غضون
* الانطباع السائد لدى كثير من المتابعين لمجريات الأزمة السياسية في بلادنا أن رئيس الجمهورية رفض ولا يزال يرفض التوقيع على المبادرة الخليجية وقد لعب التضليل الإعلامي والتضليل السياسي دوراً أساسياً في ترسيخ هذا الانطباع بطول التكرار لهذه الكذبة ،حتى قالوا إنه “يرفضها للمرة الرابعة “ بينما لا أولى ولا ثانية ولا ثالثة ولا رابعة لأن مبدأ رفض التوقيع على المبادرة غير قائم ، ويتجاهل هؤلاء أن الفكرة التي نشأت عنها المبادرة الخليجية مصدرها رئيس الجمهورية عندما قال للمنشق علي محسن في اجتماع بمنزل نائب رئيس الجمهورية بحضور سفراء غربيين وعرب : لنرحل أنا و أنت.. فضلاً عن تصريحات متكررة للرئيس بأنه غير متمسك بالبقاء في منصبه، والترحيب بأي جهد يبذله أشقاء وأصدقاء للتوفيق بين أطراف الأزمة اليمنية للوصول إلى حل سلمي ومشرف للأزمة.* وعندما أصرت المعارضة على عدم التعامل مع الرئيس - وهو موقف غريب للغاية - وادعت أن حوارها سيكون مع نائبه وأن عليه تفويض النائب بصلاحياته في هذا الشأن أصدر رئيس الجمهورية قراراً يفوض النائب إجراء حوار مع المعارضة للاتفاق على آلية مزمنة لتنفيذ المبادرة الخليجية والتوقيع على الآلية والتوقيع النهائي على المبادرة نيابة عن رئيس الجمهورية ، ولما رفضت أحزاب المشترك ذلك ، عاد الرئيس ليضع أمامها كلا الخيارين: تريدون توقيع النائب نحن جاهزون .. تريدون الرئيس أن يوقع على المبادرة نحن نوافق ..وكذلك كان موقف المؤتمر الشعبي وحلفائه .. لكن أحزاب المشترك ترفض الحوار حول هذه القضية الجوهرية .. وفي آخر كلام قالوا إنه لا انتقال إلى الآلية التنفيذية قبل أن يوقع الرئيس على المبادرة .. يوقع على المبادرة قبل أي حديث عن الآلية التنفيذية.. وهذا ضرب من العناد والمكابرة إن لم نقل تهرب من المبادرة ، فنحن إزاء فصل بين المبادرة وبين آليتها التنفيذية ، بينما هما شيء واحد . وما يجعلني أرجح أن يكون هذا الفصل بين المبادرة وآليتها تهرباً من المبادرة هو أن أحزاب اللقاء المشترك كانت قد وقعت في وقت سابق على المبادرة وآليتها المقترحة كوثيقة واحدة وفي وقت واحد ، فكيف نفسر الفصل بين المبادرة وآليتها الجديدة المراد من الحوار الاتفاق عليها اليوم؟* لقد زايدت ولا تزال أحزاب المشترك تزايد حول مبادرتها إلى التوقيع على المبادرة الخليجية، لقد قامت بذلك فعلاً في وقت سابق، ولكنها بعد ذلك وحتى اليوم تنسف ما تعتقد أنه مكسب سياسي ، ويدل على ذلك تصريحات قيادات المشترك وشركائه التي قالت فيها عن المبادرة : ماتت .. تجاوزها الوقت .. لم تعد مقبولة .. وفي آخر تصريح لباسندوة قبل يومين قال إنهم يخشون رفض المبادة من قبل “ الثوار” لأنها تنص على منح حصانة .. وهو كلام يفهم منه رفض المبادرة ولكن هذه المرة بإحالة المسؤولية على الشباب أو من يسمون “ثواراً” .إن أقصى ما يذهب إليه رئيس الجمهورية من أجل التوقيع على المبادرة الخليجية هو وضعها موضع التطبيق، ولا يمكن تطبيقها إلا بآلية مزمنة تتفق حولها أطراف الأزمة عبر حوار مباشر.. آلية تحدد مراحل وخطوت تنفيذ الحل الذي يستند إلى مبادئ المبادرة - وهي معروفة - ويفضي إلى انتقال سلمي وديمقراطي للسلطة عبر انتخابات رئاسية مبكرة .. فكيف يقال بعد هذا إن الرئيس يرفض ويعرقل؟.