوم حول مصداقية هذه الحكومة من عدمها، ومن تلك الصور نستحضر المثل المصري القائل: ( أسمع كلامك اصدقك .. أشوف عملك استغرب).فإذا ما توفرت الرغبة والحرص على إنجاح المبادرة من قبل الحكومة، لابد من ايقاف ومنع أي تصرفات أو اجراءات تؤدي إلى إقصاء أي مسؤول أو موظف على خلفية مواقف أو آراء معينة كما حصل مع بعض العاملين في الإعلام الرسمي.. بل أن مجرد التفكير في هذا الأمر يعد سابقة خطيرة تثير القلق وستكون عواقبها وخيمة وقد يكون مؤشراً على نهج أعضاء هذه الحكومة، ولا نحتاج إلى التذكير بتجربة العراق في مسألة الإقصاء والاجتثاث وما آلت إليه من فضائع واللبيب من يتعظ ويعتبر، وليكن عمل الجميع منزهاً ومجرداً وخالصاً لوجه الله الكريم ولما فيه مصلحة الوطن، فمن اراد ان تكون له بصمة ايجابية في صنع مستقبل اليمن المشرق، فلا ينظر إلى الوراء، إلا لمجرد اخذ العبرة والعظة.نعم نحن مع محاربة الفساد وبكل أنواعه واشكاله بما في ذلك الفساد السياسي والاخلاقي والكل متفقون على ضرورة تغيير ومحاسبة كل من ثبت تورطه في قضايا فساد خصوصاً في نهب المال العام والأراضي أو من انغمس في مستنقع المحسوبية ووفقاً للوسائل القانونية حتى لا يساء التصرف والتعميم والخشية من ان يتم استغلال هذا النهج فيما قد يؤدي إلى تعطيل مؤسساتنا واتلاف محتوياتها كما حدث سابقاً لبعض المنشآت العامة والخاصة والمعسكرات، ويكفي أن نعلم بأن العملية التعليمية مازلت شبه مشلولة.[c1]وقف تدخل الخارج في الشأن المحلي[/c]ان يتوقف كل اشكال وأنواع التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لليمن سواء كان من قبل اشقاء أو أصدقاء وخصوصاً تدخل (الشقيقة) قطر (وصراع) إيران و(حمى) كبرى دول الغرب، فكل تدخل لايأتي من ورائه خير، في الاغلب الأعم.[c1]توفير الإمكانات (الدعم الخارجي)[/c]نأمل من كل الاشقاء والاصدقاء وبالاخص الدول المانحة وكل من رعى ودعم المبادرة، الاسراع بالوفاء بما التزموا وتعهدوا به تجاه اليمن، لكي يخرج من محنته ويحقق ما يتمناه الشعب، فتوفير الدعم المطلوب من شأنه الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن وخلق تنمية حقيقية مستدامة تنهض بالاقتصاد وتحد من البطالة التي كانت من أسباب اندلاع الأحداث وتفجير الثورة، حتى يصبح اليمن كياناً فاعلاً وعنصراً مهماً في الاستقرار الاقليمي والدولي.[c1]ملاحظة:[/c]ننوه هنا إلى ضرورة الاخذ بعين الاعتبار عند الشروع بإجراء أي تعديلات في النظم التشريعية مستقبلاً أن تتضمن اتجاهات تعمل على الحد من سلطة وهيمنة ومراكز القوى حتى لاتتحول إلى معوقات وحجر عثرة تقف امام قيام وانطلاق الدولة المدنية الحديثة التي يجب ان يسودها القانون وتكون له السلطة العليا، ووضع تشريعات صارمة تحمي الثوابت الوطنية وفي مقدمتها الحفاظ على وحدة اليمن أرضاً وإنساناً، وترسيخ القيم الإسلامية الصحيحة المبنية على الوسطية والاعتدال.اللهم وفق الجميع إلى ما تحبه وترضاه ولما فيه خير وروح البلاد والعباد.وكل عام وشعبنا وبلدنا والأمة بألف خير وفي أحسن حال.
|
فكر
حتى تنجح ( المبادرة ) وتستقيم الأمور..!!
أخبار متعلقة