وجود نائب لرئيس الجمهورية يتمتع بكافة الصلاحيات وفقا للدستور ،هي حالة دستورية تتفرد بها الجمهورية اليمنية عن بقية الدول العربية الأخرى التي تشهد أزمات تختلف فيما بينها من حيث الجهة المحركة والجهة الداعمة وكذا طريقة تعامل تلك السلطات مع الأحداث الجارية لديها . فتولي الأخ عبد ربه منصور هادي مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية لايحدث للمرة الأولى ، ولكنه يحدث هذه المرة في ظل متغيرات ومعطيات لعل أشدها محاولة اغتيال الأخ الرئيس وما نتج عنها من إصابات لحقت به وبكبار رجال الدولة جراء استهدافهم وهم يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النهدين بدار الرئاسة .اخطأ (المشترك) ومن يدور في فلكهم حين ظنوا قدرتهم على صنع شرخ بين الأخ النائب والقيادة السياسية متناسين تماما أن المناضل عبد ربه منصور هادي هو نائب رئيس الجمهورية ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وأمين عام المؤتمر الشعبي العام، بمعنى انه جزء مهم من السلطة ومن الشرعية الدستورية التي تنادي بها الجماهير ولا يمكن بأي حال من الأحوال تحييده أو جره إلى صف الخارجين عن شرعية النظام والقانون ، نعم يمكن التحاور والتشاور والالتقاء به لتقريب وجهات النظر ولتذويب المشاكل ، ولكن ضمن إطاره الدستوري باعتباره يقوم بمهام رئيس الجمهورية الى غاية عودته لأرض الوطن معافى سالما بإذن الله .إن ما قام به البعض من تجمهر واحتشاد قرب منزل الأخ النائب لهو أمر معيب، والمعيب فعلا أن يلعب البعض دورا مزدوجا فيلتقون بالأخ النائب أمام عدسات الكاميرات نهارا ويحشدون جماهيرهم للاعتصام أمام منزله ليلا ، في صورة مفضوحة جدا وتنم عن سذاجة في التعاطي السياسي ، فمن المفترض أن يترك الأخ النائب ليقوم بمهامه طالما أن هناك إجماعاً وقبولاً داخلياً وخارجياً على التعاطي البناء معه في حدود صلاحياته التي حددها القانون ، والرائع في الأخ النائب انه يعرف جيدا حدود الصلاحيات الممنوحة له وسوف يسخرها لإكمال ما قامت به القيادة السياسة في الفترة الماضية ،وخصوصا تلك المتعلقة باستعادة المباني الحكومية .الجميل في قيام الأخ النائب بمهام رئيس الجمهورية أن الجميع عرف أن البلاد تسير وفق اطر دستورية وهو ما دعا وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون إلى القول إن دستور الجمهورية اليمنية قوي وإنها ومعها المجتمع الدولي مجمعون على التعاطي مع الشأن اليمني من بابه الدستوري وليس من نافذة الانقلاب على الشرعية ، وهذا لم يكن ليحدث لولا اقتناع تلك الهيئات الدولية بأنه لا يمكن الانتقال الآمن والسلس للسلطة بتجاوز الأخ رئيس الجمهورية ، لان جوهر العملية الانتقالية بيده هو وليس بيد احد غيره ، ولو كانت بيد احد آخر لشاهدنا خيارات أخرى ، غير أن الواقع اثبت أنه رئيس منتخب وله شعبية كبيرة وفي ظل وجود معارضين أيضا ، لكن لا يمكن نقل السلطة إلا عبره فقط ، ولهذا فإن التحاور مع الأخ النائب شيء طيب ويسهل الطريق للخروج بتفاهمات مثمرة ولكن الكلمة الفصل هي للأخ رئيس الجمهورية .على الجميع الرفق بالأخ نائب رئيس الجمهورية وتسهيل مهامه التي كفلها الدستور، وطالما أن الأخ النائب يجمع عليه كل الأطراف السياسية، فلماذا لا يكون الحوار معه تهيئة حقيقية لتنقية الأجواء، ليأتي الأخ الرئيس من بعده ليكمل حلقة الاتفاق، التي ستقود بلا ريب إلى الانتقال السلمي للسلطة وفق الأطر الدستورية التي لم يناد بها الرئيس أو المؤتمر الشعبي العام أو أنصارهم فحسب ، بل أصبحت رغبة المجتمع الدولي بأكمله .إن ما حصل للأخ الرئيس في مسجد النهدين وردة فعله تجاه ذلك ، ينبغي أن يترك أثرا طيبا لدى نفوس المعارضين له لان الرجل اثبت للكل بأنه ليس دمويا ، فقد أوصى بالحوار وعدم إطلاق النار وتثبيت الهدنة وهو على فراش المرض اثر محاولة اغتياله ، بالله عليكم ولنكن منصفين أي رئيس سيدعو إلى ذلك ومازال - كما تقولون - أولاده وأقاربه مسيطرين على الجانب العسكري .الأكيد أن الحال سيختلف لو حصل هذا مع رئيس آخر وهنا تظهر معادن الرجال والسماحة والعفو عند المقدرة ، وللأمانة لو كان الذين يعادون الأخ الرئيس يعرفون انه غير متسامح لما تمادوا في طغيانهم ، ولخافوه إن كانوا يعرفون منه البطش والجبروت ولكنهم يعملون علم اليقين وقالوها بألسنتهم غير مرة بأنه رجل مسالم وغير دموي ، فحفظ الله الوطن وعافى الأخ الرئيس وجميع المصابين مما هم فيه وأعادهم إلى وطنهم سالمين .
أخبار متعلقة