في ورقة علمية استعرضها في اللقاء السنوي الثاني للمنتدى الأول للسكان بعنوان (العالم 7 مليارات وتحديات المستقبل)
عرض/ بشير الحزمي:قال الدكتور حمير عبد المغني مساعد الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان باليمن أن وصول العالم 7 إلى مليارات نسمة يعد انتصارا للإنسانية . موضحاً أن بقاء الكثير من الناس على قيد الحياة في وقت واحد أصبح ممكنا بسبب التقدم في مجال التعليم والصحة والتنمية البشرية، بما في ذلك الأمومة الأكثر أمانا.مشيراً إلى انه عندما كان تعداد السكان قليلا ومتناثرين، كان تأثيره صغيرا و محدودا. وقال في ورقة علمية استعرضها في اللقاء السنوي الثاني للمنتدى الأول للسكان تحت عنوان ( العالم 7 مليارات وتحديات المستقبل ) : مع 7 مليارات نسمة، أثرت النشاطات البشرية على كل سنتيمتر مربع من مساحة العالم و كل سنتيمتر مكعب من الهواء والماء وعلى كل الكائنات التي تعيش على الأرض و تحت الأرض أو في البحار.وأضاف أن الناس الأكثر ثراء في العالم استخدموا الجزء الأكبر من الموارد و أثروا الأثر البالغ على البيئة. ومعظم هؤلاء الناس هم أفضل حالا في الدول الصناعية ولكن أعدادهم آخذة في النمو الكبير .ولفت إلى أن “الاقتصاديات الناشئة” وهي على سبيل المثال الصين، والهند واندونيسيا والبرازيل، تكون ما يساوي 3 مليارات نسمة. وهذا مساو لعدد السكان في العالم كله قبل 50 عاما ، موضحاً أن عدد السكان في البلدان الأكثر فقرا ينمو بشكل أسرع وأن الناس الأشد فقرا هم أقل تأثيرا على البيئة . وأن مكافحة الفقر وتحفيز النمو الاقتصادي وحماية البيئة تستوجب ربط كل الاستراتيجيات، بما في ذلك السياسة السكانية. [c1]من الفقر إلى الثراء[/c]وأشار إلى انه في ثمانينيات القرن الماضي، تم إطلاق اسم “النمور الآسيوية” على البلدان في جنوب شرق آسيا لأن اقتصادياتها كانت تنمو بسرعة كبيرة. ولكن في هذه البلدان، كان قد بدأ النمو السكاني يتباطأ قبل انطلاقة اقتصادياتها ، ربما أدى تباطؤ النمو السكاني إلى التنمية الاقتصادية وليس العكس.و في الخمسينيات و الستينيات، استثمرت هذه البلدان في الصحة والتعليم، مع التركيز على احتياجات المرأة. وأصبح من الواضح أنه عندما تكون المرأة قادرة على اتخاذ القرار بنفسها، فإنه سيكون لها عدد أقل من الأطفال وبالتأكيد فإنها بداية جيدة في الحياة. ومن ثم فالأطفال الأصحاء و المتعلمون سيكونون جيلا منتجا و قادرا على العطاء. وبمزيد من الحرية ، وبخروج المزيد من النساء للعمل، يزيد دخل الأسرة أكثر وتزيد مدخراتها. ومع أعداد أقل من الأطفال في المدارس ، ترتفع مستويات التعليم، ويقل الإنفاق من الناتج القومي.ومع مرور الوقت، سيكون هناك المزيد من الشباب في سن العمل لإعالة الأطفال والكبار. كل هذا يؤثر إيجابا في النمو الاقتصاد.وقال : اليوم العديد من البلدان لديها الفرصة لمتابعة المسار نفسه. المزيد من النساء يمكن أن يتمكن من إتخاذ قراراتهن بأنفسهن. وسيساهم الاستثمار اليوم في مجال التعليم والصحة للجميع، والتأكد من أن الفتيات و الأولاد يحصلون على فرص متساوية، لكليهما ستؤدي إلى تسريع النمو الاقتصادي المستدام.موضحاً أن الدول الغنية قد وعدت بمساعدة الدول الفقيرة بتوفير الموارد من اجل خفض الفقر المدقع لتحقيق الهدف الأول من أهداف الألفية الإنمائية .ولفت إلى أن جيل الشباب هو أكبر بكثير بالمقارنة مع أعداد كبار السن والأطفال الذين يعتمدون على عملهم. ولكن هذا الجيل سيكبر سناً بدوره وهناك عدد أقل من الأجيال الشباب القادمة وراءهم. وبالتالي فإن الفرصة لا ينبغي أن تفوت. إذا فشل اليوم الاستثمار في الشباب، فمن الذي سيقود التنمية و يرعى المسنين في المستقبل؟[c1](7) بلايين يعتم بعضهم على بعض[/c]وأضاف د . حمير بالقول إن عالماً تعداده سبعة بلايين نسمة يعد إنجازاً من نواح كثيرة. فعلى الصعيد العالمي، أصبح الناس أطول عمراً ويعيشون حياة أكثر صحة، والأزواج يختارون أن يكون لهم عدد أقل من الأطفال. ولكن ما زال يوجد قدر كبير من الظلم وما زالت التحديات الجسام ماثلة. وفيما يتخوف الآن الكثير من البلدان الغنية من انخفاض الخصوبة ومن الشيخوخة، تناضل أفقر دول العالم من أجل تلبية احتياجات السكان المتنامية بسرعة. والفجوات بين الأغنياء والفقراء آخذة في الازدياد... وأعداد المعرضين لانعدام الأمن الغذائي ونقص المياه والكوارث المتعلقة بالطقس أكبر من أي وقت مضى. وستتوقف قدرتنا على أن نعيش معاً على كوكب صحي على الخيارات والقرارات التي نتخذها الآن. ذلك أننا في عالم تعداده سبعة بلايين نسمة، وآخذ في الازدياد، بحاجة إلى أن يعول بعضنا على بعض. [c1]تحديات[/c]وأشار إلى أن الحد من الفقر وعدم المساواة يؤدي أيضاً إلى إبطاء النمو السكاني. واستغلال طاقة النساء والفتيات سيؤدي إلى تسريع التقدم. ووجود أكبر عدد من السكان الشباب سيغير العالم ويغير مستقبلنا. وضمان أن يكون كل طفل مرغوباً فيه وكل ولادة مأمونة يؤدي إلى أن تكون الأسرة أصغر وأقوى. وكل شخص من بلاييننا السبعة، ومن الذين سيأتون بعدنا، يعتمد على صحة كوكبنا. ويشكل انخفاض الخصوبة وطول الأعمار تحديا غير مسبوق هو: شيخوخة السكان. وسوف يعيش البليونان القادمان في المدن، ولذلك فنحن بحاجة إلى التخطيط من الآن. [c1]الفقر وانعدام المساواة[/c]وأعتبر أن الحد من الفقر وانعدام المساواة يؤدي أيضاً إلى إبطاء النمو السكاني. موضحاً انه في أشد البلدان فقراً، يرتبط الفقر المدقع والظلم وارتفاع نسبة الوفيات وارتفاع معدلات الخصوبة معاً في حلقة مفرغة. ومن شأن الحد من الفقر بالاستثمار في مجالي الصحة والتعليم، وبخاصة صحة النساء والفتيات وتعليمهن، أن يؤدي إلى كسر هذه الحلقة. وكلما تحسنت الظروف وشعر الآباء والأمهات بالثقة في بقاء معظم أطفالهم على قيد الحياة، فإنهم كثيراً ما يختارون أن تكون أسرهم أصغر عدداً. ويخفف هذا من الضغط عن كاهل الأسر المعيشية والحكومات، ما يتيح المزيد من الاستثمار في كل طفل والنهوض بالآفاق على المدى الطويل. كما أن المباعدة بين فترات الحمل تؤدي إلى تحسين صحة الأمهات والأطفال، الأمر الذي تترتب عليه فوائد طويلة الأمد. ويمكن للأسر الأصغر حجماً أن تؤدي أيضاً إلى “عائد ديموغرافي” للبلدان، وذلك لأن وجود فئة كبيرة من الأشخاص في سن العمل الذين يقل عدد من يعولونهم نسبياً من شأنه أن يحفز النمو الاقتصادي. [c1]المرأة والفتاة[/c]وأكد أن إطلاق طاقة النساء والفتيات سيؤدي إلى التعجيل بالتقدم. وقال: في عالم تعداده سبعة بلايين، ينبغي أن يتمتع جميع الأشخاص بالمساواة في الحقوق والكرامة. ولكن المرأة ما زالت تعاني من التمييز والعنف على نطاق واسع، ولا نملك أن نقمع الإمكانات الكاملة لنصف سكان العالم. وليس الاستثمار في المرأة والفتاة بالشيء الذي يجب القيام به فحسب، بل هو أمر لا غنى عنه لحل أكثر مشاكل العالم صعوبة. فعندما تكون المرأة في صحة جيدة ومتعلمة يمكنها أن تشارك مشاركة كاملة في المجتمع، فتشعل شرارة التقدم في أسرتها ومجتمعها المحلي ودولتها. والنهوض بالصحة والحقوق الإنجابية خليق بأن يعزز رفاهها وإنتاجيتها وأن يحسن الفرص أمام الأجيال الحالية والمقبلة. وعندما تكسب المرأة المال، فأغلبه يعاد استثماره في تحقيق رفاهية أسرتها. وبالتالي، فإن الاستثمار في الفتيات والنساء يقوي الأسر ويعزز النمو الاقتصادي والسلام والعدالة والاستدامة. [c1]الشباب[/c]وأضاف د . حمير عبد المغني في ورقته العلمية أن وجود أكبر عدد من السكان الشباب يؤدي إلى تغيير عالمنا ومستقبلنا. وإن الشباب بما يتسم به من نشاط وانفتاح على الإمكانيات التي توفرها التكنولوجيات الجديدة عاكف على تحويل السياسة والثقافة وقيادة مسيرة المجتمع. وسوف تحدد خياراته مستقبلنا المشترك. ذلك أن الأشخاص دون سن 25 عاماً يشكلون 30 % من السكان في الدول المتقدمة و 60 في المائة في أقل البلدان نموا. وعندما يمكن للشباب المطالبة بحقهم في الصحة، بما في ذلك الصحة الإنجابية، والتعليم وظروف العمل اللائقة يصبحون عندها قوة فاعلة لتحقيق التحول الاقتصادي. والاستثمار في الشباب، ولا سيما الفتيات المراهقات، هو من أذكى الاستثمارات التي يمكن أن يقوم بها بلد من البلدان. فبتوفير التعليم والصحة وإتاحة الفرص لهم يتم تجهيزهم للمساهمة الكاملة في المجتمع. وبوصفهم القادة والآباء والمعلمين للجيل القادم، يمكن أن يساعدوا على كسر حلقة الفقر. [c1]الصحة والحقوق الإنجابية[/c]ونوهت ورقة الدكتور حمير إلى مسألة في غاية الأهمية وهي أن ضمان أن يكون كل طفل مرغوباً فيه وكل ولادة مأمونة يؤدي إلى أن تكون الأسرة أصغر وأقوى. حيث يرتبط الاتجاه العالمي نحو تكوين أسر أصغر حجماً- إذ انخفض متوسط حجم الأسرة إلى النصف منذ عام 1960- بالإنجازات المتحققة في مجالات الصحة والتعليم وزيادة الفرص المتاحة للمرأة . والقرارات الفردية تحدد النمو السكاني العالمي. غيرأن العديد من النساء لسن قادرات على ممارسة حقهن الأساسي في تحديد عدد أطفالهن والمباعدة الزمنية بينهم. والواقع أن ما يقرب من 215 مليون امرأة في البلدان النامية يرغبن في الحد من الإنجاب أو تأخيره ولكنهن يفتقرن إلى سبل الحصول على الخدمات الفعالة لتنظيم الأسرة. وفي كل يوم تقضي 1000 امرأة في العالم النامي نحبها وهي تهب الحياة. وهذا يخلف فراغا في الأسرة ، و يقلل من الفرص المتاحة للأسرة بأكملها، وبخاصة للأطفال الباقين على قيد الحياة. ومن الأمور التي يمكن أن تساعد البلدان على التصدي لارتفاع معدلات الخصوبة أو انخفاضها تعزيز المساواة بين الجنسين، وتوفير الرعاية الجيدة فيما يتعلق بالصحة الإنجابية، ومنح الذكور المعلومات و الدعم الذي يحتاجونه. [c1]الاستدامة البيئية[/c]وفي جانب الاستدامة البيئية أوضحت الورقة العلمية أن كل شخص من بلاييننا السبعة، ومن الذين سيأتون بعدنا، يعتمد على صحة كوكبنا. ويتمثل أقسى تحدٍ يواجهه هذا القرن في تلبية احتياجات سبعة بلايين من البشر - فضلاً عن الأجيال القادمة - مع حماية توازن الطبيعة المعقد الذي يحافظ على استمرار الحياة. وتشكل الأزمات في المياه والأراضي الصالحة للزراعة بالفعل مشكلة، ويتهدد الخطر مرونة النظم الإيكولوجية - من مصائد الأسماك إلى الغابات . وقد غير النشاط البشري بالفعل كل جزء من أجزاء كوكبنا، بما في ذلك مناخه. والفئات السكانية الفقيرة التي تسهم بدرجة أقل من غيرها في تغير المناخ هي التي يرجح أن تعاني أكثر من غيرها من الجفاف والفيضانات وموجات الحرارة وغيرها من الكوارث المرتبطة بالمناخ. وتتطلب التوقعات المتزايدة التي تفرض ضغوطاً إضافية على هذا الكوكب اتباع طرق أكثر كفاءة وأكثر ‘خضرة’ لتوفير الحياة الكريمة للجميع. ويعتمد مستقبلنا على الإسراع بخفض انبعاثات غازات الدفيئة مع الحد من الاستهلاك المفرط. وستؤدي زيادة العدالة الاجتماعية وتباطؤ النمو السكاني إلى المساعدة على جعل الحلول التعاونية ممكنة. [c1]شيخوخة السكان[/c]وتشير الورقة العلمية للدكتور حمير عبد المغني إلى أن انخفاض الخصوبة وطول الأعمار يؤدي إلى تحدٍ غير مسبوق هو: شيخوخة السكان. كلما صغر حجم الأسرة وطالت الأعمار، تزايدت نسبة المسنين في كل مكان تقريباً، الأمر الذي يوجِد تحديات غير مسبوقة فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي ، والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي. وعندما يهبط معدل الخصوبة إلى ما دون مستوى الإحلال، قد تنجم عنه حالات نقص في الأيدي العاملة. غير أن أقدم العمال الأكبر سناً الذين يتمتعون بصحة جيدة يمثلون معيناً متزايداً من رأس المال البشري الذي ينتظر التفعيل. فعندما يبقى المسنون ناشطين في القوى العاملة، يمكن أن يساهموا كثيراً في أسرهم ومجتمعاتهم المحلية وبلدانهم. وشيخوخة السكان ظاهرة بشكل خاص في آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية. ففي حين توجد نسب أعلى من كبار السن في البلدان الأكثر تقدماً، فإن معدل الشيخوخة في البلدان الأقل نمواً يزيد بوتيرة أسرع، ويتيح وقتاً أقل للاستعداد. [c1]النمو الحضري[/c]ولفتت الورقة العلمية لمساعد الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان بصنعاء إلى أن الملياري شخص القادمين سوف يعيشون في المدن، ومن ثم فنحن بحاجة إلى التخطيط من الآن. سوف يتم استيعاب جميع النمو السكاني في المستقبل تقريباً عن طريق المدن في العالم النامي، وهي غير مستعدة لهذا التوسع السريع. ويلزم البدء في التخطيط الآن للاستفادة من الفرص العديدة التي يمكن أن تتيحها المدن. ومع أن المدن تركز الفقر، فهي كذلك توفر أفضل وسيلة للإفلات من براثنه. ولقد كانت المدن منذ أمد طويل محركات للنمو الاقتصادي. فالمناطق المزدحمة بالسكان يمكن أن تكون أكثر استدامة بيئياً من المجتمعات المترامية الأطراف وأن تسمح بمزيد من الكفاءة في توفير الخدمات. وكثيراً ما تولد الأفكار والعلاقات والأنشطة في المدن حلولاً للمشاكل التي تخلقها. ويسرع التحضر أيضاً الاتجاه نحو تكوين أسر أصغر حجماً، ويتيح المزيد من الفرص أمام الشباب. [c1]الاتجاهات الإقليمية[/c]ويقول الدكتور حمير عبد المغني في ختام الورقة العلمية بأنه في قضايا السكان، يتعلق الأمر بالاتجاهات الإقليمية أكثر مما يتعلق بالاتجاهات العالمية. والاتجاهات الأكثر دلالة هي، في نهاية المطاف، التي توجد داخل البلدان.