البحث عن اليمن بعد عشرة أشهر من الأزمة، يصطدم بجو غامض يطرح بعناد سؤالاً ملحاً: لماذا العنف؟ وإلى أين يقودنا؟.لقد بلينا بمعارضة ومراكز قوى تبحث عن تفتيت البلاد وتمزيقها وتحويلها إلى ضيعات في عصر “نهاية التاريخ” إننا نستشعر شيئاً غامضاً، فالمعارضة تفكر وكأنها وحدها، فهي تعيش حالة من المتاهة أدت إلى طحن الشعب.نحن أمام موجات من التوهان، أو بعبارة أدق التتويه، جريمة جامع النهدين، ومن قبلها جمعة 18 مارس، والاعتداء على الحرس الجمهوري في أبين وتعز وأرحب ونهم، ونحن ضحايا الفوضى السياسية العارمة التي تسعى إلى تفكيك المجتمع اليمني، وصرف الدولة عن مسئولياتها المركزية في كافة مجالات حياة الشعب، بالأمس وقع الرئيس علي عبدالله صالح على المبادرة الخليجية لينقذ الدولة التي بناها اليمنيون بعرقهم وليثبت دعائم الديمقراطية وينتصر للشرعية الدستورية، بذلك وضع اليمن في قلب العاصفة، ما دام التحول عملية جدلية تاريخية هائلة لاتعرف السكون ولا السكينة.ورغم توقيع الرئيس إلا أن المعارضة بدت فاقدة للاتجاه ومصابة بالتوهان، إذ بدا الخطاب الإعلامي التابع لها مغلفاً بالسلبية السياسية بغية إجهاض الحراك الشعبي الوطني الذي انطلق من ميدان السبعين، ذلك الميدان الذي يعد رمزاً للنصر العظيم يوم انتصرت صنعاء على حصارها، لقد انتصرت صنعاء على حصارها بسبب أخلاقيات المحاصرين لها، فلم يطلقوا قذيفة واحدة تجاه هذه المدينة التاريخية، بينما دعاة الدولة المدنية قصفوها قصفاً عشوائياً ولم يحترموا تراثها الإنساني.إن جموع السبعين التي كانت تخرج كل جمعة لفتت أنظار العالم أجمع إلى طاقات شعب اليمن الهائلة من أجل التغيير والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ، فهي لم تعطل الحياة ولم توقف الأعمال وإنما كانت تبحث عن اليمن في قلب هذه الأوضاع الغامضة المتردية.ومما لا شك فيه أن الذين وقفوا في الضفة الأخرى قد قادوا البلاد إلى ساحة واسعة من بهتان المعالم، وضياع ذاكرة التاريخ، وتقطع المسيرة الجدلية للمجتمع والشعب. وإذا كنا منصفين فإننا سنبدأ تدوين البحث عن اليمن من خلال علي عبدالله صالح الذي انتصر للديمقراطية ولأهدافنا الوطنية، لقد صان استمرار حياة اليمنيين وأتاح لليمن الديمقراطية، ولذلك فإن المجتمع اليمني من حقه أن يصبو إلى النهضة. لقد ارتفعت قامة علي عبدالله صالح وشهد له الجميع بأنه الباعث لليمن الناهضة، والذي سيظل رمز كبرى محاولات إقامة معاني القوة والتحديث لوطننا اليمني، صحيح أن علي عبدالله صالح أحاط نفسه بمجموعة من الانتهازيين، لكنه تخلص منهم يوم 18 مارس من هذا العام.وعلى هذا الأساس نحتاج اليوم إلى جهد جماعي لطلائع الفكر والعمل لكي تنغمس في إيقاع الشارع اليمني، لكي تستشعر معاناة الشعب وأحلامه الدفينة، لقد أمسك الرئيس صالح بزمام المبادرة التاريخية بينما تمسكت المعارضة وخاصة المسلحة باستراتيجية تهميش اليمن إلى حد التغييب تحقيقاً لأهداف قطر التي أرادت أن تصفي حساباتها مع المملكة العربية السعودية، وأظن وليس كل الظن إثماً أن ما نعانيه اليوم في اليمن يعود إلى سيادة الجهالة والطغيان على الكفاءة وحرية الرأي والريادة الفكرية والسياسية بسبب تقاسم السلطة والحضور العشائري والمناطقي الذي سمح بتقدم آلاف مؤلفة من أنصاف المتعلمين بوصفهم أهل الثقة. وسيكون لزاماً على المؤتمر الشعبي العام أن يعتمد على الكفاءات وخاصة بعد أن تحرر من رموز الفساد وأنصاف المتعلمين وعصابات الأجهزة التنفيذية التي ملكت مفاتيح القرار والإدارة، يحتاج المؤتمر الشعبي العام إلى التحرك تجاه ثورة تحريرية ديمقراطية شعبية، وتنمية وطنية ليدخل بذلك مرحلة الثورة الوطنية والاجتماعية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، على المؤتمر أن يتجاوز تدمير الطبقة الوسطى ومؤسساتها ويعمل على تكوين الكادر السياسي والفكري الذي يمثل على الدوام عصب المجتمع المؤهل لتحقيق مهام التعبئة الوطنية وحشد تراكم ميراث الشعب وقدرات المجتمع، لنرسم إذن طريقاً واحداً وواضحاً، تحل على جانبيه الورود محل الدموع ويرتفع شأن الصادقين حملة شعار الوطن أغلى.
أخبار متعلقة