حزب المؤتمر هو بالطبع حزب الرئيس والحزب الحاكم وبالتالي هو من يتحمل النتائج السلبية التي تعتري النظام، كما أنه صاحب الإيجابيات التي لا ينكرها إلا جاحد.هذا الحزب على قدر ما يعتري حكمه من سلبيات يحقق الانتصارات الدائمة والساحقة على معارضيه بالرغم من اجتماعهم ضده في تكتل (المشترك)، وهذه ظاهرة مدهشة ومثلما تنال منا الإعجاب يتوجب علينا دراستها، ومعرفة الأسباب التي توفر له النجاح والاستحواذ على رضاء الأغلبية، وهنا لابد من المقارنة بين ثقافة هذا الحزب وأفعاله، وبين ثقافة معارضيه وأفعالهم.ولكي لا أكون منحازاً سألتزم الحياد قدر الإمكان في تقليب صفحات ثقافة المؤتمر وثقافة (المشترك) على الأقل على قدر ما أعرفه أنا وأترك الحكم هنا للقارئ الكريم.إنني منذ بدأت استيعاب ما يجري وطوال المدة التي حكم فيها المؤتمر منذ تحقيق الوحدة اليمنية وقيام التعددية السياسية قد قرأت الكثير وعرفت الكثير، وحتى الثقافة البسيطة التي أمتلكها لم أستقها من منبع واحد بل استقيتها من كل ما يقع في يدي من صحف ومجلات وكتب غير مبال بمن تمثل هذه الصحيفة أو تلك وهذا هو ما جعلني أجعل من نفسي قارئاً للفرق بين ثقافة المؤتمر وبين ثقافة المشترك والبحث عن أسباب انتصار المؤتمر.إن الفوز الذي يحققه النظام وينال به رضا الشعب برغم سلبياته لم يأت من فراغ فرضا الناس غاية لا تدرك، وأول تلك الأسباب هو أن الشعب اليمني يرى أن أحزاب المعارضة ليست هي البديل الأفضل لهذا النظام، وقد تكون الآراء مختلفة ومتعددة حيال ذلك، لكن الإنسان اليمني بطبعه وبثقافته يميل إلى السماحة والعفو حيث أن اليمنيين كما وصفهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رقيقة قلوبهم لينة أفئدتهم، لهذا هم بطبعهم ميالون للتسامح، وهو السبب الرئيس الذي ينال به الرئيس ونظامه رضاهم، فالرئيس بطبعه المتسامح ينسجم انسجاما تاماً مع التركيبة السيكولوجية للإنسان اليمني.أما ثقافة المشترك وبقدر ما تمتلك من وسائل جبارة أشدها وأقواها الاستحواذ التام على منابر المساجد مع ما يتوفر من حرية تسمح لهم بأن يخاطبوا عقول اليمنيين وهي شاخصة الأبصار خاشعة القلوب ملتزمة الصمت في كل خطبة وكل صلاة، أقول برغم هذا كله إلا أنهم لم يدركوا غاية رضاء الشعب كما أدركها الرئيس وحزبه، والفرق هنا واضح وهو أن الرئيس وحزبه ميالون للعفو والتسامح بما يتماشى مع ما يريده اليمنيون، بينما المشترك ميال إلى ثقافة الحقد والكراهية والانتقام وهو ما يتناقض مع طباع الإنسان اليمني وبالتالي يخسر المشترك نيل هذه الغاية.والدليل على ما أقول أن المشترك يبدأ عملياته سواءً أكانت تنظيمية أو انتخابية أو حتى مظاهراته بقوة تخيف من يتعاطف مع الرئيس وحزبه، لكن هذه القوة تتبخر رويداً رويداً حتى يعتريها الضعف والهشاشة اللذين يعجز معهما عن أن ينازل الرئيس وحزبه أو أن يتفوق عليهما في تحقيق الغاية الشعبية، وليس هذا إلا نتيجة للثقافة التي لا تنسجم مع عقل الإنسان اليمني.ولا بد لنا هنا أن نذكر اليسير من أفعال هذا الرئيس ونظامه واليسير أيضاً من ثقافة المشترك وأفعالهم.وسنجد هنا ما يميز هذا عن هؤلاء، وما ينتصر به هذا وينهزم به هؤلاء.فالرئيس دائماً وبكل المواقف يميل إلى التحلي بالصبر ويواجه التحديات بالعفو والسماحة وكما قال الشاعر:كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً يرمى بصخر فيرمى أطيب الثمرفكلما داهمه تحد نظن معه أنها حانت نهايته، نراه يخرجنا منه كما لو أنه الذي يمتلك مفاتيح قلوب اليمنيين وحده.وهذا ليس إلا ثمرة لأفعال هذا الرجل الصبور السموح الميال للعفو والتسامح، فهو صاحب قرار العفو عن مخربي المناطق الوسطى وصاحب العفو عن الانفصاليين، بل أنه يميل إلى العفو إلى درجة التذمر الشعبي، فهو يعفو عن أناس لا يمكن أن يسامحهم أحد لقاء ما اقترفوه بحق الوطن والشعب، لكن هذا التسامح والعفو وبطريقة ما هو الطريق الذي يصل به إلى قلوب اليمنيين وينال به رضاهم.وحتى في الأزمة الحالية وإذا ما قرأنا توجهاته وتوجهات المشترك وثقافته وثقافتهم سنجد أن البون شاسع بين يمنية الرئيس وبين ثقافة (المشترك) الهدامة.ففي ما يسمى بجمعة الكرامة وما حدث من قتل لبعض المعتصمين أعلن الرئيس الحداد، بينما هلل (المشترك) وكبر في قتل المواطنين بالمدينة الرياضية، وبينما لا يزال الرئيس يمتلك زمام الأمور نراه يدعو للعفو والتسامح مع قدرته على إحداث الضرر بخصومه، إلا أن المشترك وبرغم هشاشتهم وضعفهم يدعون للانتقام منه ومحاكمته.وحتى في العملية القذرة التي استهدفت حياة الرئيس بجامع النهدين ورجالات الدولة، لم يكن هناك رد فعل من جانب ابنه قائد الحرس وهذا من سماحة أبوه، أما بالنسبة لما قام به (المشترك) من احتفالات في ساحات الاعتصام يوم عملية استهداف الرئيس فما هو إلا عنوان لثقافة (المشترك)، أترك الحكم هنا للقارئ.
لهذه الأسباب ينتصر الرئيس وحزبه
أخبار متعلقة