طيلة الأيام الماضية وأحزاب اللقاء المشترك تشيع بين الناس بصورة أو بأخرى أن قضية التغيير التي تطالب بها قد أسقطت مطالب الانفصال عند الحراك وأنها - أحزاب المشترك - على تنسيق تام مع الحراك في هذه المسألة .. والحقيقة لقد سمعت هذا الطرح من كثير من أعضاء المشترك ومن بينهم أولئك الذين يطرقون أبواب المنازل من الرجال والنساء ليقنعوا الناس بتأييد مطالبهم في التغيير من أجل بقاء الوحدة، ناهيك عما ينشر في صحف المعارضة في سياق الترويج لحوار الشوارع بدلاً من الحوار المسئول. ولكن بعد حوار (العطاس) الأخير في برنامج “في الصميم” لقناة (BBC) تتضح الحقيقة التي لا تخالطها الظنون بأن الحراك في الداخل والخارج لم يعد يؤمن بالوحدة لا من قبل التغيير ولا من بعده, وبذلك ينفي كل تسريبات المشترك حول وجود تنسيق يضمن بقاء الوحدة من وجهة نظرهم، وأن كل ما يردده المشترك في هذا السياق ليس سوى ورقة سياسية لتضليل الشارع اليمني الحريص على بقاء الوحدة مهما كان الثمن. ومن المهم هنا أن نشير إلى كلام العطاس الذي كان واضحاً عندما سأله المذيع عن حكاية الفيدرالية التي يدعو لها العطاس, فكان جوابه بأن الفيدرالية بالنسبة لهم هي مرحلة انتقالية للوصول إلى دولتين مستقلتين, والكلام هنا لا يقبل التأويل. أما عن سقوط مطالب الانفصال في حال حدوث تغيير فقد أصر على بقاء ما أسماها بالقضية الجنوبية ولم يُبقِ على احتمالية القبول بالوحدة شيئاً يذكر, والعطاس لا يتحدث عن نفسه فقط لكنه يتحدث عن الحراك الجنوبي الذي قال إنه على تواصل وتنسيق معه وإنه المحرك له. ما يهمنا في حديث العطاس كمواطنين يمنيين هو كشف التضليل الذي تمارسه بعض القوى السياسية ولو بواسطة أعضائها المعتصمين في الشوارع بأنهم بما يفعلون سوف يحافظون على الوحدة التي هي في حقيقة الأمر مهددة بما يجري اليوم في الشوارع؛ إذ إن هذه الأحداث والحوارات الشوارعية سوف تلقي بتبعاتها الخطرة على الوحدة أولاً لأن هناك من ينتظر الفرصة المناسبة للإعلان عن مشروعه المتمثل بالانفصال وإن سموه بفك الارتباط. اليوم نحن أمام مشهد خطير للغاية يقوم على التضليل وعلى تزييف وعي الناس بأن التغيير ينطوي على مصالح عظيمة على خلاف الواقع الذي يرى غير ذلك .. هذا الأمر يضعنا أمام خيارين, الأول يتمثل في خداع الحراك لأحزاب اللقاء المشترك بأنه أسقط خيار الانفصال, والثاني هو أن المشترك يتوهم ذلك أو أنه يكذب على الناس لإقناعهم في الانضمام إلى مظاهراته واحتجاجاته من أجل هدف آني دون حساب لنتائج ما يفعلون ولما يطالبون به خارج الطرق المعتمدة للتداول السلمي للسلطة. قضية التقاط الفرصة التاريخية التي حثهم عليها العطاس ويحثون أنفسهم عليها ربما أنها أعمت الأبصار والبصائر ودفعتهم لتعطيل محركات الحوار السياسي الذي لا مفر منه ولا مناص، وسوف يجدون أنفسهم بحاجة ماسة للحوار الذي يفرون منه اليوم. نعلم جميعاً أن الذين هم على خلاف مع السلطة لحسابات مختلفة يستغلون اللحظة الراهنة بما تشهده من أحداث إقليمية لتصفية حساباتهم دون أدنى اعتبار لنتائج هذا النوع من تصفية الحسابات وما قد ينتج عن عملية الخلط بين السلطة والوطن من كوارث, ومع كل ما قد بدا ويبدو مازال الأمل كبيراً في عودة الرشد لكل الأطراف وهو الضمان الوحيد لسلامة الجميع
هكذا يضلّلون الناس !!
أخبار متعلقة