ليس تجنياً على أحزاب اللقاء المشترك ولا نفاقاً أو مجاملة للحزب الحاكم إذا ما قلنا إن أقصى ما يمكن أن يقدمه أي حزب حاكم في أي بلد ديمقراطي هو أن يقبل بالشراكة مع الآخرين في حكومة اتفاق ووحدة وطنية لإنهاء الخلافات والبدء في الإصلاحات بصرف النظر عن رصيده الجماهيري وهذا ما كان يدعو إليه فخامة الأخ علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية مع احتدام الأزمة السياسية التي اجتاحت الوطن على مدى الأشهر المنصرمة من العام الجاري، والجلوس على طاولة الحوار قبل الشروع في التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية مع فرقاء العمل السياسي الذين أخيراً رضخوا لها وتم التوقيع عليها والغريب أنه لا يوجد على الإطلاق حزب على سدة الحكم يقبل بما قبل به المؤتمر الشعبي العام الذي أبدى استعداده منذ وقت مبكر من نشوب الأزمة للحوار وتشكيل حكومة اتفاق وطني بغض النظر عن النتائج وبالمقابل ليس هناك معارضة في أي بلد كان ترفض مثل هذه الدعوات والتنازلات وتسعى إلى إشعال فتيل الأزمة وامتطاء هرم العناد والتصلب والغرور والتكبر. إن المتتبع لمسار المشهد السياسي اليوم في اليمن قبل افتعال الأزمة أو بعده يلحظ أن هناك تطوراً واضحاً ترافقه توترات واسعة في المناخ سواء الاجتماعي أو الاقتصادي ولعل إفرازات معطيات الواقع الراهن في الخطاب والتعامل السياسي لبعض الأحزاب والتنظيمات السياسية والمطالب المشروعة لبعض الشباب التي تم استغلالها وكادت أن تطمس وتختفي بين دهليز البعض من الأحزاب وعلى رأسهم “حزب الإخوان المسلمين” كانت هي المسبب الأول الأخير والعامل الرئيس لتلك الأزمة وما رافقها من توترات والمؤسف جداً أن البعض في الساحة الوطنية يسعى إلى افتعال الأزمات حتى بعد التوقيع على المبادرة وصدور القرارين الرئاسيين بدعوة الناخبين لانتخاب رئيس الجمهورية في 12 من فبراير القادم وتشكيل حكومة الوفاق الوطني.وبعيداً عن ذلك يظل الاصطفاف الوطني وغيره من الأمور والمواقف الوطنية التي دائماً ما يدعو ويؤكد عليها فخامة الأخ الرئيس في أكثر من مناسبة، مهمة لمواجهة التحديات ولما فيه خدمة لمصلحة الوطن والمواطنين . لذا يجب أن يكون الحوار الوطني المزمع تنفيذه حسب ما جاء في بنود المبادرة الخليجية فرصة سانحة لإعادة العقلانية للخطاب السياسي العام وتنقيته من المكايدات والانفعالات والتعصب الحزبي الذي لا يخدم سوى أعداء الوطن والمتربصين به في الداخل والخارج كما أنه لا يحل المشاكل أو يقدم معالجات ناجعة للقضايا والهموم الاقتصادية و ما خلفته الأزمة بقدر ما يزيد الطين بلة ويصب الماء على الزيت.ومن أجلنا نحن كشباب جميعاً نعول الكثير على اللجان التحضيرية المشكلة للحوار أن تستطيع بمسؤوليتها المضي قدماً نحو الآفاق المشرقة وفي الوقت ذاته نحملهم المسؤولية الكاملة للخروج باتفاق يتناسب مع هموم الشباب و الناس ويخدم قضاياهم ويلبي طموحاتهم ويلبي آمالهم والبعد كل البعد عن المكايدات والمزايدات.اليوم نحن بحاجة ماسة للعمل من أجل إرساء قيم الخير والمحبة والتلاحم والإخاء من أجل بناء وتشييد الحاضر الاقتصادي والتنموي وتجاوز كل ما دون ذلك والانطلاق صوب غد أكثر إشراقاً ننعم فيه بالتقدم والرفاهية والحياة الكريمة وفي الأخير هناك حقيقة لابد للجميع أن يعيها ويدركها جيداً هي أننا أبناء اليمن الواحد تجمعنا بوتقة اجتماعية واحدة تتحدر منها شرائحنا بانسيابية متوحدة مع هدف مشترك يجمعنا هو “ الوطن” الذي تنبع منه كل أنهار العروبة “ يمن الإيمان والحكمة” ومن يبحث عن الأضواء والشهرة والاستعراض على حساب وطنه فهو خاسر لا محالة وسينتهي به المطاف في مهاوي النسيان والضياع وكفى بالزمان واعظاً.
أخبار متعلقة