عرض/ دنيا هانييحتفل في الثامن من مارس من كل عام باليوم العالمي للمرأة، فهذا اليوم يخص كل النساء في العالم وهو يعبر عن قصة المرأة صانعة التاريخ على امتداد القرون الماضية من أجل المشاركة في المجتمع على قدرمن المساواة مع الرجل وصناعة السلام، حيث حققت المرأة حضوراً بارزاً ومتميزاً في العديد من القطاعات المختلفة وتجاوزت العادي والمألوف إلى الإبداع الإنساني. ويبحث قضاياهن المختلفة بصورة عامة، والمرأة العربية تحتفل به كونها جزءاً من المنظومة النسائية العالمية. وليس ثمة ما يحول دون الاحتفال به على المستوى العربي عامة، واليمني خاصة.فالمرأة هي الأم وهي الزوجة والأخت والابنة التي بدونها لا تكون الأسرة ولا يكون المجتمع. وهي أيضاً زميلة العمل التي تشارك الرجل في بناء المجتمع والوطن, وهي نصف المجتمع العربي والعالمي. ولو أردنا إكرامها، لهيأنا لها الظروف التي تجعلها تتمتع بالحقوق التي منحها لها الله سبحانه وهذه هي المساواة الحقيقية, فكما للرجل والمرأة واجبات فان لهم حقوقا أيضاً.ولا أحد ينكر أن المرأة العربية قد حققت إنجازات ومكاسب كثيرة في العديد من المجالات, كالتعليم والثقافة والتنمية والوعي العام ، وتطوير المجتمع. إذ لولا هذه الإنجازات لظلت المرأة العربية حبيسة جدران التخلف التي كانت مفروضة عليها ردحاً من الزمن، وتحديداً في ما يخص الحقوق السياسية كحقها في تقلد المناصب السياسية في مؤسسات السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. فنضال المرأة هنا مشروع ويفترض ألا يعترض عليه أي معترض. فالمرأة تشارك الرجل مشاركة فعالة في جميع ميادين الحياة. وصحيح أن النساء يتمتعن بتحسن نسبي في ظروف حياتهن نتيجة نضالات نسائية وعمالية تاريخية ونتيجة التقدم العلمي والتكنولوجي، لكن المرأة ما زالت تواصل النضال من اجل حريتها [c1] نساء صنعن تاريخ بلادهن[/c]وفي لمحة تاريخية عن المرأة بشكل عام نرى أنها استطاعت أن تثبت حضورها إلى جانب الرجل في نضالها ضد الاستعمار والظلم، كما أولت القيادة السياسية اهتماماً كبيراً لتمكين المرأة من أخذ دورها الريادي الفعال في بناء المجتمع ودخولها مختلف الميادين التي مهدت لتسلمها المناصب القيادية والنقابية والسياسية.وروزا باركس التي كانت في الثانية والأربعين وتعمل خياطة قد أسهمت في صنع تاريخ الولايات المتحدة. ففي الأول من ديسمبر بداية الستينيات كانت السيدة باركس تجلس في حافلة في بلدة مونتجومري عندما طالبها رجل أبيض بإخلاء مقعدها له. وقد رفضت السيدة باركس، وتمردت على القواعد التي تفرض على السود إخلاء مقاعدهم والتنازل عنها للركاب البيض. وانتهى الأمر بالقبض عليها وتغريمها 14 دولاراً.وفي حديث لها عام 1992 قالت السيدة باركس عن احتجاجها الشهير: السبب الحقيقي وراء عدم وقوفي في الحافلة وتركي مقعدي هو أنني شعرت بأن لدي الحق أن أعامل كأي راكب آخر على متن الحافلة، فقد عانينا من تلك المعاملة غير العادلة لسنوات طويلة. ونتيجة عملها هذا فقد كانت الاحتجاجات بداية لإلغاء التمييز بين المواطنين على أساس اللون في وسائل النقل. ووصلت الذروة في عام 1964م بصدور قانون الحريات المدنية الذي حرم التمييز على أساس العرق في الولايات المتحدة.أما في اليونان القديمة قادت ليسستراتا إضراباً من أجل إنهاء الحرب وخلال الثورة الفرنسية، نظمت نساء باريس الداعيات إلى (الحرية والإخاء والمساواة) مسيرة إلى قصر فرساي مطالبات بحق المرأة في الاقتراع. وحظي أول يوم للمرأة الذي تم الاحتفال به في 23 /2 /1909م بنجاح كبير، فقد خرجت مظاهرات نسائية ضخمة في المدن الأمريكية الكبيرة وشاركت فيها نساء من الطبقة العاملة والطبقات الوسطى، اشتراكيات وغير اشتراكيات. وبرزت بين المشاركات في المهرجان في نيويورك مثلا، لينورا اورايلي من (اتحاد النقابات النسائية) التي ساهمت في تنظيم نقابات نسائية.وبعدها ظهرت فكرة اليوم الدولي للمرأة لأول مرة في كوبنهاجن في 19 مارس 1910م وتم الاحتفال به في عدد من الدول الأوروبية حيث شارك ما يزيد على مليون امرأة في الاحتفالات. طالبت فيها النساء بالحق في العمل و الحق في التصويت والتدريب المهني وإنهاء التمييز في العمل.ولأن طبيعة المرأة تميل إلى السلام أخذت حركة السلام في الظهور عشية الحرب العالمية الأولى، واحتفلت المرأة الروسية باليوم الدولي للمرأة لأول مرة في فبراير 1913م. وفي الأماكن الأخرى من أوروبا نظمت المرأة في 8 مارس من السنة التالية، تجمعات حاشدة للاحتجاج ضد الحرب أو للتعبير عن التضامن مع أخواتهن.وفي عام 1917م منيت روسيا بخسائر كبيرة في الحرب، بلغت مليوني جندي، فنظمت المرأة الروسية من جديد إضراباً من أجل (الخبز والسلام). و عارض الزعماء السياسيون موعد الإضراب غير أن ذلك لم يثن النساء عن المضي في إضرابهن.واجبر القيصر بعد أربعة أيام على التسليم، ومنحت الحكومة المؤقتة المرأة حقها في التصويت. ووافق هذا يوم 25 فبراير من التقويم اليوليوسي المتبع آنذاك في روسيا، والذي وافق يوم 8 مارس من التقويم الجريجوري المتبع في دول أخرى. ومنذ السنوات الأولى أخذ اليوم الدولي للمرأة بعداً عالمياً جديداً وساعدت الحركة النسائية الدولية المتنامية التي عززتها أربعة مؤتمرات عالمية عقدتها الأمم المتحدة بشأن المرأة، على جعل الاحتفال فرصة لحشد الجهود المتضافرة للمطالبة بحقوق المرأة ومشاركتها في الشئون السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأصبح اليوم الدولي للمرأة فرصة لتقييم التقدم الذي أحرزته المرأة، والدعوة إلى التغير والاحتفال بما أنجزته المرأة العادية بفضل شجاعتها وتصميمها في تاريخ حقوق المرأة.ثم جاء ميثاق الأمم المتحدة الذي وقع في سان فرانسيسكو في عام 1945م وكان أول اتفاق دولي يعلن المساواة بين الجنسين كحق أساسي من حقوق الإنسان، ومنذ ذلك الوقت، ساعدت المنظمة على وضع مجموعة تاريخية من الاستراتيجيات والبرامج والأهداف المتفق عليها دولياً بهدف النهوض بوضع المرأة في العالم.واتخذ عمل الأمم المتحدة من أجل النهوض بالمرأة أربعة اتجاهات هي: تعزيز التدابير القانونية وحشد الرأي العام والعمل الدولي والتدريب والبحث بما في ذلك جمع الإحصاءات المصنفة بحسب نوع الجنس وتقديم المساعدة المباشرة إلى المجموعات المحرومة. واليوم أصبح عمل الأمم المتحدة يستند إلى مبدأ تنظيمي رئيسي يقول بأنه لا يمكن التوصل إلى حل دائم لأكثر المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية خطراً إلا بمشاركة المرأة وتمكينها الكاملين على الصعيد العالمي.وفي الدول العربية تعتبر النساء اللواتي تعلمن أو دخلن سوق العمل ورفعن صوت المرأة المظلومة وتأطرن في حركات نسائية، أقلية صغيرة وينتمي معظمهن للطبقات الوسطى، الأمر الذي يعني أن الحركات النسائية في العالم العربي تفتقد امتداداتها بين الأغلبية الساحقة من النساء اللواتي بقين معزولات في بيوتهن دون أفق للتغيير. في هذا الوضع يصبح دور هذه الحركات إعلامياً أكثر منه عملياً الأمر الذي يفسر محدودية مكاسبها. وتزيد من هذه المحدودية طبيعة الأنظمة العربية فعلى سبيل المثال اضطرت الدكتورة نوال السعداوي، الباحثة النسوية المعروفة، إلى ترك بلدها مصر واللجوء إلى أمريكا، بسبب ملاحقات النظام.فأصبح المجتمع الدولي للمرأة يدرك أن غياب المرأة عن دوائر صنع القرار يعرقل الجهود المبذولة لمنع الصراعات كما يعوق صنع السلام وحفظه.وفي يوم المرأة العالمي، نتمنى أن يكون للمرأة العربية يوم عربي على الأجندة العربية، تكرس فيه فعاليات مساندة لكفاح المرأة الذي يجب أن يشارك الرجل فيه، بغية رفع مستواها في كافة النواحي، ولجعل احترام حقوقها ومكانتها ثقافة تسود المجتمعات العربية وبرغم أن عالمنا العربي يعاني من أزمات اقتصادية وتفشي البطالة والفقر وارتفاع نسبة الأمية، وذلك يشكل حاجزاً كبيراً أمام المرأة. إلا أن المرأة العربية قادرة على أن تصنع تاريخ بلادها يشهد عليه العالم وتعمل على صنع انجازات لنهضة شعبها للأعلى فمن خلاله يمكن أن تلعب المرأة دورها كعنصر فعال..
|
ومجتمع
تاريخ الاحتفال بيوم المرأة العالمي
أخبار متعلقة