الحسم في اللغة: القطع. وسمي السيف حساماً لأنه يقطع وحسامه حده.والحسوم: الشؤم. قال الله تعالى: (ثمانية أيام حسوماً) لأنها قطعت أو فصلت الخير عن أهلها.وسلم في اللغة: معظم بابه من الصحة والعافية. فالسلامة: أن يسلم الإنسان من العاهة والأذى. والسلم: هو الصلح قال الله تعالى: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها.. ) والسلام: بكسر السين وتشديدها: المسالمة. وثور في اللغة: انبعاث الشيء، والثورة: الهيجان والضجة والشغب بهدف التغيير. أمامنا ثلاثة من المصطلحات المتباعدة في معانيها ودلالاتها والمتداولة هذه الأيام في بلادنا التي تمر بأزمة خانقة وفتنة خطيرة بين أوساط شباب الاحتجاجات والاعتصامات في الساحات وبين أوساط المتعاطفين معهم من بعض العناصر القبلية والحزبية وبعض من تمردوا من أفراد الجيش وعناصر إسلامية متطرفة، فكيف نوفق بين مصطلحات: الحسم - الثورة - السلمية؟ فالسلمية إذا دخلت في مرحلة التصعيد تنقلب إلى ضدها أي إلى عنفية وعندها تفقد شرعيتها الهادئة المسالمة وعندما تصل إلى مرحلة الحسم، أي البت والقطع تكون قد قطعت علاقتها بسلميتها ودخلت في مرحلتها الثورية التي تعني فيما تعنيه خروجها وانحرافها عن مسارها السلمي الحضاري الهادئ والمسالم وانبعاثها وتحولها إلى نقيضها الصدامي والتحريضي العنيف حتى تصل إلى مرحلة الصراع والقتال وإفناء الطرف الآخر الذي يدعوها إلى الحوار السلمي فترفضه فهل هذا هو هدف ثورة الشباب السلمية..؟! وهل فكر شباب الثورة بهذه المصطلحات التي يرددونها ولم يتدبروا معانيها أو يتأملوا مراميها البعيدة التي ستؤثر على إيجابيات ثورتهم السلمية.أم أن هناك جهات أو جماعات أو فئات أو أحزاباً تقوم بالتنظير لهم أو التحدث باسمهم ودورهم هنا لايتجاوز التلقي السلبي دون اقتناع. إن ثورة الفيسلوف والمجاهد الهندي المهاتما غاندي التي دعا فيها إلى تحرير الهند من الانجليز بالطرق السلمية والمقاومة السلبية بعيداً عن العنف، وكان سلاحه الأقوى الإضراب عن الطعام وأدت جهوده إلى استقلال الهند ولم يكن لثورته تلك تصعيد عنيف أو حسم ثوري ولا فرقة أولى مدرعة تحميها ولاعصابة قبلية أو عناصر حزبية أو جماعات إسلامية متطرفة تدافع عنها ومع ذلك دحرت وأخرجت أعتى إمبراطورية استعمارية لا تغيب عنها الشمس من شبه القارة الهندية بسلميتها الهادئة ونصر الله تلك الثورة السلمية وأصبحت مثالاً يحتذى به لأنها اعتمدت على النهج السلمي الحضاري البعيد عن العنف ولم تسمح لأحد بأن يتدخل في شئونها أو يغير مسار ثورتها البيضاء السلمية أو يستغلها لصالحه، فلم نسمع عن مضرب عن الطعام قام برفع احتجاجه أو حسم أمره من خلال قطع وريده أو قام بشنق نفسه أو عمل على إقلاق سكينة الناس أو قام بقتل النفس التي حرم الله لكي يسمع الناس صوته أو تصل إليهم رسالته بل يظل محافظاً على إضرابه السلمي الهادئ دون أي تصعيد أو حسم حتى ينظر في أمره أو تتحقق مطالبة أو يتعاطف المجتمع معه ومع قضيته دون إضرار بالآخرين وإلا كيف ستكون ثورته سلمية وقد أضرت بمصالح العباد وخلقت أزمة خانقة وخطيرة في البلاد بتصعيدها وحسمها؟!!.حتى مصطلح التصعيد لا يدل على نهج سلمي بل يدل على مسلك عنفي و(الحدق) يفهم..!!