الإستراتيجية العالمية لصحة المرأة والطفل.. خدمات صحية أساسية وتدخلات تنقذ الأرواح
عرض/ بشير الحزميتمثل الإستراتيجية العالمية لصحة المرأة والطفل الصادرة عن الأمم المتحدة في سبتمبر 2010م خطوة متقدمة من اجل توفير خدمات صحية أساسية وتدخلات تنقذ الأرواح وستساعد في اتخاذ خطوة مصيرية لتحسين صحة المرأة والطفل في جميع ربوع العالم.صحيفة (14 أكتوبر) ونظراً لأهمية هذه الإستراتيجية العالمية التي ستساعد القطاعات المعنية في بلادنا في تحقيق أهدافها نحو بلوغ أهداف الألفية وتحسين صحة الأم والطفل وتخفيض معدل وفيات الأمهات والأطفال من خلال الاسترشاد والعمل بما ورد فيها.. تستعرض أهم محتوياتها، فإلى التفاصيل :الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في توطئته للإستراتيجية قال: إن الملايين من النساء والأطفال يلقون نحبهم كل عام جراء أسباب يمكن اتقاؤها، وإن هذه الأعداد ليست مجرد إحصاءات إنما هي عبارة عن أناس من لحم ودم لهم أسماء يدعون بها ووجوه يعرفون بها، ومعاناة هؤلاء أمر لا يمكن قبوله ونحن في القرن الحادي والعشرين.وأضاف : يجب أن نبذل المزيد من الجهد لإنقاذ الرضيع الذي يسقط ضحية للعدوى لا لشيء سوى الافتقار إلى حقنة بسيطة، ومن أجل الأطفال الذين لم تتفتق كامل مواهبهم وإمكاناتهم بسبب سوء التغذية.مطالباً بصنع المزيد من أجل المراهقة التي تواجه حملاً غير مرغوب ومن أجل المرأة المتزوجة التي تبين أنها مصابة بعدوى فيروس الإيدز، ومن أجل الأم التي تواجه مضاعفات خطيرة نتيجة وضعها لحملها.. مؤكداً أن على الجميع أن يتخذ الآن خطوة مصيرية لتحسين صحة المرأة والطفل في جميع ربوع العالم إذ يعلم الجميع حق العلم والإجراءات التي يكتب لها التوفيق.وقال: لقد أحرزنا تقدماً ممتازاً في وقت وجيز في بعض البلدان والإجابة تكمن في تعزيز عزيمتنا الجماعية على ضمان حصول الجميع على الخدمات الصحية الأساسية وعلى التدخلات المنقذة للأرواح والتي تأكدت نجاعتها مع مواصلة عملنا على تقوية النظم الصحية، ومن تلك التدخلات تنظيم الأسرة وتأمين عملية وضع المرأة لحملها، وزيادة فرص الحصول على اللقاحات لأمراض الإيدز والملاريا والسل والالتهاب الرئوي وما إلى ذلك من الأمراض المنسية، ونحن نعلم أن الاحتياجات في هذا الصدد تختلف باختلاف البلدان وهي أيضاً تتوقف على الموارد والطاقات والقدرات المتاحة.وأوضح أن الحلول كثيراً ما تكون في غاية البساطة متمثلة في المياه النقية والاقتصار على الإرضاع من الثدي، وأساليب التغذية السليمة وتثقيف الناس بشأن كيفية اتقاء كل ما من شأنه أن يصيب الإنسان بالمرض.ولفت إلى أن الإستراتيجية العالمية لصحة المرأة والطفل تعين على التصدي لهذا التحدي دون مواربة إذ تبين المجالات الرئيسة والحاجة بشكل عاجل إلى رفد التمويل وتعزيز السياسة المتبعة وتحسين تقديم الخدمات والتي منها دعم الخطط الصحية القطرية وتأييدها بزيادة حجم الاستثمارات المستدامة التي يمكن التنبؤ بها، وتحقيق التكامل بين الخدمات المقدمة سواء كانت خدمات صحية أو تدخلات منقذة للأرواح حتى يتسنى للمرأة والطفل الاستفادة من الوقاية والعلاج والرعاية كلما وحيثما احتاجت، بما في ذلك قيام نظم صحية أقوى مع توفير ما يكفيها من عاملين صحيين مهرة في مستواها الأولي، وانتهاج أساليب ابتكارية حيال التمويل وتطوير المنتجات وتقديم الخدمات الصحية على نحو يتسم بالكفاءة، وتحسين عمليتي الرصد والتقييم ضماناً لمساءلة كل الأطراف الفاعلة من أجل تحقيق النتائج.وأعرب عن شكره للحجم الكبير من الحكومات والمنظمات الدولية والحكومية وغير الحكومية وللشركات والمؤسسات والفئات المناصرة من أسهم في وضع هذه الإستراتيجية العالمية.وقال إنها الخطوة الأولى على الطريق، وإن الجميع يملك الإمكانية لإحداث فارق ملموس بتطبيق هذه الخطة.ودعا الجميع إلى الإدلاء بدلو في هذا الصدد، لأن النجاح سيحالف الجميع عندما يتم تركيز الاهتمام والموارد على الناس لا على الأمراض التي يشكون منها، وعلى الصحة لا على المرض وسيكون ذلك بانتهاج السياسات الصحية وامتلاك ما يكفي من موارد توزع بالقسط وبعزيمة لا تلين على تقديم الخدمات لمن هم في أمس الحاجة إليها.[c1]خمسة أعوام على الموعد[/c]وفي مقدمة الإستراتيجية تمت الإشارة إلى أنه لم يعد أمامنا سوى خمسة أعوام على الموعد المحدد لإنجاز الأهداف الإنمائية للألفية، ويجب أن يكثف قادة العالم جهودهم الرامية إلى تحسين صحة المرأة والطفل، لأن العالم لم يتمكن من استثمار الموارد الكافية في صحة النساء والمراهقات والولدان والرضع والأطفال، فكانت النتيجة أن حدثت في كل سنة ملايين من الوفيات كان بالإمكان تجنبها، وكان تقدمنا نحو بلوغ الهدف الإنمائي الـ (5) تحسين صحة الأم - أقل من غيره.ومع ذلك فإن الفرصة مازالت سانحة لإحراز تقدم حقيقي ودائم، لأن قادة العالم أصبحوا يدركون أكثر فأكثر أن صحة المرأة والطفل هي أساس المضي قدماً صوب بلوغ جميع الأهداف الإنمائية.وهذه الإستراتيجية العالمية تقتضي من جميع الشركاء أن يوحدوا صفوفهم ويتخذوا إجراءاتهم بالتنسيق بينهم، ولكل منهم دور يؤديه سواء كانوا حكومات أو مجتمعات مدنية أو منظمات مجتمعية أو مانحين مؤسسات خيرية أو أمم متحدة أو غيرها من المنظمات المتعددة الأطراف أو بنوك التنمية أو القطاع الخاص أو العمالة الصحية أو الاتحادات المهنية أو الدوائر الأكاديمية أو دوائر البحوث، أي أن التقدم الحقيقي أمر في المتناول تماماً، بل وقد أحرز بالفعل في بعض أفقر بلدان العالم التي أفردت في برامجها الصحية أولوية عالية لصحة النساء والأطفال.ثم إن الابتكارات التي استحدث على التكنولوجيا والعلاج وتقديم الخدمات أصبحت تيسر تقديم الرعاية الأفضل والأنجح، كما أصبحت آليات التمويل سواء الجديدة أو القائمة من قبل، تجعل الرعاية أيسر كلفة وأسهل منالاً، وباستثمار المزيد من الموارد في هذه الجهود ستتحسن الأمور إلى حد كبير، ولقد أصبح عدد وفيات الأطفال يقل الآن بمعدل (12000) وفاة في اليوم عما كان عليه في عام 1990م.[c1]التركيز على الأضعف[/c]وتركز الإستراتيجية على الظروف الزمنية التي يشتد فيها ضعف النساء والأطفال، فخطر الوفاة يبلغ أشده في مداهمة الحوامل والوالدان عند الوضع وفي أولى ساعات وأيام الولدان، والمراهقات عرضة هن أيضاً للضعف ولابد من أن نضمن لهن بسيطرتهن على خيارات حياتهن ولاسيما على خصوبتهن، ومن هنا ينبغي التركيز على أضعف النساء والولدان وأبعدهم منالاً للخدمات، أي على أفقرهم، والمتعايشين مع الإيدز والعدوى بفيروسه، واليتامى، والسكان الأصليين، ومن يعيشون في منأى عن الخدمات الصحية.[c1]حق من حقوق الإنسان[/c]وقد أعدت هذه الإستراتيجية العالمية من منطلق الالتزامات التي قطعتها البلدان والجهات الشريكة على نفسها في عدة مناسبات ومنها برنامج العمل المتفق عليه في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة، والاستعراض الوزاري للصحة العالمية الذي نظمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، والدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة عن “صحة المرأة وصحة الطفل : استثمار لمستقبلنا المشترك”.والدورة الرابعة والخمسون للجنة وضع المرأة، وتستند هذه الإستراتيجية أيضاً إلى الالتزامات والجهود الوطنية ومنها خطة عمل مابوتو، وحملة التعجيل بالحد من وفيات الأمومة في أفريقيا، وإعلان مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2010 بشأن الإجراءات المطلوبة لصحة الأم والوليد والطفل.ولقد أصبحت صحة الأم والطفل حقاً من حقوق الإنسان الأساسية المعترف بها في عدة معاهدات مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل، وقد أصدر مجلس حقوق الإنسان هو أيضاً مؤخراً قراراً خاصاً بوفيات الأمومة.[c1]تدخلات وخدمات أساسية[/c]وذكرت الإستراتيجية العالمية أن النساء والأطفال بحاجة إلى مجموعة متكاملة من التدخلات والخدمات الأساسية تقدمها نظم صحية جيدة التشغيل وقد أحرزت بلدان كثيرة تقدماً في هذا المجال.وما يتعين عمله هو أن يتعاون جميع الشركاء من كثب في المجالات التالية وذلك تماشياً مع مبادئ إعلان باريس، ومنهاج عمل أكرا، وتوافق الآراء في مونتيري وهي خطط الصحة القطرية حيث يجب أن يدعم الشركاء الخطط الصحية الراهنة المحددة التكاليف التي تحسن الاستفادة من الخدمات وهذه الخطط تشمل الموارد البشرية، والتمويل، وتنفيذ مجموعة متكاملة من التدخلات، ورصد هذه التدخلات.[c1]صحة الأم والطفل وأهداف الألفية[/c]ولفتت الإستراتيجية العالمية إلى أن الهدفين الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية قد ركزا على صحة الأم والطفل ولكن صحة الأم والطفل حاضرة في جميع الأهداف الإنمائية حيث يتسبب الفقر في حالات حمل غير مقصود ويسهم في معدل الوفاة والمراضة المرتبطة بالحمل لدى المراهقات والنساء، أما ضعف التغذية فيسبب 35 % من وفيات الأطفال دون سن الخامسة، وفي التعليم لم تتحقق بعد المساواة بين الجنسين لأن البنات والنساء المتعلمات هن اللاتي بوسعهن أكثر من غيرهن تحسين مستقبل الأسرة، وتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين يحسن صحة المرأة والطفل لأنهما يزيدان الخيارات الإنجابية ويحدان من زواج الأطفال ويعالجان مسألة التمييز والعنف ضد المرأة، وبالنسبة للإيدز فإن الكثير من النساء والأطفال يموتون بسبب أمراض نملك وسائل الوقاية والعلاج منها، وفي ما يتعلق بالهدف الخاص باستدامة البيئة ومياه الشرب المأمونة فإن المياه القذرة وقلة الإصحاح يسببان أمراضاً عديدة خصوصاً لدى الحوامل، أما الهدف الثامن من أهداف الألفية فإنه لا غنى عن إقامة شراكة عالمية وتدبير القدر الكافي والفعال من المعونة والتمويل فضلاً عن التعاون مع القطاع الخاص لتوفير الأدوية وإتاحتها بكلفة ميسرة لصالح أشد الناس احتياجاً لها.[c1]مزيد من الأموال لصالح الصحة[/c]وأشارت الإستراتيجية العالمية لصحة الأم والطفل إلى أنه لو أتيحت الأموال المطلوبة سنوياً من عام 2011م إلى عام 2015م لأمكننا توسيع نطاق التدخلات المنقذة للأرواح توسيعاً كبيراً لصالح أكثر النساء والأطفال ضعفاً في أفقر البلدان وعددها 49 بلداً في عام 2015م وحده سوف يحصل 43 مليون مستفيد جديد على خدمات تنظيم الأسرة، وسوف تلد 19 مليون امرأة أخرى على يد قوابل ماهرات، وسوف يحصل 2.2 مليون وليد آخر على العلاج من الأمراض المعدية، وسوف يتغذى 21.9 مليون رضيع آخر على الإرضاع الطبيعي حصراً طوال أول ستة أشهر من العمر، وسوف يتم تمنيع 15.2 مليون طفل آخر تمنيعاً تاماً قبل انقضاء السنة الأولى من العمر، وسوف يحصل 117 مليون طفل آخر على الفيتامين “ألف” في المكملات التغذوية، وسوف يتمتع 40 مليون طفل آخر بالحماية من الالتهاب الرئوي، وسوف يحسن هذا التمويل بشدة البنى التحتية الصحية المتاحة لأفقر نساء وأطفال العالم، وسوف يسهم في عام 2015م في إنشاء 85000 مرفق صحي إضافي (بما فيها من مراكز صحية ومستشفيات بلدية وإقليمية)، وتخريج عدد إضافي يتراوح بين 2.5 مليون و 3.5 مليون عامل صحي (منهم العاملون الصحيون في المجتمعات المحلية، والممرضون والممرضات، والقوابل، والأطباء، والموظفون التقنيون والإداريون).[c1]سد الفجوة المالية[/c]وأشارت الإستراتيجية إلى أن كل بلد يحتاج إلى زيادة الاستثمار في قطاع الصحة لكي يبلغ الأهداف الإنمائية للألفية. وقد عمدت بلدان كثيرة منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل إلى زيادة استثماراتها لتغطي احتياجاتها وكل زيادة في الناتج المحلي الإجمالي تساعد على سد فجوة التمويل في بلدان كثيرة متوسطة الدخل بين عام 2011م و 2015م إذا خصصت هذه الزيادة للاستثمار في صحة الأم والطفل، أما أقل البلدان دخلاً، وعددها 49 بلداً، فليس لديها الموارد الكافية لإشباع احتياجاتها بنفسها.ولسد فجوة تمويل الصحة في هذه البلدان التسعة والأربعين الأقل دخلاً يجب أن تأتي الأموال الإضافية من المانحين التقليديين والمانحين الجدد والحكومات، ويجب على البلدان المرتفعة الدخل على وجه الخصوص أن تفي بتعهداتها الحالية، ويجب أن تنمو للبلدان التسعة والأربعين الأقل دخلاً أن تضمن نمو ناتجها المحلي الإجمالي لتشجع المزيد من الاستثمار في صحة الأم والطفل، وينبغي للبلدان الأخرى، المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل أن تواصل الاستثمار في قطاعها الصحي مستعينة في ذلك بالمساعدات الخارجية التي يقتضيها الأمر.[c1]المساءلة[/c]وذكرت الإستراتيجية العالمية بأن المساءلة أمر لا مناص منه فهو يضمن أن جميع الشركاء يفون بتعهداتهم، ويثبت كيف تتحول الإجراءات والاستثمارات إلى نتائج ملموسة وحصائل أفضل على الأجل الطويل ويعطينا فكرة عما هو مفيد وعما يحتاج إلى التحسين وعما يحتاج إلى المزيد من الانتباه، وتشمل المبادئ الرئيسية للمساءلة والتركيز على القيادة الوطنية وملكية النتائج، وتعزيز قدرة البلدان على الرصد والتقييم، وخفض عبء تقديم التقارير، وذلك بمواءمة الجهود مع النظم التي تستخدمها البلدان لرصد وتقييم إستراتيجياتها الصحية الوطنية، تعزيز وتنسيق الآليات الدولية الراهنة التي تتابع مدى التقدم المحرز في الوفاء بجميع التعهدات.[c1]الكل له دور[/c]وأوضحت الإستراتيجية العالمية لصحة الأم والطفل أن كلاً منا له دور حاسم يتعين أن يؤديه لتحسين صحة الأم والطفل في العالم ويجب على الحكومات وراسمي السياسات على المستوى المحلي والوطني والعالمي وعلى البلدان والمؤسسات الخيرة العالمية والأمم المتحدة وسائر المنظمات المتعددة الأطراف والمجتمع المدني ودوائر الأعمال التجارية والعاملين في مجال الرعاية الصحية، المؤسسات الجامعية والبحثية القيام بما هو مناط بها من أدوار وفق ما حددته الإستراتيجية.[c1]تطلعات[/c]وقد اعتبرت هذه الإستراتيجية العالمية خطوة مهمة صوب تحسين صحة المرأة والطفل في العالم. ويجب تحويلها بسرعة إلى إجراءات ملموسة ونتائج كبيرة، ويجب على جميع الأطراف أن تعهد تعهدات ملموسة بتعزيز التمويل وتوطيد السياسات العامة وتحسين تقديم الخدمات.وبانضمام جميع الأطراف الفاعلة إلى هذا الجهد المتضافر سوف نزيل عن ملاين الناس المعاناة التي لا داعي لها ونحولها إلى صحة وأمل.