المرأة العاملة .. إمكانية التوفيق بين العمل والعائلة
عرض/محمد فؤادصاحبة شركة وبرفقتها ابنها طموح النجاح؟ تحقيق الذات في العمل أم الأسرة؟ الأطفال أم تحقيق الأهداف الشخصية؟ أسئلة تطرحها على نفسها كل امرأة دخلت مشوارها المهني وقررت مع شريك حياتها التوفيق بين الأسرة والمشوار المهني، قرار ليس بالسهل اتخاذه.لم يكن في الماضي بديهياً في أوروبا أن تذهب المرأة للعمل خارج البيت، ويمكن القول إن النساء العاملات كن بالفعل نادرات في ساحات العمل في أوروبا اجمالا. مع بداية القرن العشرين دخلت المرأة طريق التحرر وخرجت من عزلتها في المنزل لتشارك الرجل عمله في المعامل والشركات والمدارس وغيرها. لكن القفزة الرئيسية حدثت أثناء الحرب العالمية الثانية عندما كانت المعامل الصناعية بحاجة ماسة إلى القوى العاملة بسبب نقص تلك القوى من الرجال بسبب الحرب. وتزامناً مع مباشرة المرأة العمل أصبح هناك تركيز على تعليم المرأة ومكافحة أميتها، وهكذا ارتفع المستوى التعليمي عندها وأصبح الوعي يؤدي دوراً مهما لديها، وتعزز عندها بعد أن انفتح أمامها مجال التعليم وأصبح بمقدورها الدراسة في الجامعة. [c1] الازدهار الاقتصادي وتطور المرأة[/c]إن دخول المرأة الأوروبية مجالات العمل ساعد على استقلاليتها من الناحية الاقتصادية، لكن هذه الاستقلالية بقيت تواجه صعوبات ضخمة أهمها التصور العام لدى غالبية أفراد المجتمع بعدم ضرورة عمل المرأة خارج حدود أسرتها. الا أن الازدهار الاقتصادي الهائل في أوروبا الغربية بشكل عام وفي ألمانيا بشكل خاص بعد الحرب العالمية الثانية ساعد المرأة على التحرر أكثر فأكثر. ومكنها من تعزيز استقلاليتها الاقتصادية ورفع ثقتها بنفسها. لكن على الرغم من هذا النجاح الذي حققته المرأة بقدرتها على ممارسة مهنتها وبتحقيق بعض أهدافها الشخصية، لا تزال مصاعب كثيرة تواجهها داخل الأسرة وداخل سوق العمل أيضاً، لان الأجور لا تزال حتى الآن غير متساوية بينها وبين الرجل في كثير من القطاعات، على الرغم من أن الوظائف التي يقوم بها الرجل والمرأة هي ذاتها.[c1]التوفيق بين المهنة والأسرة[/c]يمكن القول إن الواجبات المنزلية لا تزال حتى الآن تُعد من مهام المرأة عند معظم الأسر في ألمانيا، ويعود السبب في ذلك إلى عدم استعداد الكثير من الرجال لتخفيف الأعباء المنزلية على شريكات حياتهم لتصورات قديمة وتقاليد محافظة ورثوها عن التركيبة الاجتماعية السابقة، وهذا ما يقف عائقاً امام طموح المرأة لتحقيق إنجازات أعلى في مشوارها المهني. ويجبر هذا الوضع نساء عديدات يطمحن للوصول إلى مراكز عالية على الاختيار بين أمرين: إما الأسرة والأطفال أو المشوار المهني. التوفيق بين الامرين ممكن لكنه يتحقق عادة على حساب المرأة، لأن نسبة عالية من الرجال غير مستعدة لتحمل مسؤولية القيام ببعض الواجبات المنزلية. ويعلل ذلك غالباً بأن الرجل ليست لديه الكفاءة في تربية الأطفال، مع أن تجارب عديدة أثبتت أن الأب قادر على رعاية أطفاله إن اراد ذلك حقا. عندما لا ينجح الطرفان في التنسيق والتوفيق بين عملهما وتدبير الأمور المنزلية، تضطر أكثر النسوة الطامحات إلى النجاح في مشوارهن المهني إلى التخلي عن إنجاب الأطفال كي يستطعن تحقيق ما يصبون إليه. هذا الوضع يترك بالطبع انعكاسات سلبية على المجتمع الألماني الذي اصبح يوصف „بالمجتمع الفردي»، وذلك لتراجع معدل الولادات وتفكك الأسرة كنواة أساسية في المجتمع، حيث بلغت نسبة الولادات في عام 2004 إلى 1,4 بالمائة بينما تبلغ النسبة في أكثر البلاد العربية 4 % تقريباً.[c1]الكفاح على جبهتين[/c] تكافح النساء العاملات على جبهتين: الجبهة الأولى في الأسرة بإقناع الرجل بأخذ جزء من الواجبات المنزلية لتخفيف العبء عليها، والثانية في مكان العمل لإثبات حقها في الحصول على نفس أجر الرجل للعمل نفسه. وتكافح المرأة الاوروبية ايضا من أجل إلغاء كل التصورات التقليدية القديمة التي تقول إن النساء غير قادرات على أداء المهام التي يقوم بها الرجال. وهناك مشكلة أخرى تواجه المرأة في اوروبا وهي عدم حصولهن على وظيفة فقط لان أرباب العمل يخشون من انجاب المرأة يوما للاطفال وبالتالي اضطرارها لاخذ اجازة أمومة. ومن المعروف أن القوانين الالمانية تجبر أرباب العمل على اعادة المرأة الام الى وظيفتها بعد مرور سنتين من حصولها على الاجازة. وهذا بدوره يجعل ارباب العمل يترددون في توظيف المرأة. [c1]المرأة العاملة في البلاد العربية[/c]لا يمكن تقديم صورة واضحة وموحدة عن وضع المرأة العاملة في كل العالم العربي، فعلى سبيل المثال لا الحصر تراوح عدد القوى العاملة من النساء في لبنان ومصر والمغرب وتونس بين 21% إلى 29%، بينما كانت النسبة في دول الخليج كعمان والأمارات العربية المتحدة أقل بكثير ووصلت إلى 12 % و9 % ، الا ان هذه النسب تبقى أقل بكثير من نظيرتها في ألمانيا ومعظم الدول الأوروبية. وتعد التقاليد الرافضة لعمل المرأة وارتفاع نسبة الولادات وانخفاض فرص العمل وانتشار الأمية من الأسباب الرئيسية لاضمحلال دور المراة في أسواق العمل في العالم العربي. إضافة إلى ذلك ترفض نسبة كبيرة من الرجال عمل المرأة بشكل عام وكذلك بأن يقوم الرجال ببعض الواجبات المنزلية لأسباب يعتبرها بعضهم أنها تحط من شأنهم ولا تتطابق مع تصوراتهم. لكن يمكن القول إن الأسرة في البلاد العربية أكثر استقراراً وتشكل البنية الرئيسية للمجتمع هناك كونه مجتمعاً جماعياً لا يغلب عليه الطابع الفردي المتواجد في معظم المجتمعات الغربية، هذا هو الدور الرئيسي للأسرة وقد يكون هذا أمراً رئيسياً ومهماً للكثيرين في البلاد العربية.