غضون
* حقوق الإنسان حقوق أصيلة لكل البشر، ولاتقبل الكيل بمكيالين، أو المزاجية اليمنية (حقي حق وحق الناس مرق)، وأي انتهاك لحقوق الإنسان يجب إدانته والمساءلة عنه بغض النظر عن مرتكبه من هو .. وللأسف أن هذه النظرة المتكاملة غير موجودة لدى المعارضين في اليمن أكانوا أحزاباً أو إعلاميين أو منظمات تسمى منظمات حقوق الإنسان، فالحقوق عندهم هي حقوق الإنسان المعارض والانتهاكات هي فقط التي ترتكب من قبل الحكومة أو منفذي القانون الرسميين، أما حقوق الغير فلا تعنيهم. وأما الانتهاكات التي تحدث من قبل المعارضين فيغضون الطرف عنها، بل إذا ذكروها وصفوها بالأعمال الثورية بينما هي انتهاكات جسيمة تصل إلى حد القتل العمد للموالين للسلطة والجنود والضباط. كانوا ينتظرون من اللجنة الأممية لتقصي وضع حقوق الإنسان في اليمن تقريراً منحازاً لا يشير إلى شيء من الانتهاكات التي ارتكبت من قبل المعارضين .. اللجنة التي اطلعت على الأوضاع في صنعاء وتعز وعدن اواخر يونيو ومطلع يوليو الماضيين، قدمت لمجلس حقوق الإنسان تقريراً محايداً، وهذا ما لم يرق للمعارضة.* كانوا يهللون ويكبرون للتقرير القادم وللجنة الأممية، ولما نشر التقرير وعرض على مجلس حقوق الإنسان لم يتحمسوا له، بل أن منظمات حقوق إنسان يمنية محسوبة على المعارضة أو قل منحازة لها، أصدرت أمس بياناً تندد فيه بمجلس حقوق الإنسان ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، والسبب أن التقرير لم يقل ما يريدون منه.نددوا .. نعم .. والسبب أن التقرير سجل الانتهاكات التي رصدتها تلك اللجنة وعرضها بحياد كما هي تقاليد الأمم المتحدة، ولكن هؤلاء يريدونها أن تنزل في ضيافتهم فقط، وإلا اطلقوا عليها عبارات التنديد والإدانة.التقرير سجل الانتهاكات التي حدثت من قبل الجانب الحكومي، وفي الوقت ذاته سجل بعض الانتهاكات التي ارتكبت من قبل المعارضين، وأشار إلى العنف المتبادل وأن لكل طرف قوات مسلحة، وان المعارضة استخدمت الأطفال في اللعبة السياسية، وان القاعدة نشطت في هذه الأزمة وقتلت، وأن مسلحين قتلوا جنوداً، وأن للمعارضة دوراً أساسياً في العنف وفي قطع الطرق وامدادات الطاقة .. وأن خيام المعتصمين يجب اخلاؤها من السلاح.* وقد سجل التقرير انتهاكات الطرف الآخر بالطبع، وهذا التوازن في التقرير الذي يرجع إلى كون المنظمات الأممية محايدة لاتنحاز لأحد ولا تجامل أحداً .. هذا التوازن اغضبهم، فبعد ان كانت اللجنة الأممية محل اشادة وتقدير من قبلهم نددوا بها بعد صدور التقرير.وهذه النظرة تنم عن عدم إيمان حقيقي بحقوق الإنسان، وعن عدم اخلاص في التعامل مع الانتهاكات، فحقوق الإنسان عندهم تخص جزءاً من الشعب فقط والجزء الآخر لايعنيهم، والانتهاكات بنظرهم هي تلك التي ترتكب من قبل الأمن أو منفذي القانون، أما ما يرتكب منها على أيدي المعارضين ومسلحيهم ضد الجنود وانصار النظام فليست انتهاكات.الانتهاكات التي تستحق عنايتهم ورفع اصواتهم هي تلك التي ترتكب من قبل أفراد الأمن وانصار النظام فقط، أما أعمال القتل والعدوان التي ترتكبها الفرقة الأولى ومليشيات الإصلاح وأولاد الأحمر وتنظيم القاعدة فلا تحرك ضمائرهم.