استدرجت إلى بيوت القماش .. وقصور الورق .. و إلى أناس يبتسمون للمصلحة.. ويقتلون للطمع .. ويتزاوجون للتآمر .. عالم جذاب كذاب .. يضوع بالعطور ويبرق بالكلمات..عالم لزج ... معسول تغوص فيه الأرجل كما يغوص النمل في العسل حتى يختنق بحلاوته ويموت بلزوجته ... والأصوات في هذا العالم كلها هامسة.. تتسلل إلى ما تحت الجلد .. وتخترق الضمائر وتأكل الإيمان من الجذور... تذكرتك يارب .. وأنا أمشي في هذا العالم .. فشعرت بالغربة .. والانفصال .. وأحسست بنفسي كالوحيد.. وسمعت في قلبي صراخا يناديك... كانت كل خلية في بدني تتوب وترجع وسمعتك تقول في حنان... لبيك عبدي... ورأيت يدك التي ليس كمثلها شيء تلتقطني .. وتخرجني من نفسي إلى نفسك ... واختفى ديكور القماش والورق وذاب مسرح الخدع الضوئية .. وعاد اللاشيء إلى اللاشيء .. وعدت أنا إليك ... لا إله إلا أنت سبحانك .. ولا موجود سواك .. القرب منك يضيف .. والبعد عنك يسلب .. لأنك وحدك الإيجاب المطلق .. وكل ماسواك سلب مطلق .. علمت ذلك يالمكابدة .. وأدركته بالمعاناة .. وعرفته بالدم والعرق .. والدموع ومشوار الخطايا .. والذنوب وأنا أقع في الحفر .. وأتعثر .. في الفخاخ .. وكلما وقعت في حفرة شعرت بيدك تخرجني بلطف .. وكلما أطبق علي فخ .. رأيتك تفتح لي سبيلا للنجاة .. وكلما وضعوني في الأغلال وأحكموا الوثاق شعرت بك في الوحدة والظلمة تفك عني أغلالي وتربت على كتفي بحنان وإلهامك يهمس بخاطري ... أما كفاك ما عانيت يا عبدي ... أما اتعظت .. أما اعتبرت .. أما جاء اليوم الذي تثبت فيه قدمك وتستقر خطاك على الطريق ... فأقول باكيا .. سبحانك يارب .. وهل هناك تثبيت إلا بك .. وهل هناك تمكين إلا بإذنك أنت وحدك الذي أصلحت الصالحين وثبتت الثابتين ومكنت أهل التمكين .. تعطي لحكمة وتمنع لحكمة ولا تسأل عما تفعل... شفيعي إليك صدقي .. وعذري إليك حبي للحق .. وذريعتي إلى عفوك رغبتي في الخير .. فمن خطيئاتي نبتت الحكمة كما تنمو أزهار الياسمين من الأرض السبخة ... ربنا ما أتيت الذنوب جرأة مني عليك .. ولا تطاولا على أمرك .. وإنما ضعفا وقصورا حينما غلبني ترابي وغلبتني طينتي وغشيتني ظلمتي إنما أتيت ما سبق في علمك .. وما سطرته في كتابك .. وماقضي به عدلك ... رب لا أشكو ولكن أرجو ... أرجو رحمتك التى وسعت كل شيء أن تسعني ... أنت الذي وسع كرسيك السموات والأرض ... لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
|
رمضانيات
رب لا أشكو ولكن أرجو
أخبار متعلقة