آن الآوان للجنوبيين قيادات ونخب وقواعد ان يتحدوا ويتصالحوا وقبل ذلك ان يتصارحوا ليتسامحوا لنصرة قضيتنا العظيمة الراسخة رسوخ جبل شمسان الشامخ بثباته.. وايماناً من الجميع بأحقية القضية الجنوبية كهوية طمست؛ وتاريخ مزق وزور؛ ونكل به.على الجنوبيين اليوم ان يعوا بأن توحيد صفهم واتفاقهم بعيداً عن أي مصالح فردية او جماعية سوف يقوي ويعزز احقية ومصداقية مايسعوا اليه على المستوى الاقليمي والدولي وان يدركوا ان في توافقهم معنى كبيرا للشباب الذين تشتتوا بين هذه الخلافات والصراعات التي ارهقتهم.ولكن لن تثني إرادتهم وعزيمتهم وتطلعاتهم وطموحاتهم فشباب اليوم شباب واع ومتطلع نحو الأفضل حاضرا ومستقبلا ولن يظل مكتوف الايدي مسلوب الإرادة ولن ينتظر الوصاية على البلاد وعليه..يجب على الجميع ونحن في المقدمة كأحزاب وتنظيمات سياسية ان نطوي الصفحة السوداء المليئة بكل ماهو سيئ من ثقافة الإقصاء والتهميش والاستحواذ وعدم تقبل الآخر المختلف عنا أو معنا. علينا ان نقبل .. ونتعايش بل ونتكامل مع بعضنا بإختلاف توجهاتنا وآرائنا وإنتماءاتنا أيا كانت هذه الإنتماءات لأنه يجمعنا وطن واحد .. وقضية واحدة هي “القضية الجنوبية” لنتفق أن مصير الجنوب يحدده شعبه وأن لا وصي عليه من أي حزب أو جماعة أو تنظيم أو فرد أو منظمة فشعب الجنوب ليس قاصرا .. ولم يفوض أحدا لينوب عنه في تحديد وإختيار مستقبله.واجبنا الديني والأخلاقي والوطني يحتم علينا جميعا ان نصدق ونخلص لهذه القضية قولا .. وعملا وتضحية .. وصبراً .. ومثابرة .. ومبادرة حتى يخسر المراهنون على عدم اتفاق الجنوبيين وتصالحهم.بعد هذه التوطئة الطويلة نوعاً ما أود التأكيد أني بصفتي رئيسة فرع عدن لتنظيم المرأة لحزب رابطة أبناء اليمن أننا أول من دعا وسعى إلى تأصيل مبدأ التسامح والتصالح منذ أكثر من مايربو عن أربعين عاما من خلال الدعوة إلى { المصالحة الوطنية الشاملة } وأيضا من خلال رفض حزبنا طوال مسيرته لأكثر من ستة عقود الإدعاء الذي قاله البعض بأنه الممثل الشرعي والوحيد لشعب الجنوب مثلما هو حاله اليوم لا يدعي ذلك ولا يقبله من غيره.وفي تقديري أننا بحاجة لفهم عميق لمعنى { التسامح والتصالح } من حيث معرفة أطرافه؛ وكذلك زمانه أي من أي مرحلة تأريخية نبدأ؛ وأيضا أحداثه ومن هذا المنطلق أفهم معنى التصالح والتسامح بما تعنيه عملية المصالحة الوطنية الشاملة والوحدة الوطنية الشاملة.فالإقتصار على فترة محددة بعينها أو بين جماعة بذاتها بجانب أن فيه إبتسار لمعاني التسامح والتصالح فسيزيد الأمر تعقيدا، وللجراح تعميقا، وللنسيج الإجتماعي والسياسي تمزيقا .. ولهذا أعتقد أن البداية تكون من مرحلة الستينات وعلى وجه الخصوص من بعد ثورة سبتمبر ووصول أجهزة دول إقليمية وغير إقليمية إلى المنطقة وبداية توظيفها لبعض التنظيمات السياسية الجنوبية في معركة مصر ضد بريطانيا .. وصراع الجمهورية العربية المتحدة مع بعض القوى الإقليمية التي أرادت تصفية حساباتها معهم على ساحة نضال شعبنا.هذا التحديد ليس المقصود منه نكء الجراح ولكن مداواتها خاصة وأننا نعلم أن المآلات التي وصلت إليها أطراف العملية السياسية الجنوبية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي قد وصلت إلى محطة الإقتتال الأهلي بين “ الجبهة القومية “ و “ جبهة التحرير “ وصولا إلى حرب “ الوحدة الوطنية “ عام 68 في شبوة .. وفي هذا الصدد لا يمكن تجاهل ما أصاب أسر السلاطين والأمراء والمشايخ من تشريد وتغريب وإساءة إلى تاريخهم بالزور والبهتان وإن كان في بعض ما تم سرده عنهم بعض الصحة ولكنه فقد الحيادية والأمانة اللازمتين لكتابة حقائق التاريخ.وليس بخاف عن الجميع ما أصاب أبناء هذه المحافظة من حيف .. وظلم .. وقهر .. وغبن وكأن أبناء المحافظات الجنوبية أو ماكان يطلق عليها آنذاك “المحميات الشرقية والغربية” أرادوا الانتقام أو تأديب المستعمر في شخوص أبناء عدن.ولا ننسى دورات الصراع التي رافقت مسيرة الدولة الوطنية من بعد الإستقلال تحت مسمى “ جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية “ وصولا إلى مسمى “ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” وبدءا من صراع رفاق “الجبهة القومية” ثم “التنظيم السياسي للجبهة القومية” مرورا “بالتنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية”حتى “الحزب الإشتراكي اليمني من طراز جديد”.إذن، فالتصالح والتسامح يجب التعامل معه كأداة يجب أن نصل بها ومعها إلى المصالحة الوطنية الشاملة لمداواة وعلاج جراح الماضي وإزالة آثاره حتى لا تكون سببا لمحن أو إحن جديدة؛ وحتى لا تعود الصراعات لتشكل ـ كما شكلت في الماضي ـ سمات ومواصفات المستقبل.وهكذا؛ فالتسامح والتصالح بهذا المعنى والأسلوب بقدر ماهو ليس لإدانة طرف أو حقبة زمنية ولا لمحاسبة فرد .. أو أفراد .. أوحزب أو جماعات .. فهو أيضا ليس لنسيان ما حدث حتى لا يتكرر ولابد أن يرافق ذلك جبر الضرر الذي أصاب المتضررين من قبل الدولة ومنها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ تعويض أولائك الذين أصابهم الظلم والحيف ومن فقدوا وظائفهم وكذلك تغرب قسرا وعمل في دول لم تمنحه ضمان للتقاعد والرعاية عندما شاخ أوتقدم به العمر وخرج من سوق العمل. ومتى تم ذلك ستكون الدعوة إلى تناسى ماضينا المؤلم ومحو احقادنا وصراعاتنا القديمة حتى نتمكن من إستعادة كل ماحرمنا منه منذ فترة ليست بالقصيرة عانينا خلالها الاقصاء والابعاد وكنا نرفضه، ونمارسه اليوم على بعضنا البعض.وفي ختام ورقتي المتواضعة هذه لم أجد أفضل لختامها من إقتباس جزء من إجابة للأستاذ عبدالرحمن الجفري في (صحيفة عدن الغد) في عددها الأول حول نفس الموضوع:-{.... وهذا لا يقلل من الجهد الكبير الذي بذله من أعلنوا التصالح والتسامح ويمكن البناء عليه لمصالحة ووحدة جنوبية شاملة ترسخ التصالح والتسامح؛ وتطال عقولنا ونفسياتنا؛ وتزيل عنها موروث الماضي القائم على الإقصاء والتهميش والرأي الواحد ... إلخ من المفاهيم التي سادت المرحلة السابقة. وبالنسبة لنا فما طالنا من جراح قبل 1967م هي من الإستعمار البريطاني .. من نفي .. وتشريد .. وتدمير لمنازلنا (لازالت ركاما حتى اليوم) ومن قصف بالطائرات ولازالت آثارها وشظاياها في الجبال .. نحن وغيرنا .. منذ الخمسينات .. وتلك في الحقيقة أوسمة وليست جراحا. أما ماطالنا من زملائنا في العمل الوطني قبل 1967م من ظلم وجراح فقد تجاوزناه منذ تشريدنا عام 1967م للمرة الثانية .. وعملنا بالسنة النبوية الشريفة، والأمر النبوي العظيم في خطبة “ الوداع “ وسامحنا بل وأحسنا التعامل مع الجميع .. وطبقا لنفس النهج النبوي فإنني أعلن أننا كحزب نعتبر كل ما حدث لنا من جراح وإساءات موضوعة تحت الأقدام .. وهذا لا يلغي ما يخص الحقوق الخاصة للناس من ممتلكات وسواها ومطالبة الدولة بالتعويض العادل عما لا يمكن إعادته صونا لسكينة المجتمع وتراحمه وتواده...} .
مبدأ التصالح والتسامح
أخبار متعلقة