الاستدامة البيئية هدف سابع للتنمية الألفية
صنعاء / بشير الحزمي :تضمن الهدف السابع للتنمية الألفية (ضمان الاستدامة البيئة) أربعة أهداف محددة هي إدماج مبادئ التنمية المستدامة في السياسات والبرامج الحكومية لتقليل فاقد الموارد البيئية، والحد بقدر ملموس من معدل فقدان التنوع البيولوجي بحلول 2015م، وتخفيض نسبة السكان الذين لا يحصلون على مياه شرب مأمونة وصرف صحي محسن الى النصف بحلول 2015م وتحقيق تحسين كبير لمعيشة سكان الأحياء الفقيرة.وفي هذا السياق نستعرض مستوى الإنجاز المحقق في هذا الهدف والسياسات والبرامج المطلوبة وذلك وفق ما ورد في تقرير اليمن 2010م الخاص بأهداف التنمية الألفية.تعاني اليمن من محدودية الأراضي المستقرة الصالحة للزراعة والتي لا تتعدى (2 %) من إجمالي المساحة الطبيعية وهي في الغالب مناطق صحراوية او جبلية، إضافة إلى التدهور المستمر في الأراضي الصالحة للزراعة وتراجعها بمعدل (18 %) سنوياً خلال الفترة (1999 ـ 2006م) بفعل الإنجرافات المائية وزحف الكثبان الرملية والتصحر، وملوحة التربة، فضلاً عن التوسع في شق الطرق والمنشآت الصناعية والسكنية، وضعف الوعي البيئي بأبعاد وآثار تدهور الموارد الطبيعية.وتشير الإحصاءات الى أن نسبة الأرض المغطاة بالغابات حتى عام 2005م بلغت حوالي (1.5%) من المساحة الإجمالية لليمن وتتطلب المحافظة على المساحات الخضراء الإهتمام بعملية التشجير من خلال استراتيجيات وطنية تتضمن حملات يشارك فيها المواطنون من قبل عيد الشجرة وجعله يوماً وطنياً تقام فيه مختلف الفعاليات.أما بالنسبة لانبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون فقد شهدت زيادة محدودة لتصل عام 2004م الى حوالي طن متري للفرد مقارنة بحوالي (0.7) طن متري للفرد عام 1990م ويعد نصيب الفرد اليمني من إنبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون من اقل المعدلات على المستوى العالمي، والتي تصل إلى (12) طناً مترياً في الدول المتقدمة، وحوالي (3) أطنان مترية في الدول النامية.وفيما يتعلق بوحدات الطاقة المستخدمة فقد ارتفعت من (298) كيلوجراماً لكل الف دولار من الناتج المحلي الإجمالي عام 1990م إلى (371) عام 2004م وبالنسبة لاستهلاك المواد المستنفدة لطبقة الأوزون تشير البيانات الى حدوث زيادة محدودة في استهلاك هذه المواد، حيث أرتفع استهلاك المواد المستنفدة لطبقة الأوزون من (1904) أطنان متري عام 2000م إلى حوالي (2542) طناً مترياً عام 2007/ وبمعدل نمو سنوي متوسط بلغ (4.8 %) .وفي جانب المناطق البرية والبحرية المحمية، فعلى الرغم من وجود ما يقارب (36) موقعاً طبيعياً تتمتع بميزات وخصائص بيئية عالية تؤهلها لأن تكون محميات طبيعية، الا أنه لم يتم الإعلان الا عن ستة مواقع كمحميات.طبيعية وهي (عتمة، سقطرى، حوف، برع، الأراضي الرطبة عدن، كمران) بمساحة تصل إلى (4500) كم2 وبنسبة (1%) من إجمالي المساحة الكلية في عام 2005م وتعكف هيئة حماية البيئة حالياً على استكمال الدراسات لإعلان ثلاث محميات طبيعية على المدى القريب تشمل مواقع (بلحاف) كمحمية ساحلية (وشرمة ـ جثمون) كمحمية بحرية في حضرموت و (إرف) كمحمية برية في تعز.[c1]مياه شرب مأمونة وصرف صحي محسن[/c]تعاني اليمن من شحة الموارد المائية العذبة المتجددة بسبب انخفاض معدلات سقوط الأمطار (800 مم سنوياً في المرتفعات الغربية، 250مم في القيعان، 50مم في السهول الساحلية)، في الوقت الذي تشهد فيه. معدلات للاستهلاك السنوي من المياه تنامياً مستمراً جراء الزيادات السكانية السنوية، وتنامي الأنشطة الاقتصادية المختلفة، الأمر الذي يؤدي إلى استنزاف المخزون المائي، فضلاً عن الحفر العشوائي للآبار والأساليب التقليدية في استخدام المياه للأغراض الزراعية ويقدر العجز السنوي للمياه بأكثر من مليار متر مكعب بما يزيد على ثلث الاستهلاك السنوي، ان موارد المياه المتجددة في اليمن تصل الى (205) مليار متر مكعب (1.5مليار متر مكعب من المياه الجوفية ومليار متر مكعب من المياه السطحية)، فيما يصل الاستهلاك السنوي إلى 3.4 مليار متر مكعب، أي أن العجز المائي السنوي الحالي يصل إلى مليار متر مكعب.أن الجهود المبذولة لتوفير مياه الشرب قد أسفرت عن انخفاض نسبة السكان الذين لا يحصلون على مياه مأمونة للشرب من (65.1 %) من السكان عام 1991م إلى (52 %) عام 2008م، ومع ذلك فإن نسبة السكان في المناطق الريفية الذين لا يمكنهم الحصول على مياه مأمونة تصل الى ( 53 %) مقارنة بحوالي (43 %) لسكان الحضر في نفس العام.وفي مجال الصرف الصحي، فإن نسبة السكان غير المستخدمين لخدمات الصرف الصحي المحسن ما تزال كبيرة إذ تصل إلى (77 %) من السكان عام 2008م، وعلى الرغم من حدوث تحسين بطيء، خلال الفترة (1994 ـ 2008م) الا أن هناك تبايناً حاداً بين الحضر والريف حيث تصل نسبة التغطية بخدمات الصرف الصحي المحسن في الحضر إلى (32 %) من السكان، فيما تصل في الريف إلى 22 % فقط عام 2008م الأمر الذي يتطلب جهداً مضاعفاً من الدولة لتوسيع نطاق خدمات الصرف الصحي المحسن حفاظاً على البيئة وخاصة في الريف.وفي جانب التنمية الحضرية، فقد أسهم النمو السكاني الكبير في اليمن خلال العقود الأربعة الماضية، وغياب التنمية في المناطق الريفية في زيادة معدلات الهجرة الداخلية للسكان نحو المناطق الحضرية وخاصة في المدن الرئيسية، ونتج عن ذلك زيادة البناء العشوائي على أطراف المدن الرئيسية وزيادة الضغط على الخدمات الأساسية وصعوبة الحصول عليها وبالأخص الخدمات التعليمية والصحية، حيث ان حوالي (8 %) من السكان، عام 2005م لا يمكنهم الحصول على سكن آمن، وللحد من ذلك اشتملت الخطة الخمسية الثالثة (2006 ـ 2020م) على حزمة من السياسات والإجراءات الهادفة إلى تقليل المناطق العشوائية.[c1]تحديات رئيسية[/c]وبحسب التقرير فإن هناك عدداً من التحديات التي تضعف قدرات الحكومة على تحقيق الهدف السابع بحلول عام 2015م وأهم تلك التحديات هي:[c1]أولاً: تحديات الاستدامة البيئة:[/c]-ضعف الوعي البيئي بأبعاد وآثار تدهور الموارد الطبيعية ومخاطر التغيرات المناخية.-ضعف مستوى تطبيق القوانين المتعلقة بحماية البيئة وقصور آليات التقييم الكامل للآثار البيئة.-قصور أنظمة التخطيط الحضري وخاصة سياسات التخطيط العمراني واستخدامات الأراضي في المدن والريف.-تدني الوعي المجتمعي بأهمية المحميات الطبيعية ما أدى إلى الدور السلبي للإنسان في هذه المحميات من خلال التحطيب والصيد الجائرين.-محدودية الدعم المالي للمحميات المعلنة الأمر الذي أدى إلى ضعف الأعمال الإدارية والرقابية لها فضلاً عن قلة الكوادر الوطنية في مجال إدارة المحميات الطبيعية وفقاً للمعايير الدولية.نقص المعلومات بشأن أوضاع الأجناس المهددة بالأنقراض.[c1]ثانياً: تحديات توفير المياه المأمونة والصرف الصحي المحسن والسكن الآمن:[/c]-النمو السكاني المرتفع يسهم في زيادة الضغط على استخدامات الموارد المائية ويزيد الطلب على خدمات المياه والصرف الصحي، والتشتت السكاني الواسع يرفع تكاليف تقديم الخدمات خاصة في ظل الإمكانات المحلية المحدودة.-شحة مصادر المياه، وحالات الجفاف التي تعاني منها معظم مناطق الجمهورية اليمنية، إلى جانب ضعف إدارة المياه.الحفر العشوائي للآبار الارتوازية العامة والخاصة وبشكل لا يتناسب مع مستوى التغذية للمياه الجوفية، الأمر الذي يهدد بالنضوب التدريجي للمياه الجوفية.-صعوبة تمويل مشاريع المياه عالية التكلفة.كبر حجم المساحة المحصولية المعتمدة على الآبار الجوفية في عملية الري (31 %) من إجمالي المساحة المحصولية عام 2008م، إضافة الى ظاهرة هدر المياه الناتجة عن الري الزراعي بطريقة الغمر والتي تصل نسبة الفاقد فيها الى حوالي (70 %) إضافة إلى زراعة القات التي تستهلك جزءاً مهماً من المياه.-ضعف التوعية بأهمية الحفاظ على المياه وترشيد استخدامها.المخالفات السكنية لا سيما في المدن وضعف الرقابة الفعالية من قبل الجهات المختصة نتيجة لعدم إنزال المخططات العمرانية وضيقها أحياناً، وعدم قدرتها على استيعاب الأعداد المستقبلية للسكان.-زيادة اتجاهات الهجرة الداخلية من الريف إلى الحضر بمعدل سنوي يصل إلى (3.9 %).[c1]تحديات مستجدة [/c]والى جانب التحديات الرئيسية هناك جملة من التحديات المستجدة التي لم تكن قد وضعت في الحسبان وأبرزها: [c1]1 - الأزمة المالية العالمية: [/c]توجد تأثيرات سلبية غير مباشرة للازمة المالية العالمية على تحقيق هدف الحفاظ على الموارد البيئية وضمان استدامتها نتيجة تراجع الموارد المالية العامة المعتمدة على إيرادات قطاع النفط التي تمثل أكثر من 70% من الموارد العامة بسبب انخفاض مستوى أسعار النفط في السوق الدولية منذ الربع الأخير من عام 2008م وبالتالي الحد من قدرة الدولة على الاستثمار في إقامة البنى التحتية المختلفة ومنها توفير مصادر مياه محسنة للسكان وصرف صحي ملائم إضافة إلى تراجع قدرة الحكومة على الاستثمار في مجال تنمية الموارد البيئية والحفاظ على المحميات الطبيعية.[c1]2 - التغيرات المناخية:[/c]تؤدي التغيرات المناخية العالمية إلى أثار سلبية على مستوى تحقيق أهداف التنمية الألفية، وبالذات استدامة الموارد البيئية ويمكن إبراز أهم جوانب تأثير التغيرات المناخية العالمية في التالي:* تسهم ظاهرة الانحباس الحراري وارتفاع معدل حرارة الأرض في حدوث تقلبات في مستوى معدل هطول الأمطار فضلاً عن سقوطها في غير مواسم الزراعة وفي هذا الصدد أشار البلاغ الوطني الأول للتغيرات المناخية في اليمن 2001م والمسلم لسكرتارية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية إلى توقع حدوث انخفاض في معدل هطول الأمطار بحوالي 24 % كأدنى حد الأمر الذي يفاقم من مشاكل التصحر وانعدام الأمن الغذائي في اليمن خلال العقود المقبلة. * مخاطر الارتفاع في مستوى سطح البحر ، وما يمكن أن يسببه من إغراق مساحة من الشواطئ اليمنية التي تقطنها نسبة كبيرة من السكان، إضافة إلى الخسائر الاقتصادية في الممتلكات العامة والخاصة. * ازدياد درجات الحرارة وما يمكن أن تسببه من تأثيرات صحية خطيرة وانتشار الأوبئة المصاحبة لتلك التغيرات. [c1]سياسات وبرامج مطلوبة[/c]وتضمن التقرير جملة من السياسات والبرامج المطلوب تنفيذها لتحقيق هذا الهدف وهي: [c1]اولاً : مجال ضمان الاستدامة البيئية:-[/c]* تفعيل قانون حماية البيئة وتطوير الأطر القانونية والتشريعية والإجرائية المتعلقة بحماية البيئة وحماية الأجناس البرية والبحرية المهددة بالانقراض وإدارة الموارد الطبيعية. *التوعية بالاستخدام المستدام للموارد الطبيعية والبيئية وبناء نظام حديث لمعلومات البيئية. * تقييم الأثر البيئي للمشروعات وتفعيل منظومة الإدارة البيئية للمنشآت الصناعية والمدن الصناعية ومحطات توليد الكهرباء وتطويرها بما يواكب أفضل الممارسات العالمية وتطبيق مبادئ وإجراءات الإنتاج الأفضل. * تطبيق اللوائح والتشريعات المتعلقة بالمحميات الطبيعية ورفع كفاءة إدارتها إضافة إلى تنفيذ الخطط الخاصة بإنشاء المحميات الطبيعية المقترحة. * التفكير الجاد في طرق توفير الوقود البديل في الأرياف بما يكفل ضمان عدم قطع الأشجار. * إقرار خطة وطنية لتشجير بما فيها عيد وطني للشجرة تقام فيه الفعاليات ويتم التشجيع على زراعة الأشجار في عموم اليمن. [c1]ثانياً : مجال توفير المياه المأمونة والصرف الصحي المحسن والسكن الآمن: [/c]* تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للمياه والعمل على تقليل نسبة استنزاف المياه الجوفية واستكمال تقييم المخزون المائي في الأحواض ومراقبة موارد المياه ورصد المؤشرات وتنمية الموارد المائية وتأهيل قطاعي الزراعة والمياه للاستفادة من مشاريع حصاد المياه والاستمطار الصناعي وتحلية المياه الجوفية المالحة. * تنظيم عمليات الحفر للآبار الارتوازية ووضع خارطة مائية للأحواض وبنك معلومات مائي. *استكمال الجانب المؤسسي بإعداد الهيكل التنظيمي واللائحة التنظيمية لوزارة المياه والبيئة والهيئة العامة لحماية البيئة. *زيادة إشراك المجتمعات المحلية في التخطيط والتقييم والمراقبة لإدارة الموارد المائية وتشجيع مشاركة القطاع الخاص والجمعيات التعاونية في مشاريع إمدادات المياه.* إعداد حصر شامل لأثر التغيرات المائية على قطاع المياه والقطاعات الأخرى ذات العلاقة. *تأمين موارد مالية كافية من اجل إقامة مشاريع الشرب الجديدة والاستمرار في استبدال شبكات المياه القديمة بشبكات جديدة خاصة تلك التي تعاني من التسرب.*رفع نسبة تغطية الصرف الصحي في الحضر والريف وزيادة نسبة معالجة مياه الصرف الصحي. * تخطيط مناطق حضرية وشبه حضرية جديدة وتشجيع الفرص الاستثمارية المدرة للدخل. * إعداد إستراتيجية وطنية لتطوير المدن لضمان تحقيق نمو مستدام في المدن الرئيسية والثانوية والمناطق المحيطة بها بما يتواءم مع المعايير البيئية.