د. زينب حزام أسفرت جهود فريق علماء الآثار اليمني في منطقة شبوة عن لقى أثرية تعود إلى الألف الخامس قبل الميلاد، وتمثل هذه الفترة بداية الاستيطان البشري على أرض اليمن. ولعل الجانب الأهم في هذه اللقى أنها تسد ثغرة في التسلسل التاريخي للمعثورات الأثرية في اليمن، ففي الوقت الذي حوى فيه المتحف الوطني في شبوة مومياوات وبعض الأواني من العصور الحجرية “الألف الثامن قبل الميلاد” بعدها وبشكل مباشر جاءت لقى العصر البرونزي “الألف الثالث” قبل الميلاد وما بين الحقيقتين بقي فراغ بدأت تشغله اللقى الأثرية في التنقيبات التي لا تزال مستمرة في مواقع جزيرة سقطرى التي تمتلك كنوزاً من الآثار لم تكتشف بعد، إضافة إلى مناظر طبيعية جذابة في كهوفها.وفي مدينة تريم أيضاً تم العثور على العديد من المقابر رغم طول فترة البحث عنها لما تشكله من علامة استفهام كبيرة لم يقنط المنقبون من حلها وفض لغزها، فبالرغم من العثور على المستوطنات البشرية التي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد وحتى فترة ما قبل الإسلام فإنه لم يعثر على أية مدافن في هذه المنطقة[c1]نصوص سينما اسودعنوان رئيسي اولعاديكنوز[/c]مازالت حكاية منطقة العود، التي تقع في شمال الوطن، وسكانها من الملوك الحميريين تروى لسكان المناطق والقرى، وكل منهم يتوق إلى الحصول على الكنوز التي دفنها الحميريون قبل أن يصل إليهم الأحباش ويدفنوها معهم، لكنهم لم يتأكدوا من تلك الحقبة إلا بعد أن اكتشف أن بعض الأهالي قاموا بطحن بعض التماثيل واللقى الأثرية لبيعها بميزان الذهب، غير آبهين بما اقترفوه من جريمة بطمس تلك الآثار المهمة التي كان من المفترض أن يحافظوا عليها وتجرى عليها الدراسات حتى نتمكن من معرفة حقائق التاريخ، كما أن بعض الأهالي أعادوا ما أخذوه من آثار للجهات المختصة التي أنشأت هناك متحفاً لضمها فيه.وأثناء الحفر والتنقيب الأثري عثر على ثلاث جثث في إحدى الغرف لامرأة وولديها جالسين متربعين كأن شيئاً لم يحدث، غير آبهين بالأحباش الذين يحرقون المدينة بل آثروا الموت جلوساً .. ووجدوا قرطي الذهب ما زالا في أذني المرأة .. من يدري من هي تلك المرأة القوية؟ ربما تكون الملكة التي كان يناجيها القمر أيام السؤدد. لكنه عندما أطل على الجبل ولم يرها أعلن حزنه الأبدي.لقد كان السبئيون ومن بعدهم الحميريون يسيطرون على الموانئ من ميناء “قنا” في “بئر علي” إلى ميناء غزة وفي عهد “كرب إيل وتر” الملك السبئي تم دفع الضرائب للملك سرجون الثاني ملك آشور، الذي قويت سلطته في تلك الفترة، حتى يترك غزة وشأنها.وفي حيطان البلاط الملكي والمعبد وضع البناؤون فتحات صغيرة .. يعتقد أنها لوضع مصابيح الإنارة الليلية التي يشعلونها عند احتفالاتهم، فأخبار انتصاراتهم متتالية كما أن وجود أحجار منحوتة تشبه (مسحقة “السحاوق” الحجرية المعروفة) يجعلنا نعتقد أن عادة صنع السحاوق - الطماطم المسحوقة بالفلفل الأخضر - مع الأكل متوارثة منذ تلك الفترة .. وربما تكون أحجار المذابح التي تقدم عليها القرابين. كما أن وجود أحجار محفور على وجهها عدة حفر يصل عمق كل منها إلى 20 سم يضع في رؤوسنا علامات التعجب.فهل كانت تلك الأحجار تغرز فيها سواري الأعلام أم الحراب الحميرية.. كي تبرق في الفضاء فيعرف من لمح البرق أن رماح الحميريين ستطاله حتماً.لقد كانت العود مدينة مكتملة شملت كل مقومات المدينة اليمنية .. كالسور المحيط بقمة الجبل والقصور والمعبد والسوق وبيوت ومساكن العامة ولم تتأثر بهجمات البدو لارتفاعها وقوة تحصينها.لقد ألقت أنشطة هيئة الآثار اليمنية الضوء على جانب من جوانب حضارتنا اليمنية الإسلامية، وهو الجانب الأركيولوجي والتاريخي، حيث أبرز الباحثون اليمنيون والأجانب في دراساتهم ومحاضراتهم الكثير من الجوانب المتألقة للحضارة اليمنية والإسلامية في جميع امتداداتها الجغرافية وفي مختلف عهودها وعصورها. ففي شهر مايو الماضي أحتضن مركز الدراسات التابع للهيئة العامة للآثار ندوة عن المخطوطات اليمنية وكذلك عن الآثار المكتشفة حديثاً في المواقع الأثرية في شبوة وسقطرى والمحويت وذمار، كما تناولت الدراسات جانباً من أصول وجذور الغناء الشعبي اليمني والغناء الشعبي البحري في عدن، إضافة إلى النشاطات والتفاعلات الاجتماعية في البلد والتأثيرات التي مارستها عليه أسباب التقدم والتطور التي شهدها المجتمع اليمني خلال العقود الستة الماضية.كما قدم الباحثون في مجال الفن التشكيلي دراسات عن فنون المنسوجات والتطريز والزخرفة وأعمال النحت والفن المعماري ونحت القمرية المشهورة في البناء المعماري القديم والحديث.كما قام الباحثون في المواقع الأثرية في شبوة وحضرموت وسقطرى ومأرب بالبحث عن بقايا من القطع الأثرية التي كانت تستخدم في فترة من عهد الدولة الحميرية وعهد الغساسنة وقد تم العثور على بقايا قلعة بنيت بين عامي 1007 و 1008م في شبوة وتوجد في أعلاها المئذنة المربعة التي تم الوصول إليها عن طريق درجات حجرية، حيث توجد فتحات عدة ذات طبيعة دفاعية لرمي السهام، ومن أعلى السطح نرى المشهد بانورامياً فهناك باحة المسجد في الأسفل وإلى جوارها برج ثم القصر الملكي.وفي حضرموت عثر رجال الآثار على مجموعة من التحف تضم أعمدة وتيجاناً وقواعد وشواهد من الرخام والحجر والزجاج والمعادن وقطع نقود وجواهر خلال الفترة منذ بداية القرن حتى السبعينات، وجميع القطع الأثرية وضعت في المتحف الوطني هناك.[c1]قانون حماية الآثار[/c]من عيوب القانون أنه لم يضع عقوبات كافية ضد المخالفات أو الجرائم التي تقع في القطاع السياحي .. ولم يحدد كيفية التعامل مع المخالفين للقوانين الموضوعة لحماية التراث، والقانون يعاقب بالحبس والغرامة كل من يقوم عامداً بتخريب أو إتلاف التماثيل أو اللوحات الموجودة في الأماكن العامة أو داخل المتاحف.ويتشدد كثيراً في معاقبة من حاول تخريب أو تدنيس بعض المواقع الأثرية وهناك العديد من القلاع والصهاريج والسدود التاريخية تحتاج إلى الترميم ولا توجد رقابة للحفاظ على القطع الأثرية الموجودة في المواقع الأثرية التي لم يتم التنقيب فيها .. لذا تتعرض هذه القطع الأثرية للتلف أو الضياع وذلك لضعف الحماية الأمنية لها.فلا يوجد عدد كاف لحراسة هذه الأماكن التي تحتوي على آثار لا تقدر بثمن .. ففي المواقع الأثرية المكشوفة لا توجد إضاءة كاشفة مما يعرض هذه المواقع الأثرية للسرقة.وما زال الكثير من الناس الذين يسكنون قرب المواقع الأثرية، لا يعرفون قيمة الآثار وذلك لضعف التوعية الإعلامية بأهمية الآثار والقطع الأثرية .. لذا ندعو وسائل الإعلام من صحف ومجلات وقنوات فضائية إلى التوعية الكافية بأهمية الحفاظ على المواقع الأثرية والقطع الأثرية لأن اليمن مخزون للحضارات ولابد من سياسة ثقافية متغيرة حتى نستطيع أن نواجه ماضينا بطرق جديدة.
|
فنون
المواقع الأثرية في شبوة متحف مفتوح يضم معروضات وأدوات تزخر بالزخارف والجواهر
أخبار متعلقة