شهد كاتب هذه الأسطر حواراً وجدلاً مثيراً بين قارئين من قراء صحيفة (14 أكتوبر) خاصة حول أعدادها التي ظهرت خلال الأسبوع المنصرم وتركزت مقالاتها الصحفية حول الحراك والقضية الجنوبية وتسليط الأضواء على الشخصيات الجنوبية وكأنها صحيفة جنوبية..!! على غير المألوف الذي اعتاده القارئ من صحيفة رسمية تمثل النظام والدولة وتتناول القضايا اليومية الملحة أو ما يطلق عليه قضايا الساعة أو أحداث اللحظة الراهنة التي تتناغم وتتلاءم وتنسجم مع صحيفة يومية. والذي لفت انتباه القارئين المتابعين للصحيفة أن هذا التركيز على الحراك والقضية الجنوبية يأتي في هذه اللحظة الراهنة بالذات فيقول القارئ الأول: لقد تحولت الصحيفة الرسمية المعنية بقضايا وهموم الوطن الأكبر إلى الاهتمام والتركيز على قضية جزئية هي القضية الجنوبية..!!فيرد القارئ الثاني عليه: لا تنس يا عزيزي أن الصحيفة التي يرأسها الصحفي المعروف الأستاذ الحبيشي صحيفة ديمقراطية ونهجها ديمقراطي في بلد ديمقراطي وهي منبر حر لكل صحفي يهتم بكل قضايا الوطن المختلفة سواء كان في النظام أو في المعارضة وهي صحيفة جماهيرية لكل جماهير الشعب وليست حكراً على السلطة وإعلام السلطة في ظل حكومة الوفاق الوطني الجديدة. والقضية الجنوبية قضية شعب ودولة سابقة وهي محور القضايا اليمنية في شمال الوطن وجنوبه فإذا حلت مشكلتها حلت معها كافة مشاكل الوطن أجمع خاصة المشاكل التي تراكمت خلال عقدين من الزمن وفي ظل النظام الحاكم من عمر الوحدة، وهذا التحول الذي لاحظته في مضمون مقالات الصحيفة يثبت أن رئيس تحريرها لديه من المرونة الصحيفة والحصافة العقلية ما يجعله يتفاعل مع كل القضايا والمستجدات الوطنية الراهنة والملحة ويستطيع أن يناور بعقل مفتوح وذهنية نبيهة مع كل الاحتمالات والتحولات والمتغيرات الحادثة في الساحة اليمنية والإقليمية والدولية دون تقوقع أو تحجر أو تحيز لفئة أو جماعة أو حزب أو منطقة وحتى لا يقال بأن الصحف الرسمية هي حكر على النظام أو السلطة فقط، كما هو معتاد ولا تعرف سوى التطبيل للسلطان والحاكم ولا تسمح بأي فرصة لأي كاتب معارض للنظام أن يقول رأيه المختلف بحرية في صحيفة رسمية..!!وهنا يتدخل القارئ الأول بالقول: على رسلك يا أخي إن هذا التحول الذي طرأ على مقالات ومضامين الصحيفة جاء نتيجة الأزمة التي مرت بها البلاد خلال عشرة أشهر أو يزيد ونتيجة ضغط ثورة الشباب أو نتيجة الهجمة الشرسة من جماعات إسلامية متشددة ضد صحفيين جنوبيين من أمثال رئيس تحرير صحيفة (الأمناء) أو رئيس تحرير صحيفة (14أكتوبر)..!! فرد عليه القارئ الثاني: يبدو أنك يا عزيزي لا تقرأ ولا تعرف شيئاً عن التاريخ، إن صحيفة (14 أكتوبر) هي اسم لثورة قامت في جنوب الوطن اليمني الأكبر وفي هذه الثورة تم طرد وجلاء المستعمر البغيض فلماذا لا تقوم هذه الصحيفة التي تحمل اسم هذه الثورة برد الجميل والعرفان لقضية هذا الجنوب المناضل وتلفت نظر حكومة الوفاق الوطني الحالية لهذه القضية وتذكر بنضالات أبناء الجنوب اليمني من أجل الحرية والانعتاق من ربقة الظلم والاستبداد والاستعمار.قاطعه القارئ الأول: يا أخي رئيس تحرير هذه الصحيفة ذكي جداً لأنه أراد أن يمتص حماس الصحفيين داخل مؤسسته وأغلبهم قد انضم إلى ثورة الشباب وربما لدى البعض منهم توجه وميول (حراكية) وصحيفة (14 أكتوبر) لا تعبر عن قضية الحراك ولا تعبر عن القضية الجنوبية فأراد رئيس تحريرها أن يثبت لخصومه أن لديه مرونة لتقبل الرأي الآخر حين يقوم بنشر مقالات وأخبار عن الحراك وعن القضية الجنوبية ويفحم خصومه الذين يزايدون عليه بذلك وأنه بنظرهم مداح السلطان..!!فكان رد الثاني: يا أخي الأستاذ الحبيشي صحفي جريء لا يكتب إلا ما هو مقتنع به بحرية تامة دون خوف من شخص أو فئة أو جماعة إسلامية متشددة ومعروف عنه تقبله الرأي الآخر المختلف بصدر رحب لكنه يحارب الكسالى الذين لا يعملون ولا ينتجون ولا يملكون سوى البلبلة والمماحكة والمكايدة والحسد على الناجحين، ومن حسنات هذا الرجل أنه أنقذ هذه المؤسسة الصحافية العريقة من جمودها بعد أن كانت في أيدي أولئك الذين ثاروا ضده أثناء فترة الركود.. إن الرجل يؤمن بالتغيير والتطوير والتفاعل مع الأحداث والمتغيرات ويعلم أن السياسة وأمور الدنيا ليست كأمور الدين الراسخة والعقيدة الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل ولا تتطور..أما السياسة فهي متغيرة ومتطورة ومتبدلة حسب مصالح الناس وحسب ظروفهم ومتغيرات عصرهم وهي فن الممكن والمتاح فقد رأينا أشخاصاً مرموقين في الدولة والسياسة والثقافة والجامعات يتحولون من حزب إلى حزب آخر ولا أحد يلومهم لأنهم لم يخرجوا من دين إلى دين آخر أو يبدلوا عقيدتهم فقد تحول الاشتراكي إلى المؤتمر والعكس والإصلاحي إلى المؤتمر والعكس بل رأينا عدو الاشتراكي من الإصلاح يضع يده في يد الاشتراكي ويكون معه خمسة أحزاب مشتركة ويصبح عدوه بالأمس وليه الحميم اليوم..!!