من يراقب الأساليب التي ينتهجها حزب الإصلاح، في عمله التنظيمي، والعلاقة التي تربط بين أعضائه، أو حتى التركيبة الهيكلية له، سيجد أن هذا الحزب يميل أكثر إلى الحكم الشمولي، بل إلى الانغلاق ورفض الآخر مهما كان هذا الآخر متديناً وأكثر استقامة من أعضائه، إذا لم يكن هذا الآخر منضماً أو منضوياً في هذا الحزب، ومن يريد أن يتأكد من ذلك، فما عليه سوى مراقبة الأساليب التنظيمية التي يتبعها أعضاء هذا الحزب فيما بينهم، فمن النادر جداً أن يعقد أعضاؤه اجتماعاً تنظيمياً لمناقشة قضية من القضايا خارج الإطار السري، وإنما يتم التفاهم بين أعضائه من خلال الهمس والإشارة والتواصل من عضو إلى آخر وعلى مستوى الجمهورية.وليس هذا أسلوب الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة اليمنية كالمؤتمر مثلاً الذي تكون اجتماعاته مفتوحة، ولا يرفض حضور أحزاب أخرى هذه الاجتماعات، وذلك يدل على اختلاف الغاية، فغاية المؤتمر والأحزاب الأخرى هي الوطن وحسب، وليس هناك ما يخفونه ليجعلوا اجتماعاتهم سرية، فمن يتعامل بالحذر والسرية بواسطة الهمس والتشاور، هو التنظيمات التي تخشى أن يدرك الآخرون ماذا تخفي وما الذي تخطط له.إن من يتفحص هذه الأساليب عند الإصلاح، لن يجد لها إلا تفسيراً واحداً، وهو أن هذا الحزب لا يختلف عن الأحزاب الشمولية والفاشية، وإلا ما الذي يستحق أن يكون طي الكتمان، وبعيداً عن مرأى ومسامع الآخرين، إلا لو أن هذا الحزب يعد لشيء خطير لا يجب أن يحيط به إلا أعضاؤه المخلصون، وليس لذلك إلا تفسير هو أن هذا الحزب الذي يسمي نفسه (إصلاح)، يعد منذ فترة ليست بالقصيرة للانفراد بالحكم وبقميص الدين، لكي يسهل عليه استقطاب شريحة واسعة من المجتمع اليمني المحافظ الذي مازال أرضاً خصبة يسهل بذرها بالشعارات الدينية، غير مدرك تماماً أن خلف هذه الشعارات الدينية فاشية تختبئ وراء اللحى، وما أروع ما قاله الدكتور خاتمي الرئيس الإيراني الأسبق حين نبه قائلاً (إننا لن نستطيع حل مشاكل الأمة بإطلاق اللحى وعلينا أن نكون على حذر من الفاشية الدينية). إن من يتابع تعامل (الإصلاح) مع المجتمع ومع بعضهم، سيخلص إلى أن هذا الحزب وفي حالة تسلمه الحكم لن يقبل بالآخر، وسيحتكر ثروات الوطن على أعضائه، ومن يريد أن يتأكد فلينظر إلى توزيع (الإصلاح) للمساعدات الرمضانية بشكل سري على أعضائه فقط، غير عابئ بالفقراء الآخرين الذين لاينتمون إليه، عكس (المؤتمر) الذي توزع مساعداته في العلن وتذهب إلى الفقراء على اختلاف انتماءاتهم، ألا يكفي هذا الأسلوب لمعرفة ما سيكون عليه الإصلاح فيما لو تسلم الحكم؟!. إن هذا الحزب قد اتخذ أسلوب ( تمسكن حتى تتمكن)، فهو يتحين الفرص التي تعود عليه بالفائدة أينما يجدها، فنراه تارة يقف خلف (المؤتمر) ضد (الاشتراكي)، وتارة أخرى مع (الاشتراكي) ضد (المؤتمر)، ويصدر قادته فتوى هنا وفتوى هناك، فتوى يبيح بها القتل وفتوى أخرى يكفر بها من يريد، كما أنه قد أعد نفسه من خلال هذا الأسلوب المراوغ جيداً، حيث أنه يرفع راية العير في كل الحروب التي حصلت ويسلح نفسه تسليحاً جيداً يظهر النية التي يبيتها للانقضاض على السلطة، لو أن هذا الانقضاض لا يأتي إلا عن طريق المواجهة، وهو ما نراه اليوم في تهربهم من الحوارات، ومحاولتهم جر البلاد إلى مربع العنف، بواسطة المليشيات التي يمتلكونها والتي أعدوها جيداً. وما نراه اليوم من تصلب في مواقفهم، ومن استغلال لبراءة الشباب وتلويث أهدافهم النبيلة، ليس إلا جزاءً من الغاية التي سعى إليها هذا التنظيم عبر تاريخه.إن الفاشية التي يخفيها هذا الحزب خلف العمائم من السهولة بمكان قراءتها جيداً من قبل المواطن العادي، ولمن أراد معرفة ذلك فما عليه إلا أن ينظر إلى سلوكيات بعض أعضائه، فلأنه منضو ضمن هذا الحزب نراهم يلمعونه ويتلمسون له الأعذار التي تحسن صورته أمام المجتمع، بينما يوجد في الأحزاب الأخرى من هو أكثر استقامة من صفوة هذا الحزب، إلا أنهم ما يفتؤون يكيلون له التهم ويعملون على تشويه سمعته، لا لشيء وإنما لأنه ليس من حزبهم، أهناك فاشية أكثر من ذلك؟.إن ما أريد أن أوصله للقارئ الكريم، وخصوصاً الشباب هو أن هذا الحزب في حال تسلمه الحكم، لا يمكن أن تسود العدالة والتوزيع العادل للثروة، الذي يدعون إليه اليوم.وأنا هنا لا أبرئ الأحزاب الأخرى من العيوب، غير أن هذه الأحزاب بما يعتريها من عيوب، فيها أشياء جميلة، فهي تقبل الآخر ويقبلها، إلا أن الإصلاحيين يعطون صك الغفران لمن يريدون، ويرفعونه عمن لا يريدون ولا يحكمون فقط إلا بالانتماء الحزبي والانتماء فقط، فإذا لم تكن معهم فأنت ضدهم، وإذا عملت فأحسنت وأنت لست معهم فقد أسأت، وإذا ما أسأت وأنت معهم فقد أحسنت، فهل مثل هذا الحزب الفاشي جدير بأن يحكم البلاد والعباد؟ وأنا أترك الحكم هنا للقارئ وخصوصاً الشباب المنساقين وراءهم، والمستغلين من قبلهم.
فاشية جديدة بقميص ديني
أخبار متعلقة