بإمكان “أحمد الصوفي” المبالغة و الشطط لو أنه تحدث عن حلق الرئيس الذي يمسكه بيده اليمنى (!!) و كانت “الجزيرة” ستسأله و تحفزه : و لمَ لا تنزعه .. ؟!انسحاب “قطر” من مبادرة الخليج المقدمة لحل الأزمة في اليمن .. كان رداً عملياً على فخ سكرتير الرئيس صالح الجديد، و في هذا لم تجد “قطر” حرجاً من الانسحاب والتأكيد أنها على اضطلاع كامل بقيادة التظاهرات العنيفة التي توجهها حالياً أحزاب اللقاء المشترك المعارض بعد انتظار دام أربعة أشهر على مطالب إسقاط النظام في صنعاء دون جدوى .. انسحابها من مفاوضات الرياض أيضاً ، و من توقيعها على مبادرة الخليج الآن .. يوجه رسالة غاضبة إلى نظام صنعاء المستهدف عنوانها : سنتركك لقدرك !!.. هذا امر لم يرعب اليمنيين ، و كان سيكون كذلك لو أن السعودية هي أول المنسحبين .!!، لكن قطر و جزيرتها مارسا دوراً تضليلياً تجاه الشعب اليمني ، الذي يختلف معارضوه و حكامه على أشياء كثيرة و مصائر متعددة، إلا أنهم يتفقون على سوء نية “الجزيرة” خدمة لأغراض الفوضى الخلاقة !!.أحمد الصوفي من زاويته الذكية أذاق القناة الممولة من آبار الغاز القطري من الكأس عينه الذي أذاقته لعديد دول عربية ، فقد مارست دوراً تحريضياً مبالغاً فيه حين استأجرت كثيراً من المحللين و السياسيين و قادة الرأي العام .. و بدأت في تنقية شوائبهم و إضفاء الطابع البطولي على مسارهم العروبي المتحمس لقضايا رئيسية مثل القدس ، و الحرب على الإرهاب .طبعاً .. تسقط الشعوب أسيرة في يد اللاعب الأكثر مهارة و قوة .. لم يفق “مبارك” بعد من صدمة الجزيرة و مذيعتها التي اختلقت خبراً يقول إن ملايين الشباب المصري تحرك للزحف إلى قصره الجمهوري ، فسقط “مبارك” مدوياً .. لم يحتمل قسوة العبارات ، و ختام المآلات .. لكنه كان وفياً لحديثه مع الشباب و خرج بسهولة ، فيما نائبه الذي نسيه الشعب و الإعلام لم يسعفه بخروج أكثر هدوءاً و أقل كلفة .و الجزيرة أيضاً تركت هذا النائب المخابراتي عمداً .. و لم تستطع أن تبرر أشياءً كثيرة في تاريخ الرئيس السابق الذي تقدم بمهارة نحو تأسيس جمهوريته الفرعونية الخاصة ، وعمدت إلى تمثيل صور كثيرة ، و الاستفادة من صور أخرى قدمها لها النظام المصري كهدية لتدس فيها السم ، و تنزع عنه العسل (!!).حديث سكرتير الرئيس اليمني مع “الجزيرة” أحرجها كثيراً و أثبت صوابية الرجل القائمة على كشف مصادرها البلهاء التي تعتمد عليها لإشاعة فزع و فوضى لم تكن موجودة إلا بأجندة غرفتها الجهنمية المجهزة لدراسة طبائع الدول ومستوياتها و بالتالي تحقيق فرضية الشرق الأوسط الجديد والانقضاض على إرادة شعوبها و توجيهها بالقدر الذي يحقق مطامعها .. فاليوم تأتي “اليمن” كهدف استراتيجي يلحقه أذى متوقع للسعودية التي دفعت عبر رعايتها الكاملة لليمن إلى إخراج “قطر” من سباق المبادرة الخليجية و إثبات تدخل القطريين في رؤية الحل الراهن للأزمة اليمنية بقدر ما يحققونه من جهد سياسي مدعوم بتحرك إعلامي ضخم لمؤازرة أهدافهم المريبة .يعيدنا انتصار الصوفي الأكيد على “الجزيرة” إلى مشاهد شبيهة علقت بذاكرة الشعوب و تفردت بإعلانه ، و من ذلك صورة الرجل التونسي الشائب و هو يقول : هرمنا ..!!، و صوتٌ ليبي يستغيث : يا الله .. يا الله (!!) ، و في ربط موازٍ لما حدث مع “الصوفي” تطل الشكوك برأسها ، و تبرز إمكانية صناعة مثل هذه المشاهد التلفازية المؤثرة كسباً لتعاطف الملايين، و ضرباً لأنظمة يستغل فسادها و فقر أهلها لتحطيم ذواتهم وتنفيذ مآرب مميتة جعلت كبار مذيعي “الجزيرة” يغادرون مكتبها و يشهدون بما قضى على مصداقيتها التي تصارع الآن لإثباتها في الفراغ القاتل . وذلك عبر إسقاط دول إخرى كسوريا و اليمن ، و كسب معركة الرهان مع “ليبيا” التي لن يترك زعيمها الفاتح ثأره معها.الصوفي تعرض لتعنيف و إيذاء ممنهج من شباب تلقفوا روايته الصحيحة باستهجان لا مبرر له ، و قد أراد بهذا التصرف إثبات حقيقة أخرى تهمه هو و تحتاج لفهم أعمق و هي دلائل ما يدمر معايير الخبر في كتب الصحافة العديدة و يؤكد أن النزاهة المفترضة لأي وسيلة إعلامية يجب أن تكون علامة جودتها المستحقة ، و مجرد التنازل عنها .. تنازلٌ عن قيم أخرى ، و تعميق لحدود اليأس التي لا تعرف لها “الجزيرة” حدوداً سوى أنها تريد الفوضى .. و حلفاءها يريدون السلطة .. و لكن الله يفعل ما يريد .. و هو الموفق و المستعان .
أخبار متعلقة