• ما من بلد إلا وتتواجد فيه الجالية اليمنية ،إما في إطار العمل أو الدراسة أو السياحة بشقيها (الترفيهي والصحي)، فاليمنيون بلغوا أصقاع الدنيا وجابوا الدول وسكنوا قلوب أهلها قبل منازلهم لخلقهم الرفيع، وتفانيهم فيما اغتربوا من اجله،تاركين الأحبة في الوطن ينتظرونهم بشوق ولهفة.• ولأننا في العيد نحمل المعاني النبيلة من الود والصفاء وتبادل التهاني والتزاور بين الأهل والجيران والأصدقاء، وقد يظن ظان بأن هذا يحدث فقط بين اليمنيين في ارض الوطن، وهو بذلك يتناسى أنهم لا يتركون عادة طيبة دأبوا عليها إلا وأتوها في حلهم وترحالهم، ومن تلكم العادات الجميلة تبادل التهاني بالعيد السعيد والمناسبات الدينية والوطنية . • إن التقاء الجالية اليمنية في السعودية بفخامة رئيس الجمهورية في حفل الاستقبال الذي نظم أول أيام عيد الفطر المبارك، مثل أنموذجاً للعلاقات الحميمة التي تربط ما بين اليمنيين في بلد الاغتراب، وهي بلا ريب تخفف عنهم وطأة وقسوة فراق الأهل والابتعاد عن الوطن في هذه المناسبات العظيمة . فتجدهم يبادرون بعضهم بجمل التهنئة الرقيقة، ويزفون إليهم نبأ رؤية هلال العيد في الوطن، فهم يحملون الوطن بين أفئدتهم، وتراه متألقا في حدقات عيونهم ،حتى السفارات اليمنية في الخارج تفتح أبوابها لاستقبال المهنئين ،فالسفارة تمثل جزءاً من أرض الجمهورية اليمنية في أي بلد.. وهنا في الجزائر تلقيت دعوة من الإنسان الخلوق سعادة السفير جمال عوض الذي دأب على تنظيم حفل استقبال للطلاب بحكم أنهم يمثلون أغلبية المتواجدين في هذا البلد الشقيق ،وهي فرصة كبيرة للتلاقي في هذا اليوم الفضيل، وتربط المغترب بأهل وطنه في المهجر، وهي من الحسنات التي تحسب لبعض السفارات. • إن ثناء الأخ الرئيس على المغتربين في الخارج لم يأت من فراغ ،بل أكدته عشرات السنين التي قضاها الملايين منهم في جميع الدول، سواء في الاستقرار الوقتي أو الدائم أو من خلال التنقل، فقلما تجد شعباً لا يثني عليهم ،ولا يمتدح أخلاقهم، ولا يصفهم بأروع الصفات، التي جعلتهم مضرب المثل بين أقرانهم في الجاليات الأخرى،وقد لمست ذلك طيلة فترة دراستي بتونس والعراق والجزائر وتجولي في نصف الوطن العربي تقريباً. فالمغتربون هم سفراء بلدهم الحقيقيون في المهجر،فسكان تلك البلدان لا يخالطون الدبلوماسيين إلا في أضيق الحدود ،بينما يتعايشون يوميا مع المغتربين من: عمال وطلاب وسياح ومرضى ،ويسقطون سلوكهم على بقية سكان الوطن. ولهذا فينبغي على كل مغترب أن يحافظ على السمعة الطيبة التي غرسها أسلافه، حتى يصبح خير خلف لخير سلف، وان يجتهد ليكون سفيرا حسنا لوطنه، لأنه لا يمثل شخصه أو أسرته بل يمثل وطنا بأكمله. • نتمنى أن يكون اهتمام المسئولين في الداخل بمواطني المهجر ،بقدر اهتمام هؤلاء بوطنهم رغم بعدهم عنه ،فهم يعايشون يوميا همومه وأفراحه وأتراحه- ولا يتنكرون له كما يفعل بعض المنتفعين فيه - فيسعدون عندما تكون أموره طيبة ،ويتحسرون عندما تؤول إلى عكس ذلك،ولكن حسرتهم الكبرى أنهم يجدون أنفسهم في آخر اهتمامات بعض السلطات المختصة في ارض الوطن، أو من قبل بعض سفارات بلادنا في الخارج، حتى يتمنى المبدعون منهم - وما أكثرهم - لو أنهم من جنسيات أخرى تعامل مغتربيها بطريقة أفضل، ورغم ذلك كله يظل المغترب العادي وفياً لوطنه ،وهو يكدح عاملا ،ويسهر طالبا ،ويتألم مريضا ،أكثر بكثير من الذين تنفق عليهم الدولة آلاف الدولارات في ممثلياتنا بالخارج، ولا يتفننون إلا في تعذيب المغترب المسكين، بل ويكون الواحد منهم في بعض الأوقات سفيرا مفوضا وفوق العادة ،خصوصاً أولئك الذين يحصدون التميز والإبداع مع قلة الدعم والاهتمام!،بل ولا يعرفهم بعض المختصين في الداخل والخارج . • كل عام والوطن بألف خير ،وكل عام والمواطنون داخليا وفي المهجر ينعمون بالصحة والعافية، ويلقون اهتماما يوازي اهتمامهم بقضايا الوطن ،فالمغتربون لا يغمض لهم جفن، ولا يهدأ لهم بال ،إلا وهم يسألون عن الوطن ويدعون له بالأمن والأمان ولوحدته بالديمومة والاستقرار، ولهذه الأزمة السياسية اللعينة بالزوال. • جميع المغتربين يحلمون بالتغيير نحو الأفضل ،وبيمنٍ أكثر تطورا ،ويناشدون المخلصين بالحفاظ على المكتسبات الكبيرة التي تحققت في ظل الجمهورية والوحدة ،والاستقرار السياسي الذي شهده الوطن منذ تولي فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح مقاليد الحكم، ورغم أن ما وصلنا إليه لا يمثل غاية ولا هو كل ما نحلم به، في ظل الفساد والإفساد الذي عرقل التنمية، إلا انه يعد أساسا للبناء عليه لإكمال مسيرة إعمار الوطن وتطويره.. ومرة أولى وثانية وثالثة اسعد الله أعيادكم في الوطن والمهجر، وكل عام وانتم بخير، والقادم بحول الله وقدرته سيكون خيراً. [c1] باحث دكتوراه بالجزائر mailto:[email protected] [/c]
أخبار متعلقة