غضون
- خلال هذا العام الذي يكمل الاعلان العالمي لحقوق الإنسان به الثالثة والستين من عمره ارتكبت في بلادنا انتهاكات لحقوق الإنسان لامثيل لها من قبل في العدد والنوعية في ظل الأزمة السياسية الأطول والأسوأ في تاريخ البلاد، حيث مارست أطراف الصراع الانتهاكات على نطاق واسع. وشملت الانتهاكات كافة الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. وإذا كانت انتهاكات حقوق الإنسان تحدث عادة من قبل منفذي القانون والهيئات العمومية، إلا أن اللافت في الأمر هذه المرة أن أكثر الانتهاكات ارتكبت من طرف المعارضين على اختلاف مسميات تكويناتهم، حيث ارتبطت عملية الاحتجاج واشكال المعارضة الأخرى باستخدام شتى صنوف العنف والإرهاب الفكري .. قتل .. وإيذاء جسدي ..وقطع ألسن وأطراف .. واعدام خارج القضاء .. وتقييد حريات .. ورقابة وتفتيش تعسفي .. وتهديد بالموت .. وتخويف.. وطرد من العمل.. واستخدام الاطفال في صراعات الكبار وتجنيدهم.. فضلاً عما لحق بالمواطنين من اضرار اقتصادية واجبارهم على ترك منازلهم، ونشر آلات الحرب في الأحياء السكنية والمنشآت المدنية .. وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى، وانتهاك القانون الدولي الإنساني الذي نص على تقاليد يجب احترامها والالتزام بها أثناء النزاعات المسلحة.- وانتهاك حقوق الإنسان من جانب السلطات الحكومية أمر مسلم به في هذه الاثناء لكنها لاترقى من حيث العدد والنوعية إلى مستوى ما ارتكب من قبل الأطراف الأخرى التي ادانتها مفوضية حقوق الإنسان واشار إليها قرار مجلس الأمن رقم 2014، الذي تحدث عن المجاميع المسلحة و(الجهات الفاعلة الأخرى) التي اشتركت مع السلطات في الانتهاكات .. ومعروف ماذا ارتكب باسم الثورة السلمية ومن طرف الفرقة الأولى مدرع والمسلحين القبليين الموالين للمشايخ وخاصة مشايخ الأحمر، والمليشيات الأخرى التي تمارس العنف ومارسته باسم حماية الثورة.وهناك من لا يعترف بحقوق الإنسان ولا بقانون وطني ولا بشرعة دولية ولا بقانون إنساني، وهم الارهابيون الذين ينتهكون حقوق الانسان عمداً ويعترفون بذلك ويتباهون به، فقد ارتكب تنظيم القاعدة وكذلك الفصيل الجديد المكون من الجهاديين والقاعدة المسمى (انصار الشريعة) ارتكب هؤلاء فظائع بحق الإنسان ولايزالون يقومون بذلك في المناطق التي ينتشرون فيها أو أخضعت لادارتهم بسبب ضعف الدولة.- إن الحكومة ملزمة باجراء تحقيق حول هذه الانتهاكات والوصول إلى مرتكبيها اينما كانوا واخضاعهم للعدالة، ومن واجبها تعويض ضحايا الانتهاكات وأسرهم تعويضاً عادلاً والاقتصاص لهم من الفاعلين.إن المعارضين يتحدثون عن أكثر من سبعمائة قتيل وأربعة آلاف مصاب من انصارهم، والحكومة تتحدث عن أكثر من الف وخمسمائة قتيل وعشرات آلاف المصابين من جنودها وانصارها المدنيين .. وقد تزيد الارقام أو تنقص والمهم هو الوصول إلى الحقيقة حول الضحايا والمعتدين .. هذا إلى جانب الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي انتهكت.إن تكلفة الوصول إلى المتهمين واخضاعهم للعدالة، وتكلفة تعويض الضحايا كبيرتان لاشك في ذلك والحكومة يجب عليها ضمان حقوق الناس وانصافهم من خصومهم، وفي هذا المقام يجب أن لا تنسى الحكومة أنها ملزمة بموجب توصيات لجنة حقوق الإنسان في جنيف أن تجري تحقيقات حول هذه الانتهاكات وانجاز كل ما يتعلق بها قبل نهاية الربع الأول من العام المقبل.