يقع جبل الشيخ أو جبل حرمون عند مثلث الحدود اللبنانية ـ السورية ـ الفلسطينية، أسـماه العرب جبل الشـيخ لوجود الثلج على قممه غالبية أيام السـنة حيث يشـبه بياض العمامة على رأس الشـيخ. إن هذا الجبل الأجرد القليل السـكان كان في الماضي السـحيق مكسـواً بالأشـجار والغابات الكثيفة ، حيث كانت الحيوانات منتشـرة بكثرة حتى الأسـود والنمـور كما ورد في التوراة. كما انه كان أكثر عمراناً وسـكنا مما هو عليه لأن مناخه يتميز بالاعتدال صيفاً والجفاف وطيب الهواء ورطوبة وبرودة قارسـة شـتاء ، حيث تهطل الأمطار الغزيرة على الأودية والمنخـفـضـات وأما الهضـاب والسـفوح والتلال والقمم فتتسـاقط عليها الثلوج، خاصة في أشـهر كانون الأول وكانون الثاني وشــباط وآذار ، وربمـا تتســاقط في نيسـان وحـزيران أوان الحـصـاد.وتبلغ سـماكة الثلج عدة أمتـار في بعض السـنوات ، ما يسـمح للجبل باختزان كميـات لا بأس بها من المياه التي تتفجر ينابيع على جوانبه وفي أوديته، منها ينابيع عرنـا وبيت جن وبانياس أحد روافد نهر الأردن في ســوريا ونبع اللدان في فلسـطين والحاصباني والوزاني وينابيع شــبعـا في لبــنان فضـلاً عن ينابيع وعيون كثيرة.إن جبل الشـيخ الذي يختزن هذه الكميات الضخمة من المياه في جوفه كان يزدان بخضرة بديعة تكسـو جوانبه وسـفوحه حتى ارتفاع ما دون الألفي متر عن سـطح البحر المعروف بخط الأشـجار.وأكسبت الغابات الكثيفة التي كانت منتشـرة الجبل مسـحة رائعة الجمال ورونقاً بديعـاً ، فقممه بيضـاء ناصعة يليها زنار عريض أخضر يتدرج حتى الأودية وأهم الأشـجار كانت السـنديان أو البلوط والملول والقيقب واللبنا والزعرور والبطم والفرعم وغيرها، وقد أمدت المناطق المجاورة والبعيدة بكميات ضخمة من الأخشـاب للصناعة والتدفئة ومع الأسـف فالجبل اليوم أصبح أجرداً بينما كان زاهراً يضرب بخضرته وأشـجاره المثل.إن جبل الشـيخ يضم في حناياه وعلى منحدراته وسـفوحه وقممه كما في أوديته آثاراً مهمة.تعتبر الوجهة الغربية من جبل الشيخ منطقة جبلية نائية تخلو من التواجد السكاني، خلافاً لحال السلسلة الغربية وقد يعود ذلك إلى أسباب أمنية أو جغرافية، نسبة إلى بعدها عن المدينة. وهذه المرتفعات لا تقل شأناً عن جارتها السلسلة الغربية لجهة ما تشكله من أهمية على صعيد السياحة على مدار السنة. وجبل الشيخ المرتفع 2814 متراً عن سطح البحر، كان عبر التاريخ ولا يزال موطن الثلوج طوال أيام السنة، مما يسمح بممارسة رياضة التزلج وإقامة المجمعات السياحية، أسوة بالأماكن الأخرى المنتشرة في لبنان. فيما الرياضة الشتوية فيه، حكر على القوة الدولية في الناحية الشمالية وقوات الاحتلال في المرتفعات الجنوبية حيث أقامت منذ سنوات مجمعاً سياحياً عند قمة الزلقا ومركزاً للتزلج.