من حق اللواء علي محسن والشيخ حميد الأحمر أن يطمحا للوصول إلى السلطة كما أن ذلك من حق كل يمني لكن هذا الطموح المشروع يجب أن يكون عبر طريق غير الطريق الذي اختاراه فالوصول للسلطة قد حدده اليمنيون في دستور صاغوه لأنفسهم وارتضوا به وتم الاستفتاء عليه من فئات الشعب اليمني بأكمله، وأجازوا فيه الطموح المشروع للوصول إلى السلطة لكل يمني، عبر انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة، ومن ينال ثقة اليمنيين، فهو صاحب الحق المشروع بإمساك زمام الحكم، وأي طريق آخر يعتبر التفافاً على الدستور ومخالفة للديمقراطية، واستلاباً لحق الشعب بطرق غير شرعية، وبالتالي من يتخذ هذا الطريق للوصول إلى السلطة، فهو حاكم غير شرعي، مهما ادعى أو اتهم السلطة الشرعية بالفساد، فالشعب وحده هو صاحب الحكم، وهو من يقرر من يستحق أن ينال ثقته، ومن هو الفاسد.إن الفساد الذي يقض مضاجع اليمنيين، والذي لا يمكن أن يرضاه من ينتمي لتراب هذا الوطن، لا يمكن للشيخ واللواء التبرؤ منه فهما جزء منه، وبالتالي فإن هذا الفساد، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتخذ كذريعة لهما للانقضاض على السلطة عبر الشارع، كما أنه لا يمكنها تحقيق أحلامها بالوصول إلى السلطة، عن طريق الشارع والفوضى والغوغائية ورفض أي حوار، لأن هذه الطرق غير شرعية ومرفوضة من قبل الشعب، ناهيك عن أنها قد تجر البلاد إلى مالا تحمد عقباه.هل يرضى الشيخ واللواء أن يتسلقا السلطة على جماجم اليمنيين؟ ليس لهما إلا هذا الطريق، إذا ما ذهبا قدماً في ما هما عليه، لأن الشعب اليمني الذي منح الثقة لسلطة دستورية وشرعية عبر الاقتراع الحر والمباشر، لن يرضيه ذلك ناهيك عن أنه لن يسلم بأن تسلب إرادته، وأن يحكمه من لا يثق فيه، إضافة إلى من يحاول الوصول إلى السلطة عبر طرق غير ديمقراطية، يكون قد ألغى الديمقراطية كمنجز عظيم ناضل اليمنيون من أجله طويلاً.يجب على سيادة الشيخ واللواء أن يدركا تماماً، أنهما ليسا محل رضا عند الشعب، بمن فيه الشباب المتواجدون في ما يسمى بساحات التغيير، وهذا واضح للعيان غير مخفي، ففي الساحات من يرفع صور جيفارا وعبدالناصر والرئيس الحمدي، وهؤلاء بلا شك لا يمكن أن يلتقوا لا بالفكر ولا بالهدف، مع الشيخ واللواء، إلا في حالة أن يتوجه الاثنان إلى طريق غير الطريق الذي يسيران فيه.ولو فرضنا أنهما قد أصبحا كذلك، فماذا عن الإصلاح الذي يعتبرهما ممن يحملون مبادئه، وهو المشهور بعدائه لليساريين على اختلاف مشاربهم.ولو فرضنا كذلك أن الإصلاح قد غير توجهاته، بما يتوافق مع الأحزاب اليسارية، فماذا عن الشعارات الدينية التي رفعها طويلاً، وماذا عن الفتاوى التي أصدرها بحق تلك الأحزاب، هل كانت مجرد شعارات عكس ما هي عليه حقيقة هذا الحزب؟أعتقد أنه لا هذا ولا ذاك، وما يربط بينهما فقط هو العداء للشرعية الدستورية، والحقد الأعمى على منجزات هذا الوطن الغالي، بل إن الاختلافات التي بينهما، لا يمكن إلا أن تذهب في خطين متوازيين من المستحيل لهما أن يلتقيا، وبالتالي فإن القوى الموجودة في ساحات الاعتصام، غير قادرة على قيادة البلاد في حالة - لا قدر الله - تسلمت الحكم.وكيف لنا أن نثق بأن تتسلم زمام السلطة قوى تتناقض تماماً بالأفكار والرؤى والمبادئ؟ خصوصاً أنها على قدر كبير من الاختلاف وهي لا زالت في ساحات الاعتصام.إذا ما يجري في الساحات هو مجرد استغلال بين القوى، هذا يستغل هذا للوصول إلى السلطة، وهذا يستغل هذا للانتقام وحسب، وذلك يستغل ذاك لغرض شخصي، ومثل هؤلاء لا يمكن لنا أن نأتمنهم على وطن، وعلى منجزات بنيناها بآلامنا ومن عرقنا وقوت أطفالنا.إن على الشعب اليمني أن يعض على وطنه ومنجزاته بالنواجذ، حتى لا يدمرها هؤلاء الذين نعرفهم تماماً، ونعرف ماذا يريدون، فهؤلاء لا يهمهم إلا الوصول إلى السلطة غير مبالين بالثمن الذي يمكن للشعب اليمني أن يدفعه.إنني أتمنى أن يخيب ظني فيما أظنه عن هؤلاء، وأن يتوجهوا إلى طاولة الحوار والحوار وحده، إذا ما أرادوا أن يخيب ظني، وليس لهم سبيل ليثبتوا وطنيتهم إلا بلجوئهم للحوار، الذي يمكن أن يعيد ترتيب البيت اليمني، ويضمد الجراح، وأن يختاروا طريق الانتخابات إذا ما أرادوا الوصول إلى السلطة.أما إذا ما أصروا على السير في ما هم فيه، فإنني أقول لهم هيهات أن تصلوا لغايتكم وستصطدمون بصخرة الشعب الصماء، الذي سيدافع عن منجزات ثورتي سبتمبر وأكتوبر.ثم إنني أسأل هؤلاء كيف يمكن لهم استثمار أموالهم، إذا ما أوصلونا إلى دوامة العنف - لا سمح الله - فالمفترض بهم أن يخشوا الانزلاق نحو هذا المجهول، إلا إذا كانوا قد أخرجوا ما نهبوه من ثروات الوطن إلى الخارج، وفي بنوك أوروبا، ولم يعد يهمهم إلى أين يذهب الوطن، وهذا أخوف ما أخاف منه، وما أريد أن يشعر به الشباب المعتصمون، بل إن ذلك غير مستبعد، لأنهم يخشون من وصولهم إلى السؤال المعروف، من أين لك هذا؟
على الشيخ واللواء أن يحسباها صح
أخبار متعلقة