تعاون الزوجين في الأعمال داخل المنزل
إعداد / أماني العسيري كثرت الأعباء العملية وتنوعت بتنوع المجالات التي تحدثها التطورات الهائلة للعصر الحديث وأصبح كل فرد يختص بما لديه من الأعمال المنوطة به ، حتى المرأة لم تستبعد عن هذا فهي أيضا أصبحت تسابق الرجل في الخوض في مختلف الأعمال والمهن ، ويمكن القول أن لكل من المرأة والرجل اهتمامات ومهناً قد تتساوى في بعض الأحيان ، لكن هل تظل مسؤولية الاهتمام بالمنزل والعائلة قائمة على عاتق المرأة وحدها ؟؟ .. كيف يكون التعامل بين المرأة والرجل في البيت في أعمال المنزل التي لا تنتهي وهي ما تعاني منه المرأة كثيرا وتشتكي ممارستها بشكل مستمر من دون انقطاع خاصة في ظل خروجها إلى ساحة العمل ما يدفعها إلى مطالبة الرجل بمساعدتها في بعض الأعمال داخل المنزل؟.إن مساعدة الرجل في أعمال البيت تظل محل جدال واسع ، فبعض الرجال يرون أن مثل هذه الأعمال تندرج ضمن مسؤوليات المرأة أو بمعنى آخر انها خاصة بالمرأة وقد جبلت عليها ، و لا يمكن أن يقبل بالمشاركة فيها وهو يعدها من الأمور غير اللائقة به وليست من اختصاصاته.ما أثارني لكتابة هذا الموضوع منطلقات عديدة واختلاف الآراء بين المؤيدة والرافضة رفضا قاطعا حتى الخوض فيه .. إن المشاركة بين الرجل وزوجته ليست طغيانا من المرأة ولاشيئاً تريد فرضه على الرجل من ناحية كما أن عمل الرجل داخل منزله لا يعد انتقاصا من خصائصه الرجولية أو يعد كسرا لصاحب السيادة . [c1]مساعدة الرجل لزوجته لها أجر عظيم عند الله [/c]إن اقتسام الأعمال داخل المنزل الصغير المبني على أساس المحبة والمودة والتضحية يقوي العلاقة الأسرية ، فالزواج هو شركة رأس مالها الحب والعطاء فلا ينبغي أن تدخل الأنانية عند احد منهما بمجرد اقتناعه بأن ليس عليه التدخل في أمور لا تعنيه أو أنها ليست من اختصاصه ، فذلك يحدث نقصا في التفاهم بينهما فهي عندما ترى انه لا يريد أن يمد يد المساعدة لها في بعض الأمور البسيطة التي تطلبها منه داخل البيت أو حتى الترفع عن القيام با بأموره الشخصية يخلق عندها الشعور بعدم الاهتمام من قبل زوجها وتتمثل القدوة الحسنة في سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يشارك أهله أعباء المنزل فكان يرتق ثوبه وينظف بيته ويعين أهله في كل شؤونهم ، كان يقول : ( استوصوا بالنساء خيراً)، وكان يقول: [c1]( أكرم كم أكرم كم لأهله).[/c]وقد أوصى الله سبحانه بضرورة المشاركة والتعاون بين الزوجين في شتى الأعمال الحياتية وليس فقط الأعمال المنزلية ، قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). فهذه الآية تحمل إشارة إلى أن النساء لهن حقّ على الرجال كذلك، ولا يجوز للزوج أن يتغاضى عن هذا الحق. فإذا ما راعى الرجل حقوق الله وضع الله في بيته المودة والرحمة، يقول تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) . وكذلك حث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الرجال على معاونة النساء مؤكدا أن مساعدة الرجل لزوجته لها أجر عظيم عند الله تعالى لأن هذا يشعر المرأة بمكانتها ويعطيها ثقة بالنفس وجاء ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «رفقا بالقوارير» مشيرا إلى حسن معاملة النساء والرفق والإحسان إليهن، وقوله : « ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان (أسيرات) عندكم»، وكان صلى الله عليه وسلم يساعد زوجاته في المنزل فكان لا يعتمد على زوجاته كلية في شؤونه الخاصة به ، فقد كان يخيط ثوبه ويخصف نعله.تكاتف الزوجين ينمي روح المشاركة عمل الرجل في البحث عن لقمة العيش وتوفيرها يتطلب منه الجهد الكبير في خارج البيت ولا يمكن لأحد أن ينكر مدى التعب والإرهاق الذي يجنيه من ذلك ، لهذا ولمساعدته في توفير هذه الحاجة تضطر المرأة للخروج إلى ساحة العمل والمشاركة في ضمان الاستقرار المعيشي للأسرة داخل المنزل . لذا فإن تكاثف الزوجين في تدبر متطلبات الحياة يساعد في توطيد العلاقة بينهما وينمي بذلك روح المشاركة في كل شيء واقتسام المهام بينهما بالرضا وليس بالفرض والإجبار، والزوج عندما يمد يد المساعدة لزوجته فهو يمثل بذلك المعنى الحقيقي للأخلاق الحميدة ، ويحطم صورة الأنانية والتحكم القهري الذي يخلقه صاحب السيادة .[c1]التعاون بين الزوجين يدفئ العلاقة بينهما [/c] قضاء الأعمال المنزلية يبعث على الدفء بين الزوجين وهذا ما أثبتته فعلا بعض الدراسات التي أكدت على أن التعاون بين الزوجين أمر ضروري .حيث أكد باحثون أن معظم النساء يحببن اضطلاع الزوج بنصيبه من الأعباء المنزلية وأن مشاركة الزوج في بعض أعمال المنزل مثل أعمال التنظيف ، يضفي جواً من السعادة على العلاقة الزوجية. وشرح أحد الخبراء بأن مقاسمة الأعباء المنزلية مناصفة بين الزوجين ، قد يضفي المزيد من الدفء على العلاقات الحميمة بين الزوجين . وفسر جوشوا كولمان العالم النفسي ومؤلف كتاب « الزوج الكسول: كيف يمكن دفع الرجال للقيام بالمزيد نحو رعاية الأطفال والأعباء المنزلية»، نظريته قائلاً: تنظر النساء لمشاركة الرجل في أعمال المنزل كتعبير عن الاهتمام والمحبة ، كما أن ذلك يخفف من إجهادهن الجسدي .»و أكدا قائلا : « الرجل قد يكون مجهداً بالكامل ويريد ممارسة الحب ليحصل على الاستقرار والسعادة ، إلا أن النساء مختلفات ، فالرغبة لديهن مرتبطة بالراحة ، ومن الصعوبة الإحساس بتلك المشاعر، إذا كانت هناك لائحة بالأعباء المنزلية المتوجب القيام بها ، وزوج غافل غير مهتم».