غضون
منحت حكومة الوفاق الوطني برئاسة باسندوة أمس ثقة مجلس النواب بعد أن أقر المجلس برنامجها الثقيل وزاد إليه ثماني توصيات من النواب، وصار بمقدور الحكومة أن تتصرف ابتداء من هذا الصباح بثقة كبيرة في تطبيق برنامجها الذي يتطلب منها الحفاظ على تضامنها بوصفها حكومة وفاق، وأن لا تسمح للفوضويين بإرباكها أو إشغالها عن مهامها الأساسية في هذه المرحلة، وفي مقدمتها تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وإعادة الأوضاع الأمنية و القطاعات الخدمية الى ما كانت عليه قبل الأزمة كحد أدنى.المبادرة وآليتها صارت محل اتفاق الأطراف السياسية، واشتراكها في حكومة الوفاق الوطني يعكس هذا الاتفاق والرغبة في السير قدماً لتنفيذه، وبالتالي يجب على حكومة الوفاق عدم السماح للفوضويين بانتزاع سلطاتها تحت أي مبرر، ولا يجوز الخضوع لإرادتهم، وأي تنازل من هذا القبيل سوف يعرض الحكومة للانشقاق والفشل، أو على الأقل سوف يربكها ويسلب منها صلاحيات لصالح الفوضويين. التطوير الإداري أو التغيير مطلوب كلما وجدت دواعيه ومبرراته، ولكن ما يحدث اليوم في بعض الهيئات الحكومية هو فوضى وهياج ومحاولات انتقام، ولا ينبغي استبعاد أي فرضية تتعلق بإسقاط مؤسسات الدولة أو شل حركتها من خلال هذه الأعمال الفوضوية التي سوف تتطور وتتوسع إذا تم الخضوع لها، ولسنا هنا بصدد الدفاع عن أي فاسد أو فاشل، ولا نقول إن الحكومة غير معنية بمطالب المحتجين على رؤسائهم، بل نقول التغيير مطلوب، رغم أنه ليس أولوية في هذه المرحلة كون حكومة الوفاق الوطني مكلفة بمهام محددة ذات أولوية، ولكن التغيير لا يتم تلبية لذوي الرفض المجاني والاحتجاج الانتقامي، ولكن يتم تلبية لمصلحة عامة ومطالب مشروعة، ومن خلال الطرق القانونية.. والذي يقرر المصلحة والمطالب المشروعة هو القضاء وليس غيره. الفاسد أو المتهم بالفساد يساءل قانوناً من خلال هيئات مختصة كهيئة مكافحة الفساد ونيابة الأموال العامة، والمطالب المشروعة ينظر فيها القضاء وينصف المتقاضي المظلوم. بالأمس قلت إن تجميد العمل بالقوانين نتج عنه آفات كثيرة وكبيرة في هيئات الدولة، واليوم يراد إسقاط هذه الهيئات أو شل حركتها بأساليب فوضوية وغير قانونية أيضا..وازعم أن ما يجري في بعض المؤسسات الحكومية هذه الأيام هو ضرب من الفوضى ما دام أصحابها يريدون إملاء قراراتهم بطريقة غير قانونية..إن طرفاً معروفاً في الحياة السياسية يقف بقوة وراء هذه الفوضى لأهداف واضحة للعيان، ويتناسى أن طرفاً أو أطرافاً أخرى سوف تقاوم هذه الفوضى، وقد تتخذ مقاومته شكلاًًً مماثلاً، وعندها ستعم الفوضى، وإذا لم تبادر حكومة الوفاق الوطني إلى إعلان رفض ما يحدث هذه الأيام، ولم تتعامل معه تعاملاً قانونياً لا يسمح بالفساد والفوضى وفي ذات الوقت لا يسمح بتضييع المطالب الحقوقية المشروعة، فسوف تجد الحكومة نفسها قريباً في مهب الريح.