مزيداً من تنمية ثقافة
يعتبر يوم 13يناير عام 2006م محطة سياسية مهمة ونوعية لشعب الجنوب ففي عصر ذلك اليوم التاريخي التقت مجموعة من الطيف السياسي الجنوبي خاصة منهم الإطراف السياسية الجنوبية التي عانت من مآسي 13 يناير 1986م المشؤومة .. وقد تم ذلك اللقاء في مقر (جمعية ابناء ردفان الخيرية) في محافظة عدن تحت شعار (لقاء التصالح والتسامح لأبناء الجنوب ).المهم في الأمر إن هذا اللقاء قد شكل اللبنة الأولى لوحدة الجنوبيين السياسية من اجل مواجهة الظلم الذي حل بشعب الجنوب بعد حرب صيف 94م الظالمة .. تلك الحرب التي تم من خلالها اكتساح أراضي الجنوب..وما تلاها بعد ذلك من تدمير ونهب لمؤسسات دولة الجنوب المدنية والعسكرية وإقصاء الجنوبيين من الشراكة الحقيقية في (المشروع الوحدوي ) الذي دمرته حرب صيف 94م الظالمة .وبنظرة تحليلية وواقعية لهذا الحدث الجنوبي الهام نجد أن لقاء التصالح والتسامح الجنوبي قد حقق نتائج ايجابية ومثمرة للغاية فبعد ذلك اللقاء في 13يناير 2006م وحتى 7/7 /2007م حدث تحرك سياسي حثيث وتواصل بين أبناء الجنوب داخل المحافظات الجنوبية الست( عدن،لحج ،أبين،شبوه.حضرموت ،المهرة) .. هذا التحرك والتواصل بين أبناء الجنوب اوجد الأرضية المناسبة لانطلاق قطار حراك الثورة السلمية الجنوبية من ساحة الحرية في خور مكسر .مدينة عدن يوم 7/7 /2007م ..لتنتشر فيما بعد ثورة الحراك السلمي الجنوبي في كل الأراضي الجنوبية كانتشار النار في الهشيم .والمطلوب اليوم من كل القوى السياسية الجنوبية دون استثناء السعي الحثيث لتعزيز وتنمية ثقافة التصالح والتسامح بهدف توحيد الصف الجنوبي نحو التوجه الذي يحقق لنا الحلول المرضية لشعب الجنوب تلك الحلول التي تخرجه من هذا الوضع المؤلم غير الوحدوي خاصة وان هناك قوى معادية لقضية شعب الجنوب تسعى جاهدة لخلخلة الصف الجنوب مستغلة في ذلك التباينات وليس الخلافات الموجودة بين فصائل قيادات الحراك الجنوبي وأيضا التباينات الموجودة بين بعض القوى السياسية الجنوبية الأخرى - من مستقلين، ومنظمات مجتمع مدني ،و مشايخ ،وسلاطين،و تجار،وقطاع المرأة والشباب ورجال الدين ...الخ.ونعتقد أن تعزيز وتعميق وتنمية ثقافة التصالح والتسامح الجنوبي في الوقت الراهن يجب أن تأخذ المسارات الاربعة التالية : أولا :المسار السياسي هذا المسار حقق فيه التصالح والتسامح منذ 13يناير 2006م وحتى يومنا هذا نتائج ايجابية ممتازة حسب ما اشرنا إلية سابقاً.. فقط يجب أن يتم توسيع إطار التصالح والتسامح ليشمل كل القوى السياسية الجنوبية منذ بداية خمسينات القرن الماضي وحتى حرب صيف 94م .بكلمات أخرى نريد تصالحاً وتسامحاً جنوبياً شاملاً يعالج كل المحطات السياسية التي مر بها شعب الجنوب .. وهنا سنكون قد أغلقنا كل ملفات الماضي المأساوي لنتفرغ فيما بعد للاهتمام بحاضرنا الجنوبي ابتداءً من تشخيص واقعنا بعقلية سياسية احترافية بعيداً عن هواة السياسة.. وبعيداً أيضا عن جراحات الماضي .. لكي نصنع حلولاً حضارية لمستقبل أفضل لشعبنا الجنوبي التواق والعاشق لدولة النظام والقانون . ثانياً :المسار الاجتماعي ومن خلاله يتم نشر ثقافة التصالح والتسامح داخل فئات المجتمع الجنوبي لكي نقضي على (الثقافة الصراعية ) التي ورثناها من بقايا تجربة الحزب الشمولي في الجنوب ،ونعتقد أن هذه الثقافة الشمولية تمثل اكبر معضلة تواجه شعب الجنوب والنابعة أصلا من نظرية (الصراع الطبقي) المستوردة إلينا من الخارج ..!!! بينما شريعتنا الإسلامية تدعونا إلى (التعايش الطبقي) وليس الصراع الطبقي .وهنا يقع على رجال الدين المتنورين دور أساسي ومهم في توظيف رسالة المسجد من اجل تنمية ثقافة التصالح والتسامح بين أوساط المجتمع الجنوبي . ثالثاً :المسار الحقوقي - يجب أن يتضمن هذا المسار وضع خطة للمستقبل تتضمن تعويض كل من تضرر من الصراعات السياسية للفترة الماضية المحددة أعلاه ، أي - منذ خمسينات القرن الماضي حتى حرب 94م ، ويتم تعويض المتضررين من أبناء الجنوب مادياً ومعنوياً والمهم هنا أن تشكل لجان حقوقية لحصر أعداد المتضررين في المحافظات الجنوبية الست .الحصر هنا سيكون كمرحلة أولى والتعويض ان شاء الله سيكون في المستقبل القريب ..عندما تحل قضية شعب دولة الجنوب. رابعاً :المسار التاريخي ويتضمن هذا المسار تصحيح التشوهات التي طالت تاريخ الحركة الوطنية الجنوبية..منذ خمسينات القرن الماضي حتى حرب عام 94م الظالمة .. فالحركة الوطنية الجنوبية مرت بمرحلتين من التزييف والتشويه لحقائق التاريخ السياسي الجنوبي .المرحلة الأولى كانت للأسف من قبل أبناء الجنوب أنفسهم خاصة بعد الاستقلال وما تلاها من صراعات دموية على كرسي السلطة .. !! .. والمرحلة الثانية من التزييف والإلغاء لتاريخ الجنوب أيضا حدثت بعد حرب 94م الظالمة عندما جاءت لنا ماتسمى بقوى الشرعية لتلغي تاريخ دولة الجنوب وهويته منطلقين من نظرية ( الأصل والفرع) -الشمال اصل والجنوب فرع ..!! بينما العكس هو الصحيح إذا مانظرنا إلى الدولتين اللتين دخلتا في (المشروع الوحدوي ) عام 1990م مستخدمين معياري الأرض.. والثروة.. في الختام نؤكد إن قيم التصالح والتسامح يجب أن نرسخها كثقافة مجتمعية داخل فئات المجتمع الجنوبي يوماَ بعد أخر. وحينها سنجد أن هذه الثقافة القيمية الجميلة هي التي ستوفر لنا الأرضية المناسبة لاستيعاب لغة الحوار التي نحن بأمس الحاجة إليها في حل مشاكلنا الداخلية التي نواجهها في الوقت الراهن .. خاصة وان شعب الجنوب مازال يعاني من بقايا الثقافة الصراعية التي استوردها لنا اليسار المتطرف بعد الاستقلال من الخارج...!! هذه الثقافة الصراعية دفع شعب الجنوب ثمنها باهظا وللغاية ومازال يدفعه حتى هذه اللحظة.فمزيداً مزيداً ياشعب الجنوب من نشر ثقافة التصالح والتسامح بين أوساط مجتمعنا الجنوبي.. لما لهذه الثقافة من فائدة قيمية ووطنية عظيمة في توحيد الصف الجنوبي وبالتالي سيضمن لنا هذا التوحيد فيما بعد الوقوف على أرضية سياسية جنوبية صلبة ستمكننا دون شك من استعادة حقوق شعب دولة الجنوب في القريب العاجل ان شاء الله.. ويا مخارج خارجنا.