ثمة مناسبة أو ذكرى عزيزة تطل علينا اليوم ولها وقع خاص في وجدان السواد الأعظم من أبناء شعبنا اليمني الأوفياء الصامدين في وسط الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة التي دخلتها البلاد منذ أشهر .. هذه المناسبة هي مرور( 33) عاماً على 17 يوليو 1978م اليوم الذي تولي فيه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مقاليد الحكم في اليمن منتخباً بصورة ديمقراطية نادرة حسب شهادات واقعية لمن كانوا حاضرين في ذلك المشهد الذي يعتبر الأول من نوعه في تاريخ اليمن المعاصر حيث كان أعضاء مجلس الشعب التأسيسي آنذاك قد اختاروا بالإجماع علي عبدالله صالح رئيساً للبلاد في ظرف عصيب وشديد الدقة والحساسية كان تمر به اليمن الشمالي حينها بعد مصرع الرئيس إبراهيم الحمدي وأحمد حسين الغشمي في غضون أشهر قلائل وتلاهما الرئيس سالم ربيع علي ( سالمين) في مشهد تراجيدي دام سريع ومريع عاشه اليمن بشطريه .. يقيناً أنه لم يكن هناك وفي تلك الحقبة أي عقد السبعينات في القرن العشرين الفارط من يطمح في كرسي الرئاسة الملغوم ويرى من عايشوا تلك الفترة الخطيرة أن كثير من القيادات قد اعتذرت عن عدم تولي الحكم نظراً لاضطرابات التي وصلت إليها اليمن وأجوائها الملبدة ومازالت دماء الرؤساء الثلاثة خضراء ..لكن الرئيس صالح الذي غامر وحمل كفنه بيده قبل التحدي واستطاع بما حباه الله من شجاعة ودهاء وحكمة أن ينقذ اليمن ويخرجها من الانهيار الشامل الذي كانت على مشارفه ويمضي في عملية إعادة البناء وتحسين الاقتصاد واستتباب الأمن وفتح صفحة للتسامح ويشهر المؤتمر الشعبي العام ليحتوي القوى السياسية من مختلف المشارب والاتجاهات ويحدث انفراجاً سياسياً ويذيب حالة الاحتقان الشعبي وينطلق إلى فضاءات وطنية بعيدة بمشروع الوحدة التي تحققت في 22 مايو 90م ولم شمل اليمنيين وإنهاء عهود الصراعات والتمزق والتشطير وبالوحدة التي يعود الفضل له وقيادات اليمن الجنوبي آنذاك وعلى رأسهم أمين عام الحزب الاشتراكي الحاكم علي سالم البيض في تحقيقها دخل اليمن الموحد في تجربة الديمقراطية والتعددية السلمية .يقيناً أن الرئيس علي عبدالله صالح وطوال الـ 33 عاماً من قيادته لليمن كان صانع كثير من المعجزات أخفق سابقوه في تحقيقها منها المشاريع النهضوية الهائلة التي شملت مختلف مناحي الحياة في مجالات الخدمات العامة و يجني ثمارها اليمنيون في كل محافظة ومديرية ومدينة وقرية وعزلة في الريف والمدينة منها مشاريع الطرقات والمدارس والكهرباء والمياه والصحة والاتصالات وغيرها .. على الأرجح هذه التحولات الحقيقية التي تتحدث عن نفسها صارت تمثل الواقع الحي ولا تقبل الشك ولا ينكرها إلا جاحد ومكابر كونها رصيداً يحسب للرئيس صالح.إلى هنا وكم نشعر بالأسف والألم ونحن نكتب عن ذكرى 17 يوليو اليوم الذي تولى فيها الرئيس صالح كرسي الرئاسة قبل ( 33) في هذه البلاد أرضاً وإنساناً التي غمرها بكل معاني الحب والإخلاص وقدم عصارة جهده وأغلى سنوات العمر في سبيل الارتقاء بحياة اليمنيين .. لأن الذكرى تأتي والرئيس يداوي جراحاته أو بالأصح يتماثل للشفاء من الإصابات التي تعرض في الحادث الإجرامي الغاشم الذي استهدف حياته مع عدد من قيادات الدولة في جمعة أول رجب الثالث من يونيو الماضي بمسجد النهدين بدار الرئاسة.عموماً أن ذلك الحادث الإجرامي الذي استهدف رأس الدولة الأول ورموز الوطن قد قوبل بإدانة واستنكار شديد من أفراد الشعب اليمني بمن فيهم معارضوه وخصومه الذين ظلوا لأسابيع في حالة من القلق والحزن العميق على صحة رئيسهم ومعه عدد من المسؤولين حتى أطل عليهم من مشفاه بالركن الملكي في عاصمة المملكة العربية السعودية الشقيقة وهو يخاطبهم مساء السابع من يوليو تلا ذلك استقباله نائب الرئيس الأمريكي لشؤون مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي بعد يومين وظهر التحسن الملحوظ في حالته الصحية وبشكل لافت يبعث على الاطمئنان وهو ما أسعد الجميع من محبيه الصادقين الذين صاروا ينتظرون عودته بفارق الصبر.إن أهم ما يمكن قوله في هذه التناولة الصحفية أن الوطن يعيش أخطر أزمة خانقة وطاحنة بلغت ذروتها وتحاصر المواطن المعاناة والمعيشية والأسوأ من ذلك تفجير الحروب الدامية من العاصمة صنعاء إلى أبين التي اجتاحتها عناصر والقاعدة وشردت سكان عاصمتها زنجبار وجعار ودمرت كل الخدمات والبنى التحتية وبالمثل حال تعز ومأرب والجوف ولحج والضالع وشبوة وعدن وغيرها التي تسفك فيها دماء اليمنيين وتزهق أرواحهم بصورة يومية بسبب الصراع السياسي على كرسي الحكم .وفي الوقت الذي تنزف فيه دماء اليمنيين فإن ما ينذر بالخطر الأكبر أنه أمام هذا التدهور المريب للأوضاع في البلاد ما زالت القوى السياسية والعقلاء داخل الساحة وحتى خارجها تتفرج أو في حقيقة الأمر تصعد الأوضاع وتشعل نار الفتنة وتزيد تفاقم المشهد القائم وتتمترس في مواقفها المتطرفة ولم تستجب لصوت العقل وتتهرب من مبادرات الحوار .. وعليه فإن الوقت مازال مواتياً لإخراج الوطن من هذا المأزق .. ومسك الختام نسأل الله عز وجل أن يشمل فخامة الرئيس بالصحة ويعيده إلى وطنه وشعبه سالماً معافاً وأن يجنب وطننا ويلات الحرب والدمار.
أخبار متعلقة