دليل مرجعي عن العنف المبني على النوع الاجتماعي للعاملين في المرافق الصحية وهيئات تنفيذ القانون
عرض / بشير الحزميأنجزت جمعية رعاية الأسرة اليمنية وبرعاية اللجنة الوطنية للمرأة ودعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان الدليل المرجعي عن العنف المبني على النوع الاجتماعي للعاملين في المرافق الصحية وهيئات تنفيذ القانون والذي أعده فريق من الخبراء الوطنيين ، وقد نظمت الجمعية نهاية الأسبوع الماضي بالعاصمة صنعاء ورشة عمل لعرض ومناقشة الدليل وإثرائه بالملاحظات والمقترحات البناءة والقيمة.صحيفة (14أكتوبر) ونظراً لأهمية هذا الدليل الذي يعد الأول من نوعه رأت أن من الأهمية أن تقدم لقرائها من المهتمين عرضاً موجزاً لأهم محتوياته.. الدليل الذي اعد في 82 صفحة تضمن مكونين رئيسيين( رؤية عامة عن العنف المبني على النوع الاجتماعي ، تقديم الرعاية الصحية والحماية لحالات العنف ضد المرأة) ففي المكون الأول والذي سمي بالوحدة الأولي في الدليل تم التطرق للعنف المبني على النوع الاجتماعي كظاهرة حيث تمت الإشارة إلى أن العنف المبني على النوع الاجتماعي يؤثر كثيرا على دور المرأة في التنمية وفي حجم مشاركتها في الحياة العامة ويعتبر خبراء التنمية والاقتصاد ظاهرة العنف المعضلة الأساسية التي تعيق تمكين المرأة وتطورها وحصولها على حقوقها المكفولة في الدساتير والقوانين والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.ولفت الدليل إلى أن العنف المبني على النوع الاجتماعي يمثل مشكلة و ظاهرة عالمية و لا يقتصر على ثقافة أو دين أو بلد بعينه، أو على فئة خاصة من النساء بمجتمع ما بغض النظر عن المستوى الاجتماعي و الاقتصادي لهذه المجتمعات. وإن كان هناك صلة بين نقص فرص الاستفادة من التعليم وفرص النجاح في الحياة وتدني المركز الاجتماعي في المجتمعات المحلية وبين العنف الممارس ضد المرأة. وذكر الدليل أن العنف المبني على النوع الاجتماعي يعتبر من المشاكل الاجتماعية التي تقع في دائرة الصمت و التي نادراَ ما يبلغ عنها إلى المعنيين بالأمر أو تسجل تحت مسببات أخرى غير العنف ما يعني أن ما ينشر من إحصاءات لا يمثل بأي حال من الأحوال حجم الظاهرة الحقيقي.[c1]إحصائيات دولية ووطنية[/c] وذكر الدليل بعض الإحصائيات التي استمدها من بيانات البنك الدولي والتي تشير على الصعيد العالمي إلى أن نسبة النساء اللواتي يتعرضن للعنف أثناء حياتهن قد تصل إلى 70 %. و يقدر أن امرأة واحدة بين كل خمس نساء على صعيد العالم ستصبح ضحية للاغتصاب أو محاولة الاغتصاب خلال فترة حياتها. و يعتقد أن خطر تعرض النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و44 عاماً للاغتصاب والعنف العائلي يزيد عن خطر تعرضهن للسرطان وحوادث السيارات والحرب و الملاريا .وعلى الصعيد الوطني،أعتمد الدليل على إحصائيات وزارة الداخلية كأحد المصادر المهمة للبيانات عن العنف المبني على النوع الاجتماعي من خلال الحوادث الجنائية المبلغ عنها و التي يسجل فيها نوع الضحية و الحادث. حيث أشار الدليل وفقاً لإحصائيات الداخلية إلى أن هناك انخفاضاً في نسبة الإناث من ضحايا العنف الجنسي من 43 % في العام 2008 إلى 32 % في 2009 لترتفع مرة أخرى إلى 37 % في النصف الأول من عام 2010. و تراوحت نسبة الضحايا من الإناث في مجمل الجرائم المبلغ عنها بين 6،5 % إلى 9 % خلال السنوات المذكورة. ويمكن إرجاع تدني نسبة ضحايا الحوادث من الإناث إلى الثقافة المجتمعية لإخفاء و عدم الإبلاغ عن تعرض الفتيات و النساء للعنف أو ضعف نظام المعلومات و بالتالي ضعف رفع البيانات من مصادر التسجيل. كما أورد الدليل بعض الإحصائيات المستمدة من احدى منظمات المجتمع المدني المتخصصة بحقوق الإنسان وهو منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان الذي استقبل في وحدة الاستماع 337 حالة عنف ضد المرأة و الأطفال خلال فترة 26 شهر (مارس 2009 - أبريل 2011). مثلت النساء و الفتيات النسبة الأكبر من الضحايا (73 %) و سجلت الحالات من مختلف المحافظات في الجمهورية. وتنوعت الحالات بين العنف اللفظي والضرب و التحرش الجنسي و الاغتصاب و كذلك الزواج بالإكراه و الخطف. و كانت معظم حالات العنف ضد المرأة إما التعرض للضرب (76) أو الاغتصاب (74). وبينت دراسة اجتماعية على عينة من النساء و الأطفال، أن 52 % من الفتيات و النساء و 64 % من الأطفال، ذكروا أنهم قد تعرضوا لنوع من أنواع العنف و التحرش الجنسي. أظهر المسح الأسري للعام 2003 أن نسبة عالية من الفتيات في المناطق الساحلية (90 % ) يتعرضن لتشويه الأعضاء التناسلية.[c1]نظرة خاطئة[/c]ولفت الدليل إلى انه مع الأسف الشديد لا زال المجتمع يحمل المرأة مسئولية العنف الواقع عليها، و خاصة الجنسي منه، و يتعامل مع القضية بصمت وإنكار. و لا زالت و القوانين والسياسات عاجزة عن منع العنف المبني على النوع الاجتماعي . لم يحدد حتى الآن سن أدنى للزواج و تعطى أحكام مخففة للمعتدين في الجرائم المرتكبة باسم الشرف أو تدفع نصف دية الرجل في حالات القتل. لازالت عمليات تشويه الأعضاء التناسلية للإناث تجرى على يد بعض العاملين الصحيين على الرغم من قرار وزارة الصحة العامة و السكان بمنعه في 2001. بالإضافة إلى ذلك فإن النظم الصحية و القانونية القائمة غير قادرة على تلبية احتياجات المعنفات أو حمايتهن من حيث الكم و النوع.الدليل تناول في بدايته تعريفاً لأهم المصطلحات وهي (العنف ، العنف ضد المرأة، السلطة ، العنف غلى أساس النوع الاجتماعي،ضحايا العنف ، العنف الموجه).[c1]العنف من منظور حقوق الإنسان[/c]وفي هذا الجانب يرى الدليل المرأة جزءاً من الجماعة الإنسانية لذلك يعتبر أي انتهاك تتعرض له حقوقها انتهاكاَ لحقوق الإنسان.مشيراً إلى أن الإسلام الحقيقي كرم المرأة وأعلى منِ شأنها ونص على احترام حقوقها و لكن التشريعات والقوانين طبعت بالعادات و التقاليد التي كثيراَ ما أغفلت حقوق المرأة و الفتاة التي كفلها الإسلام لها.ولفت الدليل إلى انه منذ انعقاد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا سنة 1993 تطور التماثل بين حقوق الإنسان و حقوق النساء و أدمجت حقوق الإنسان للنساء في منظومة منظمة الأمم المتحدة خاصة في هياكلها التي تعمل على حماية حقوق الإنسان ومنها لجنة حقوق الإنسان. و لذلك فقد تجاوزت مسألة العنف الموجه ضد المرأة جانب العطف و قضية تحسين أوضاع المرأة والتناول العابر إلى قضية حقوق إنسان ، ترتبط بالقوانين والأعراف الدولية، والجزاءات المحددة لمثل هذه الحالات من الانتهاكات والجرائم المجرمة قانونا وفق قانون الجرائم والعقوبات ووفق اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي صادق عليها اليمن في 1984. مما يلقي مسئولية على الدولة لمنع تجاهل العنف الموجه ضد مواطنيها من النساء مع إمكانية محاسبة الدولة نظير أي إهمال أو تجاهل. وذكر الدليل أن قضية العنف المبني على النوع الاجتماعي مرت بعدة مراحل من حيث تطور المصطلح و الاتفاق على آليات التعامل مع الظاهرة و الحد منها وهي (الإعلانات و الاتفاقات الدولية المتعلقة بالعنف المبني على النوع الاجتماعي ، و المؤتمرات الدولية المتعلقة بالعنف المبني على النوع الاجتماعي ).[c1]أسباب وعوامل[/c]وتطرق الدليل إلى مجموعة من الأسباب للعنف المبني على النوع الاجتماعي والعوامل المؤثرة عليه والتي لخصها في : نظرة القوامة الخاطئة ، المرأة نفسها وذلك لتقبلها له والتسامح والخضوع أو السكوت عليه ، الجهل وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخر وعدم احترامه وما يتمتع به من حقوق وواجبات، التوظيف السيئ للسلطة سواء كان ذلك داخل الأسرة أو الطبقة الاجتماعية أو الدولة، العادات والتقاليد التي تحمل في طياتها الرؤية الجاهلية لتمييز الذكر على الأنثى، تداعيات الحروب الكارثية وما تخلقه من ثقافة للعنف وشيوع للقتل وتجاوز لحقوق الإنسان، الآثار السلبية للتدهور التعليمي والتربوي والصحي والبيئي الذي يشل نمو وتطور المجتمع بكافة شرائحه، العامل الاقتصادي ، فجوات وقصور التشريعات المعنية ، عدم وجود قوانين وأنظمة تشريعية كافية لحماية المرأة من العنف، تعرض احد الزوجين أو كليهما للعنف أو الإساءة في طفولتهما، معايير الثقافة الاجتماعية وتقبلها العنف كوسيلة لحل المشاكل والنزاعات الأسرية.وأستعرض الدليل العديد من العوامل الرئيسة للعنف منها ما هو ثقافي ومنها ما هو اجتماعي تربوي ومنها ما هو اقتصادي ومنها ما هو سياسي وقانوني ومنها ما هو نفسي . [c1]أنماط وأشكال العنف[/c]وهنا يشير الدليل إلى أن أنماط العنف تختلف حسب محيط حدوثه و صفة المعنف و المعنفة و العلاقة التي تربطهما. قد تتعرض المرأة إلى نمط واحد أو عدة أنماط من العنف و منها العنف الأسري و الاجتماعي و القانوني و الفكري والإعلامي والمسلح.أما العنف المبني على النوع الاجتماعي فيأخذ حسب الدليل ثلاثة أشكال رئيسة و هي العنف الجسدي الذي يعتبر أكثرها شيوعاَ و العنف الجنسي و العنف النفسي و يندرج تحت كل شكل عدد كبير من الأفعال والتي قد تبدأ بفعل بسيط لتنتهي بالقضاء على حياة المرأة.[c1]الآثار المترتبة على العنف[/c]وهنا يوضح الدليل أن للعنف ضد المرأة آثاراً صحية (نفسية و جسدية) وإن لم يعالج فقد يترتب عليه عواقب وخيمة تتعدى المرأة المعنفة لتصيب الأسرة - خاصةً الأطفال- و المجتمع . تختلف هذه الآثار والعواقب نوعاَ و شدةَ تبعاَ لنوع و نمط العنف. و قد تكون الآثار قصيرة المدى أو طويلة المدى.وأيضا ً له آثار اجتماعية حيث تنعكس آثار العنف على المجتمع بأسره مؤدية إلى العديد من المخاطر.[c1]الممارسات التقليدية الخاطئة[/c]ويتطرق الدليل إلى الممارسات التقليدية الخاطئة وهي من أنواع العنف المبني على النوع الاجتماعي ووجدت بسبب الموروث الثقافي تجاه الأنثى وبسبب وضع ومكانة المرأة و يؤدي إلى الحط من كرامة المرأة ومن مكانتها الاجتماعية وصولا إلى تجريدها من إنسانيتها. ومن صورها: تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، الإجبار على الزواج، الزواج المبكر، الجرائم المرتكبة باسم الشرف.[c1]العنف في الأوضاع الإنسانية[/c]ويشير الدليل هنا إلى انه في الأوضاع الإنسانية (الطوارئ) بما فيها الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات و الزلازل و كذلك الحروب والنزاعات الأهلية و الصراعات المسلحة تحدث أشكال عديدة من العنف ضد الفئات الأضعف من النساء و الأطفال و تكثر حالات العنف المبني على النوع الاجتماعي الذي تتعرض له النساء و الفتيات من مختلف الأعمار. حيث تصاب المجتمعات في المراحل المبكرة من الطوارئ بحالة من الارتباك فتضعف أو تنعدم نظم الحماية و الأمان. و يعتبر العنف الجنسي أكثر أنواع العنف شيوعاً و خطورةَ في هذه المرحلة.[c1]تدخلات لازمة[/c]ويؤكد الدليل أهمية تأسيس آلية للحد من العنف بشكل عام و العنف المبني على النوع الاجتماعي بشكل خاص في الحالات العادية وكذلك في مراحل مبكرة من الأوضاع الإنسانية لضمان حماية حقوق النساء و الفتيات. و لذلك يجب أن يتم تأمين الموارد المالية و البشرية اللازمة لضمان كفاءة و استمرارية هذه الآلية لرصد و تقديم الرعاية و تأمين الحماية اللازمة للمعنفات و المتضررين من العنف كالأطفال. ويجب أن تكون هذه الآلية مدمجة ضمن التدخلات الأخرى مثل تحسين مستوى التعليم و الصحة والتنمية الشاملة و المستدامة للمجتمع.ومن التدخلات التي يمكن تنفيذها للحد من العنف ضد المرأة: نشر التعليم ورفع المستوى الاقتصادي ،تمكين المرأة وإعطائها الفرص التعليمية والوظيفية ،التربية الدينية السليمة وتصحيح المفاهيم الخاطئة للدين و خاصة تلك المتعلقة بالمرأة ،الاهتمام بالبرامج التي تركز على رفع مكانة المرأة في المجتمع ،أهمية إبراز مواقف الإسلام وتعاليمه بشأن المرأة ومن العنف الموجة لها ،توضيح الصورة الايجابية للمرأة في المناهج التعليمية وأهمية مشاركتها في التنمية،مراجعة مناهج التعليم واستبعاد كل أنماط العنف المبني على النوع الاجتماعي وإعلاء القيم الإنسانية والمبادئ الدينية وكذلك الوعي الديني لكافة أفراد الأسرة ،تنظيم حملات لرفع مستوى الوعي بتجنب العنف الذي يمارس ضد المرأة ،إنشاء دور إيواء متخصصة للنساء اللاتي تعرضن للعنف الأسري لمحاولة التخفيف عنهن وتأمين الحماية لهن ،توجيه اهتمام مؤسسات المجتمع المدني نحو إنشاء وحدات نفسية وإرشادية في الأحياء السكنية تهدف للإرشاد النفسي والاجتماعي وحل الخلافات الأسرية وإعادة تأهيل المرأة المعنفة و المعنف أيضا ،إعادة العمل بهيئات القضاء الاجتماعي ،تدريب مقدمي الخدمات الصحية و رجال الشرطة والقضاة والإعلاميين ورجال الدين على كيفية التعامل مع قضايا العنف ضد المرأة،وضع قوانين صارمة لحماية المرأة والطفل واعتبار العنف الأسري جريمة يعاقب عليها القانون وبشدة،إنشاء مكاتب خاصة لمتابعة قضايا العنف ضد المرأة في المحاكم الشرعية وتوفير المحاماة المجانية،إزالة اللوائح التي تحول دون تمتع المرأة بحقوقها كإنسانة ووضع الآليات التي تساعدها على الاستمتاع بحقوقها التي تمنعها منها العادات والتقاليد،تجريم كل أشكال العنف ضد المرأة.[c1]رعاية صحية وحماية[/c]أما المكون الثاني من الدليل الذي أطلق عليه في الدليل بالوحدة الثانية فقد ركز على مسألة تقديم الرعاية الصحية والحماية لحالات العنف ضد المرأة ، وفيه لفت الدليل إلى أن الحد من العنف يعتبر مسئولية مجتمعية تتحد فيها الجهات المختلفة من منظمات المجتمع المدني و الناشطين والناشطات بشكل تكاملي و إن كان الجانب الأكبر من المسئولية يقع على الحكومة للإيفاء بالتزاماتها الوطنية و الدولية بحماية واحترام حقوق مواطناتها و مواطنيها الإنسانية.وتطرق الدليل في هذا الجزء إلى خدمات الرعاية الصحية لحالات العنف المبني على النوع الاجتماعي وتشمل هذه الخدمات عدة جوانب منها: الاستقبال ، تقديم الرعاية الصحية والنفسية، الحماية والدعم القانوني.وفي جزئه الأخير ركز الدليل على موضوع التنسيق والتشبيك بين الجهات التي تقدم المساعدة والحماية للمعنفات.