أ . د . علي محمد الصبري :الصحة هي المرآة الصادقة التي تعكس مدى التطور الاجتماعي، كما أن المؤشرات التنموية الاجتماعية تعد ركيزة أساسية للصحة وأحد المعايير الحساسة لها فالصحة تعني الإنسان المنتج الذي يعد هدف التنمية ووسيلتها . إن تعريف منظمة الصحة العالمية ينص على أن الصحة هي حالة الاكتمال الفيزيائي والعقلي للشخص وشعوره بالرفاهية الاجتماعية التامة وليس غياب المرض أو العجز. من هنا يتضح أن الجوانب الاجتماعية للإنسان جزء أساسي من صحته بمفهومها الشامل ، كما أن الصحة تتأثر بالعديد من العوامل الاجتماعية ، إن تسعة أهداف من الاثني عشر هدفاً المتبناة في الإستراتيجية السكانية تتعلق مباشرة بالصحة والثلاثة الباقية تتكامل فيها الجوانب الصحية مع بقية الجوانب الاجتماعية الاخرى. إن للصحة تأثيرات مباشرة على النمو الاقتصادي والاجتماعي تتمثل بزيادة الإنتاج فالأصحاء أكثر قدرة على الإنتاج في شتى الميادين كما أن التحسن الصحي والغذائي من شأنه أن يزيل القصور العقلي والذهني عند الأطفال ويجعل من الأجيال قوة قادرة على الدفع بعجلة التنمية قدماً إلى الأمام. إن اعتلال الصحة يؤدي إلى فقدان كبير لوقت الإنتاج ويؤثر سلباً في نوعية الإنتاج كما أن الإعاقة الجسدية تؤدي إلى ضعف الفعالية وكلاهما يؤديان إلى إحداث فاقد اقتصادي إضافة إلى ذلك فإن كثيراً من المصادر المالية تنفق على العناية الصحية والأدوية والأغذية الإضافية أثناء المرض لذلك فإن الكلفة التي تنتج عن المرض تكون ذات شقين : الأول هو الخسارة الناتجة عن توقف إنتاجية المصاب والثاني : ما ينفق من مال للتغلب على المرض ومضاعفاته. لذا فإن اهتمام المجتمع يجب أن يركز على تقليل المراضة والحد منها أكثر من معالجة الأفراد كما أن العناية الصحية يجب أن تركز اولاً على الوقاية المبكرة من المرض ومن ثم علاجه عند حدوثه وثالثاً تأهيل المريض للعودة إلى حياته العملية الطبيعية وكل هذا يؤدي في النهاية إلى زيادة الإنتاجية ورفع المستوى الاقتصادي أو على الأقل يقلل مما يصرف على الخدمات العلاجية وهذا في حد ذاته استثمار اقتصادي. إن الوضع الصحي له تأثير على النمو السكاني ، إذ ان طريق تخفيض المراضة والوفيات تأثر معدلات الخصوبة كما أن تحسن الوضع الصحي يساعد على تحاشي أمراض كان من الممكن أن تؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة بالعقم. إن التوصل إلى تحسن نوعي في الحالة الصحية للسكان عن طريق تكثيف العمل في مجال الرعاية الصحية الأولية والتركيز على خدمات الأمومة والطفولة والعمل على التحكم في أمراض الحمل والولادة والنفاس والوقاية أو السيطرة على الأمراض المعدية والمتوطنة وتحسين الوضع التغذوي في المجتمع وزيادة التغطية بالخدمات الصحية الأساسية للسكان يعد هدفاً استراتيجياً ملزماً تبنته الحكومة اليمنية وتؤكد عليه في العديد من خططها.
الصحة والتنمية
أخبار متعلقة