أضواء
استوقفني واستوقف الكثيرين أن أعداد المواطنين ؛ كما وردت في الإحصائية الأخيرة عن المركز الوطني للإحصاء ؛ لم تتغير منذ أكثر من خمس سنوات إلا بنسبة طفيفة جداً وصلت إلى حدود 11.4 %، وهي نسبة زيادة متواضعة قياساً بالوضع السكاني الذي نعانيه!! فقد سبق وقرأنا منذ سنوات أن نسبة المواطنين تصل إلى 12 %، وفي أحسن الأحوال 15 %، وهي نسبة لا تكاد تزيد عما ورد في الإحصاء الأخير، فهل هذا يعني أن الإماراتيين لا يتزايدون؟ أو أنهم يتزايدون بشكل بطيء جداً؟هناك فرضيتان الأولى أن المواطنين لا يتزايدون طبيعياً بالمعدل الطموح لدولة توفر قاعدة خدمات وحزمة تشجيعات مختلفة في مجال الأسرة والزواج، بمعنى أن الولادات والمواليد بين المواطنين قليلة جداً؛ ولذلك لا يطرأ تغير كبير أو ملحوظ في الأرقام والإحصاءات المتعلقة بهم، أما الفرضية الثانية فهي أن المواطنين يتزايدون في هذا البلد كبقية خلق الله، لكن الأسر لا تقدم بيانات صحيحة لموظفي التعداد السكاني لسبب أو لآخر، ربما يعود السبب إلى أن ما كان يعلن سابقاً من أرقام وإحصاءات كان مبنياً على تخمينات وأرقام غير دقيقة، أو من مصادر غير رسمية مثلاً تأتي من مراكز أبحاث ومجلات أجنبية، المهم أن هناك قضية سكانية ملفتة بحاجة إلى نقاش حقيقي.لماذا نلاحظ الزيادة غير الطبيعة للسكان “بالهجرة المؤقتة وغير المؤقتة”، بينما لا تظهر الزيادة الطبيعية للإماراتيين والتي تنتج عن زيادة أعداد المواليد، بالرغم من وجود واقع يؤكد ذلك، حيث الزيادة الملحوظة في الأحياء السكنية وفي موازنات صندوق الزواج وحفلات الأعراس الجماعية وموازنات القروض الخاصة بالإسكان.... إلخ، الأمر الذي يقود لتأسيس وبناء أسر إماراتية بشكل متزايد ما يعني بالضرورة زيادة في المواليد تضاف إلى معدلات الزيادة السكانية.في المحصلة النهائية، يبدو أن علينا الاعتراف بأننا نتزايد ببطء شديد لأسباب تعود للإماراتيين والإماراتيات بطبيعة الحال، ومن هذا الاعتراف ننطلق بحثاً عن حلول؛ لأن القضية في نهاية المطاف تتعلق بقرار سيادي، ولا نشك في أن صانع القرار سيتخذ منه موقفاً يحقق مصلحة وأمن البلد والمجتمع، على اعتبار أن المسألة السكانية هي أولاً وأخيراً مسألة أمن وطني، ونحن جميعاً معنيون بها ومطالبون بالعمل لتعزيزها والارتقاء بها، فالعامل السكاني أحد أهم عوامل القوة والاستقرار والرخاء والتناغم والانسجام الوطني، ما يعيد مجدداً فتح ملف السياسة الإنجابية وطرح حزمة الحلول مجدداً والمتمثلة في تشجيع الأسر على زيادة المواليد، وعدم الاكتفاء بواحد أو اثنين، وتوفير غطاء مادي يساعد على توفير تعليم جيد، ورعاية صحية متطورة، وقروض إسكان بسقوف أعلى و... إلخ، إضافة لمراجعة موضوع إجازة الأمومة للموظفة المواطنة وكذلك مراجعة مسألة التقاعد المبكر للمرأة المواطنة المتزوجة تحديدا والأم بشكل أكثر دقة مع زيادة المرتبات...إلخ.وهناك توجه تم طرحه على طاولات بحث رسمية وقنوات تشريعية فيما يتعلق بأبناء المواطنات من زيجات خليجية وعربية، فكثير من هؤلاء لم يحصلوا بعد على جنسية الدولة مع أنهم لا يعرفون وطناً آخر غير الإمارات، في الوقت الذي أثبتوا بتفوقهم وطول خدمتهم ولاءً حقيقياً للإمارات، ولقيادتها الرشيدة، أن الإسراع في تجنيس هؤلاء يمثل سياسة حكيمة على الأرجح وتصب في مصلحة تركيبة سكانية أكثر توازناً لمصلحة المواطنين.[c1]*عن صحيفة ( الاتحاد ) الإماراتية [/c]