من غير المقبول والمعقول استمرار الأطراف في الساحة اليمنية، بكل مكوناتها سواء الحكومة أو المجتمع المدني أو الأحزاب السياسية في صمتها وعدم توجهها لحلحلة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تلقي بظلالها الكئيبة على حياة المواطنين ليس فقط حاضراً بل وكذلك مستقبلاً ،حيث تتجه البلد إلى هاوية الانهيار الكلي منذ بداية الأزمة السياسية قبل ما يقرب ستة أشهر ، وهو انهيار يصعب بعده التعافي خاصة إذا ما عرفنا أن الاقتصاد اليمني غير معافى أصلاً منذ فترة طويلة.المواطن اليمني باتت حياته ترسم لوحة حزينة ومخيفة وهو في حالة كر وفر لتوفير أدنى متطلباته الضرورية من المواد الغذائية فقط للعيش في حياة الكفاف وليس الرفاهية..هذه المواد الأساسية التي تشهد أسعارها ارتفاعا جنونياً وغير معقول يوماً بعد يوم بل ساعة إثر ساعة فكلما رضي المواطن بسعر سلعة ما وجد ذلك السعر يتضاعف ويزداد نمواً دون سبب يذكر سوى غياب المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها ويقابله في الوقت نفسه حالة تدهور مطردة في حياة أفراد المجتمع وخاصة الشريحة الفقيرة منه ناتجة عن هذا الارتفاع الجنوني للأسعار، الذي مس قوته اليومي في رغيف الخبز الذي أصبح سلعة نادرة الوجود وذلك بسبب توقف عشرات المخابز والأفران عن العمل في صنعاء وعدد من مدن اليمن، والسبب أزمة المحروقات وارتفاع أسعار القمح ، الوضع الذي يشكو منه أصحاب المخابز ويعاني بسببه المواطنون في الحصول على الخبز، والخوف في الأيام القادمة أن ترتفع الأسعار أكثر فأكثر جراء اختفاء الرقابة على التجار الذين سوف يستغلون قدوم شهر رمضان لاستغلال المواطن .الاختناقات الشديدة في متطلبات الحياة بدءاً من الديزل والبترول مروراً بالغاز المنزلي الذي أصبحت أسعاره في ارتفاع مستمر نتيجة استخدامه في كل شيءِ تقريباً وانتهاء بالمواد الغذائية الأساسية ونختمها برأس المشاكل وهي الانقطاعات المتكررة والطويلة للكهرباء .. كلها تضع اليمن ومواطنيها في مأزق حياتي ومعيشي يسير بالبلاد إلى هاوية الانهيار الاقتصادي والمعيشي المخيف والذي من شأنه وضع اليمن في درب التفتت الكلي، وفي جميع مناحي الحياة .لقد أثبتت الأزمة السياسية الراهنة التي صنعتها الأحزاب السياسية العبثية..مدى عبثية مواقف تلك الأحزاب تجاه أبناء الشعب، وعززت القناعات السابقة لدى المواطن اليمني بأن تلك الأحزاب السياسية التي يفترض أن تكون عبارة عن أهرام وقمم سياسية مستنيرة وقائمة على قواعد شعبية ما هي إلاّ أهرام ثلجية تجمدت بفعل الغياب الكلي عن مصالح المواطنين في حين أنها لم تكتف بذلك بل ذهبت أيضاً إلى تأزيم ما هو متأزم وإشعال كل ما هو قابل للاشتعال ،وهي الحالة التي نراها اليوم بكل تجلياتها ومآسيها ،التي بعثرت كل آمال اليمنيين في مستقبل أفضل فما بالنا بالحاضر المرير الذي يلمسه ويعيشه كل اليمنيين بكل شرائحهم الاجتماعية، حيث لم تقتصر الأزمة على المواطن الفقير بل امتدت لتطال الأغنياء أيضاً والاقتصاد برمته .لقد أصبح المجتمع اليمني بكل مكوناته الثقافية والسياسية والاقتصادية يبحث عن أجوبة للأسئلة الآتية :ما الذي حدث؟.. ما سبب ما يجري في اليمن ؟.. ما سبب اختفاء المشتقات النفطية ؟ .. وما سبب ارتفاع الأسعار والانطفاءات المتكررة للكهرباء ومن وراءها .. وما هي الأسباب التي تحول دون ضبط الجناة والمتلاعبين بأقوات الناس وحياتهم؟! أسئلة عديدة لا تبارح العقول وتظل في كل لحظة من لحظات البحث عن الأمن والأمان تبحث عن إجابة،فهذا يتهم هذا وذاك يتهم ذاك والمواطن الضحية بين هذا وذاك وعلى ذلك تستمر الأوضاع السيئة في تصاعد مخيف دون أن تلوح الحلول في الأفق ، ويظل اليمن ينتظر مساندة ووقوف أبنائه المخلصين الأوفياء لإخراجه من هذا النفق المظلم الذي لم يعرف حتى الآن أمده، ولكن ثقتنا بحكمة أبناء اليمن -أهل الحكمة والإيمان - ومساندة أشقائنا في الجوار كبيرة في إزاحة هذه الغمة عن يمننا الحبيب ، وعلى المعنيين في الداخل سرعة ضبط السوق والمتلاعبين في المواد الغذائية الضرورية والأساسية خصوصاً أننا مقبلون على شهر رمضان الكريم، وبدل أن نتفرغ للعبادة والطاعة للخالق الكريم سنبقى نجري وراء تدبير (وايت الماء) الذي ارتفع سعره حتى ثمانية آلاف في بعض أحياء العاصمة بسبب زيادة أسعار المشتقات النفطية خاصة من البترول والديزل والمازوت حيث وصل سعر نصف الدبة من الديزل في بعض المحافظات إلى سبعة آلاف ريال ،مع صعوبة الحصول عليها إلاّ في السوق السوداء فهل نعي مخاطر ذلك على الوطن والمواطن ؟! ..اتقوا الله يا هؤلاء فلن يرحمكم الشعب.
أخبار متعلقة