- إن المتأمل للأحداث التي تدور في وطننا الحبيب منذ ثلاثة أشهر والمتابع لما دار في تونس ومصر وما يدور في ليبيا وغيرها من الدول التي تشهد طلبا حثيثا (للتغيير) سيدرك أن المعطيات الداخلية والخارجية تختلف تماما سواء من حيث المطالب الأساسية أو الجهات التي تقود الى تحقيق تلك المطالب بوسائل مشروعة وغير مشروعة ، أو من حيث الكم والكيف للمؤيدين والمعارضين ، وبين هذا كله نظرة المجتمع الدولي بدءا بمحيطنا الخليجي والعربي مرورا بالموقف الأوروبي وانتهاء بالمواقف الأمريكية ، وسيدرك أن العالم كله ينظر إلى امن اليمن واستقراره أكثر من نظرتنا نحن أصحاب الشأن، وهذا يبرز خللا كبيرا في ما نريد الوصول إليه وما قد نفقده ونحن نسير نحو ذلك الشيء .- كلنا بات موقنا أن التغيير سيحصل رضي من رضي وأبى من أبى فتلك حتمية ولا يمكن التراجع عنها ، ولكن هل كلنا ندرك ما هو الثمن الذي قد ندفعه إن نحن اتجهنا نحو التغيير المنشود بطريق اعوج ، الأكيد أن الحماسة والتأثر والتقليد والاتباع والانقياد والترهيب والترغيب يحصل في كل الأطراف، كل تلك الأمور منفردة أو مجتمعة جعلتنا ننسى الأمن والسكينة والطمأنينة التي قد تضيع بين ثنايا المطالب وعندها سندخل في دوامة من الصراع - لا قدر الله - وسيكون همنا حينها أن نعيد الأمور إلى التوقيت السابق الذي نحن فيه ، وقد لا نستطيع العودة ونبقى نندب واقعا أليما صرنا فيه ومخرجا مشرفا ضيعناه، بمعنى أننا جميعا يمكن أن نصل إلى مبتغانا في التغيير بأقل الخسائر وبطريقة سنبقى نفاخر بها أمام العالم اجمع هذا إذا ما جعلنا نصب أعيننا مصلحة الوطن وجعلنا الحوار هو الطريق نحو تسليم واستلام السلطة وفق أطرنا الدستورية .- العالم كله من حولنا ينثر علينا المبادرات نثرا ويسوق إلينا الحلول سوقا ويسعى جاهدا لان يكون الحوار هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة لأنه أدرك الحال في اليمن من عدة زوايا، أولها أنها تختلف عن الدول الأخرى ففخامة الرئيس حفظه الله وحفظ معه اليمن أرضا وشعبا وهداه لما فيه خير البلاد والعباد له من المؤيدين ما لم يكن لرؤساء تلك الدول ومع ذلك فهو موافق على تسليم السلطة بطرق سلمية، وثانيها أن المعارضة هي من تقود الحملة للوصول إلى السلطة بعكس ما حدث عند الآخرين عندما لم يكن للمعارضة أي ظهور ،وثالثها أن الموازين العسكرية وان انشق بعضها بيد الدولة وهو ما قد يولد صراعا لا تعرف عواقبه ، ورابعها ان موقع اليمن مهم جدا باعتبار أنها تسيطر على باب المندب وأي زعزعة قد تكلف المحيط الإقليمي والعالم خسائر فادحة ، كل تلك المعطيات أجبرت الإخوة في الخليج والأصدقاء في أوروبا وأمريكا على أن يتعاطوا مع الأحداث من زاوية الحرص على امن واستقرار اليمن طبعا ليس من اجل سواد عيوننا ولا من اجل ثرواتنا المحدودة ، ولكن من اجل أمنهم واستقرارهم ، فلماذا لا نساعد أنفسنا بمساعدتهم لنا ولماذا لا نتعاطى مع مبادراتهم بروح مسئولة .- من المعيب ومن المخجل أن يكون الغريب احرص منا على سلامة وامن واستقرار وطننا ، حتى وان كانت أهدافه ليس محبة لنا ، ولكن بما أن مصالحه تجتمع مع مصلحتنا فمن الواجب سلطة ومعارضة أن نغلب صوت العقل ، وألا تتغلب علينا رغبة الانتصار على الآخر مهما كان ، فقد ينتصر احد الطرفين ولكن الوطن حينها سيكون هو الخاسر ، وما هو الوطن؟ هو هذا التراب الغالي وأنا وأنت ، وإذا ما خسرنا فمن الرابح إذا ؟.- مجلس التعاون الخليجي ، الجامعة العربية ، رابطة المؤتمر الإسلامي ، الاتحاد الأوروبي ، أمريكا وروسيا والصين ، مجلس الأمن ،كل تلك الهيئات والمنظمات لم تخرج مبادراتها عن إطار واحد (الحوار سبيل لاستلام وتسليم السلطة) أي أن العالم مجمع على انه لا سبيل ولا خيار أجدى وانفع لنا من الحوار لأنهم أدركوا خطورة الوضع وأيقنوا أن العواقب ستكون وخيمة ليس على اليمن وحده بل على العالم كله ، وحينها سيشترك الكل السلطة والمعارضة ، في جريمة ترك الحوار .- وأقول لإخواني الأعزاء وأخواتي العزيزات في ساحات التغيير فيكم من الحب لهذا الوطن ما في قلوب بقية إخوتكم من كل أنحاء اليمن وإلا لما خرجتم تحاربون الفساد ، ويكفيكم إنكم قدتم التغيير في بداياته ، ولكي يقر لكم الطرف الآخر بذلك فأقروا انتم له بحقه في اختيار من يشاء تماما كما لكم الحق في أن تختاروا من تشاؤون، ولكن إلى متى يظل هذا الحال على ما هو عليه ، بإمكانكم أن تقودوا انتم الجميع وان تجبروا الكل على الحوار لان في الحوار فقط تحقيق مطالبكم ، والتي هي الآن مطالب الجميع ولكن الفرق فقط في كيفية التنفيذ ، في الآلية التي ستخرجنا من هذا المأزق وكل منا قد نال مراده .[c1- باحث دكتوراه بالجزائر[email protected][/c]
العالم مع استقرار اليمن .. فمع من نحن؟
أخبار متعلقة