(رمتني بدائها وانسلت) مثل عربي يضرب لمن يعير صاحبه بعيب هو فيه، والانسلال هو الخروج من الجماعة، ورماه بالداء: عيره به. تذكرت هذا المثل وأنا أقرأ في إحدى الصحف البيان الأخير لأحزاب (الشركة) عفواً المشترك، لأن الشركة في لهجتنا الشعبية هي اللحمة التي يتقاسمها بعض الناس عندما يذبحون ذبيحة ويشتركون في أكل لحمها كالمساهمين أو المستهمين في شركة ما. إن هذا البيان (العجيب) للمشترك الذي أصبح حاله كحال الذي تنحنح بعدما ضرط أو كالذي غطى الضرط بالنحنحة، والتنحنح هو السعال المصطنع لمن يحاول إخفاء الحقيقة والتستر عليها وهي واضحة وضوح الشمس في كبد السماء، أو كالذي يغطي عين الشمس بمنخل أو بغربال. وهنا استسمح أخي القارئ أن يقف للحظات لكي أطلعه على أهم النقاط والمحاور التي وردت في ذلك البيان الآنف الذكر للمشترك الذي ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب لكي يعلم هذا القارئ الحبيب واللبيب أنهم يقولون ما لايفعلون وأن كلامهم وأحاديثهم وبياناتهم لاتخلو من تناقض واضطراب مثل أحزابهم المختلفة والمتنوعة، وإليك دليل زيف ما يدعون وما يهرفون، فهم يشيدون بثورة الشباب ويعولون عليها مؤكدين انحيازهم وتمسكهم بهذه الثورة وأهدافها السلمية، وهم الذين ولوا ظهورهم للشباب ولثورتهم أكثر من مرة حين ذهبوا إلى دول الخليج للتوقيع على المبادرة الخليجية ولم يأخذوا معهم من يمثل الشباب لأنهم يعلمون أن المستقلين من أولئك الشباب لم يفوضوا أحداً من المشترك في ذلك الأمر ولأن أغلب المحتجين في ساحات الاعتصام هم من شباب وكوادر المشترك. لقد استنكروا في بيانهم المذكور كل مظاهر العنف الحاصل من قبل السلطة وبقايا النظام حسب زعمهم وظنهم وتناسوا أن ذلك العنف هم مشاركون فيه بل هم من اخترعوه حين وصلوا في حوارهم مع النظام والسلطة إلى طريق مسدود والدليل أنهم لم يذكروا في بيانهم الآنف الذكر استنكارهم للجريمة النكراء التي حدثت في حي الحصبة وكان أبطالها أولاد الأحمر المحسوبين على أحزاب المشترك وعلى وجه الخصوص حزب الإخوان المسلمين ( الإصلاح ) الله يصلحهم ويهديهم ويهدينا جميعاً لما فيه خير البلاد والعباد. لقد دعا بيانهم إلى زيادة تأزيم الأوضاع داخل البلاد مما ضاعف معاناة الناس ويعمل على تهييج الشوارع والساحات وكل هذا من اجل الاستيلاء على السلطة والوصول إلى كرسي الحكم من خلال دعوة شباب الساحات والمحتجين إلى رفع وتيرة النضال السلمي في اعتقادهم الذي سيؤدي إلى إسقاط ما تبقى من فلول النظام في الوقت الذي يتحدثون فيه عن الحرية والديمقراطية والشراكة المجتمعية واحترام حقوق الإنسان وإنجاز التحول الديمقراطي فما هذا الخبط عشواء الذي نراه بين القول والفعل في بيان أحزاب المشترك العجيب الغريب!! الذي يتنافى مع ما نراه ونشاهده على أرض الواقع في نهم وأرحب والحيمتين وتعز وأبين وغيرها من المحافظات والمديريات. وهل يمكن أن يصدق عاقل أن كل ما حدث ويحدث هو من أفعال النظام الحاكم الذي يهمه الأمن والاستقرار على الأقل من اجل بقائه في السلطة لمدة أطول كما يظنون ولم نسمع في حياتنا أن قام عصفور بخراب عشه بيده فما بالك بنظام حاكم عاقل يدعو للحوار السلمي. أما المرأة الخرقاء التي أمرت جواريها بالغزل طوال النهار فإذا جاء الليل حلت هذا الغزل وأبطلته فهو مثل ضربه الله سبحانه وتعالى في القرآن على الناقض للعهود والمواثيق، الأخرق الذي لايعرف مصلحته ولا يقدر الوقت والجهد وضياع العمل والمال والإفساد بعد الإصلاح. إن المشترك في بيانه المسموم ذاك يريد أن يقول للشعب والمجتمع بأكمله إن الصراع على السلطة ليس بين أحزاب المشترك والحزب الحاكم بل هو بين فرد وأسرة وفئة وشلة وبين الشعب اليمني بكامله، وما أحزاب المشترك إلا شاهدة على العصر والواقع ومتفرجة عن بعد وليس لها أي ذنب في كل ما حصل ويحصل وهذا ما قصدته في مقالتي حين عنونتها بالمثل العربي المشهور: (رمتني بدائها وانسلت..) نقول لهذه الأحزاب (الشركة) من خزق يرقع، أي من خرق الثوب لزمه رقعه وإصلاحه، و(من شط بيده رقع بجلده) وشط: شد ومزق ويضرب هذا المثل لمن يكون سبباً في ما يحدث له من متاعب، ومن عمله بيده يستأهل ما يقع له أو من عمله بيده يحرق كبده.
أخبار متعلقة