أبواب المغفرة فتحت ذراعيها لتستقبل المستغفرين والتائبين من كل ذنب ، وأعلن الثُلث الثاني من شهر رمضان الكريم عن فتح باب التسجيل للراغبين في الحصول على مغفرة الباري عز وجل ، وشروط التسجيل ليست صعبة ولا مستحيلة، ولا تتطلب أي مقابل مادي، سوى المصابرة والندم على الخطايا والاعتراف بالذنوب والتوبة عن الرجوع إليها ،في ضوء القاعدة الفقهية (الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له) ، فهل نشمر عن سواعدنا لنلتحق بركب التائبين المعترفين بذنوبهم والمقلعين عنها ، وهل نغتنم شهرنا الفضيل لنسمو فوق أنفسنا الأمارة بالسوء التي تزين لنا الباطل حقا فنقبل عليه ، والحق باطلا فننصرف عنه .إن ما حدث خلال الأشهر الستة الماضية في وطننا الحبيب من قتل وترعيب وترهيب وقطع للطرقات، واعتداء على المنشآت، وتدمير كل ما كان جميلا حتى وان لم يكن كما نحلم به إلا انه كان حلما جميلا مقابل الكابوس الذي نعيشه هذه الأيام، يستوجب منا التوبة النصوح والرجوع إلى الله بقلب معترف بخطئه، لان ما جنته أيدينا خلال كل تلك الأيام ليس بالأمر الهين ، فالأنفس التي أُزهقت والأسر التي روعت وحرمة ولي الأمر التي انتهكت ، وتعطيل المصالح العامة والخاصة التي تضرر منها الوطن والمواطنون ، كل تلك ذنوب كبيرة اقترفها البعض في حق الكل ، وعذبت بها قلة السواد الأعظم من الشعب ، لا لشيء إلا لمنازعة ولي الأمر على حكم اكتسبه بشرعية وينبغي ألا يزول إلا بشرعية ، وشرعية هذه الأيام هي صناديق الاقتراع، التي يجب أن تكون الحكم والفيصل فيما اختلفنا فيه، هذا إذا كان اختلافنا في تولية الصالحين ممن يختارهم الشعب ، وإلا أصبح الوضع فوضى وهو ما عشناه ومازلنا نعيشه هذه الأيام ، ولذا ينبغي علينا الإعلان فورا عن التوبة والمغفرة .ولنبدأ بعُشر المغفرة في عشرها بالثلث الثاني من رمضان الكريم الذي فيه بكل ليلة من لياليه عتقاء من نار جهنم - جعلكم الله منهم- ، ولنبدأ بالاستغفار عما ألحقناه بالوطن والمواطنين طيلة كل تلك الفترة ، فما لحق باليمن واليمنيين ليس هينا ، بل اثر على السلم والأمن الاجتماعي، وزاد من تدهور الوضع الاقتصادي، وأرجعنا إلى القرون الوسطى بلا ماء ولا كهرباء ولا مشتقات نفطية، وكل تلك الحوادث منفردة مصيبة كبيرة، فما بالنا وقد اجتمعت على رؤوس المساكين والمحتاجين والضعفاء والمرضى ، الأكيد أنها أم المصائب، ومصائب كهذه تتطلب استغفارا على قدر فداحتها .على الجميع ان يجعل من رمضان مناسبة عظيمة لينزع من قلبه ما علق بها من اضغان وأحقاد وفتن ، وما ترسب حولها من حب امتلاك للسلطة أو الحفاظ عليها أو السعي وراءها مهما كان الثمن الذي سيدفعه الوطن ، وليس أفضل من عشر أيام المغفرة ولياليها قدرا ومنزلة لنغسل عن صفحاتنا ذنوبنا ونتخلص من عوالق الأشهر الماضية ، لنخرج بعدها لا أقول كيوم ولدتنا أمهاتنا - وهذا ما نرجوه - ولكن على الأقل كاليوم الذي سبق هذه الفتنة السياسية المقيتة التي اذهبت لون الفرح حتى من على وجوه الصغار البريئة .ومادام الذي بيننا لم يبلغ ديننا ، فبالإمكان أن نعود إلى جادة الصواب طالما أننا مازلنا في منتصف طريق الخطأ، والله يفرح بتوبة عبده كفرح العبد بالحصول على ضالته، فلنغتنم الفرصة ولنفوت على أعدائنا والمتربصين بوطننا أمانيهم، ولنعد إلى كلمة سواء على طاولة الحوار الذي سيفضي بلا ريب إلى الخروج من أزمتنا هذه عبر انتخابات مبكرة تكون مخرجا مشرفا لما نحن فيه ولجميع الأطراف ، فالرئيس يسلم السلطة لرئيس جديد منتخب من الشعب ، والطامحون إلى السلطة يقفون أمام صناديق الاقتراع للحصول عليها ،وكفى الله المؤمنين شر القتال ، وما يحز بالنفس أن هذا ما نادى به الأخ الرئيس مرارا قبل وأثناء اشتعال الأزمة، ولكن للأسف الشديد نجح المتربصون في إطالة أتون الخلاف .نبارك للشعب اليمني ولمحبي الأخ الرئيس على وجه الخصوص التعافي الكبير الذي ظهر عليه الأخ الرئيس - حفظه الله وهداه لما يحبه ويرضاه - وهو يستقبل بعض المسئولين في قصر الضيافة بالرياض ، لقد مثلت الصورة التي شاهدناها ما من به الله تعالى من شفاء على فخامة الأخ الرئيس ورئيسي مجلسي النواب والوزراء ، ومقارنة بالظهورين السابقين فإن التحسن ولله الحمد بدا على هيئة وملامح الأخ الرئيس ، كما اطمأن الشعب أيضا على صحة الأخوين رئيسي مجلسي الوزراء والنواب ، وهو ما ينفي الشائعات المغرضة التي نسجها البعض حول صحتهما ، ونسأل العلي القدير أن يمن بالشفاء على بقية المصابين ، وان يرجع الجميع للوطن سالمين .[c1](الربيع الغربي)[/c]هل يمكننا أن نسمي ما يحدث في العاصمة البريطانية بـ(الربيع الغربي) مسايرة مع ما سماه البعض بـ(الربيع العربي) إن ما حدث في لندن ليظهر بجلاء القسوة التي تتعامل بها الشرطة مع المحتجين ، وتناست حينها انجلترا كيف أنها دافعت عن ( الشباب العربي) طبعا بحسب مصلحتها ، مما أسمتهم بوحوش السلطات العربية ، واذا بشرطتها تكشر عن أنيابها وتدوس الكل في طريقها أمام عدسات الفضائيات، بل وسماهم رئيسهم (كاميرون) باللصوص، فالثائر الغربي أصبح لصا عند حكومته، فهل ينظر الشباب العربي كيف يتناقض هؤلاء في تصرفاتهم، وكيف أنهم استخدموهم طعما للوصول إلى مآربهم في وطننا العربي ، أما وقد حدثت هذه الفوضى لديهم ، فهذا ما لا يمكن السكوت عنه من وجهة نظر الحكومات الغربية التي تنشد الخلاص للشعوب العربية - زيفا وبهتاناً - في حين هي من تمارس أفظع ألوان الإذلال للمقيمين على أراضيها بل لمواطنيها إذا ما عبروا عن وجهة نظرهم ، فأي معيار يتعاملون به مع الشعوب ؟وأي حرية (فوضى) يريدون تطبيقها لدينا ويمنعون شعوبهم عن ممارستها؟ ارجو أن تكون الرسالة قد وصلت ومن لندن هذه المرة.[c1]باحث دكتوراه بالجزائر
أخبار متعلقة